اسرائيل اليوم – حياة فرقة ..!!

حجم الخط

اسرائيل اليوم – بقلم  يوآف ليمور

 

فرقة يهودا والسامرة أجرت الاسبوع الماضي مناورتها السنوية. كما هو دوما، كانت السيناريوهات التي تدربت عليها متطرفة: من الانتقال الى الطواريء الذي يستوجب سيطرة سريعة على مناطق الضفة، و¬حتى التصدي لعمليات اختطاف معقدة.

بخلاف المناورات السابقة، كان هذه المرة لدى المشاركين احساس بان بعض الامور التي تدربوا عليها من شأنها أن تحصل في الواقع. لا يوجد مؤشر على شيء ما محدد. فلو كان كهذا لكان احبط – لكن ربط جملة المؤشرات والنظرة الواعية للمستقبل يفيدان بان المنطقة توشك على التغيير وليس بالضرورة ايجابات. او كما أجمل ذلك قائد الفرقة المنصرف، العميد ينيف الالوف: “نحن نوجد في بداية عصر جديد، مقدمته تكتب هذه الايام”. 

الحدث الدراماتيكي هو فقدان قدرة الحكم المتواصل للسلطة الفلسطينية. ويجد هذا تعبيره تقريبا في كل يوم، في كل جبهة. من الارتفاع في الجريمة الجنائية (بما في ذلك المخدرات، الخاوة وتجارة السلاح)، وحتى الانخفاض في كمية الاعتقالات لرجال حماس والتي تنفذها أجهزة امن السلطة. والنتيجة هي أن العناصر السلبية في الميدان ترفع الرأس. في بعض من المناطق في الضفة هؤلاء هم  المجرمون، وفي اخرى – محافل الارهاب. 

في بداية الشهر توفي واحد من كبار رجالات حماس في شمال السامرة بالكورونا. تحولت جنازته الى استعراض قوة جماهيري للتنظيم، بما في ذلك رفع الاعلام والاستفزاز العلني للسلطة الفلسطينية. ابو مازن تميز غضبا ونحى ردا على ذلك كل قيادات اجهزة الامن في الضفة. وهذا الاسبوع عين لهم بدائل، لم يتسلموا بعد مناصبهم. يتوقع منهم أن يعيدوا قدرة الحكم الى الميدان، ولكن ينبغي ان نكون متفائلين على نحو خاص كي نصدق ان هذا سيحصل. 

إرث ثقيل

احتفل ابو مازن يوم الاثنين من هذا الاسبوع بيوم ميلاده الـ 86. دولة فلسطينية لن تقوم في عهده. ولكن أواخر ولايته تلقي بظلال ثقيلة ايضا على ما سيبقى من إرثه. مستقبل السلطة ملفوف بالضباب: فهي متآكلة من الخارج من جانب حماس التي تراكم القوة والعظمة، وهي متآكلة من الداخل كنتيجة للخصومات على خلافة الرئيس. 

من الصعب على المرء ان يفوت ملاحظة القلق في القيادة الامنية في اسرائيل، التي تفهم بانه لن يخرج من هذا اي شيء جيد. فبغياب افق سياسي، فان الدفة والاستقرار هما في ايدي الجيش الاسرائيلي والشباك. هم الذين يحافظون على الامن ويؤمنون الهدوء النسبي في الميدان، وهم الكفيلون بان يحافظوا في المستقبل على السلطة الفلسطينية على قيد الحياة – منعا لاعدائها (الذين هم اعداء اسرائيل) من السيطرة على الضفة، مثلما فعلوا قبل  عقد ونصف في غزة.  

كما نشر هذا الاسبوع، فان رئيس الشباك الجديد روني بار التقى مؤخرا ابو مازن في رام الله. لم يكن هذا هو اللقاء الوحيد لبار في العالم العربي. فيوم الاحد من هذا الاسبوع انضم الى رئيس مجلس الامن القومي ايال حولتا للقاءات في القاهرة، وقبل ذلك زار الاردن. وكانت هذه اللقاءات جزء من عملية دخوله الى المنصب: ان يتعرف على الزعماء والمسؤولين في اجهزة الامن الموازية، بهدف خلق علاقات شخصية معهم، يمكن الاعتماد عليها في العمل الجاري ولا سيما في يوم الأمر.  

هذا حرج حيال السلطة الفلسطينية. فالتنسيق الامني انقذ الحياة في العقد الماضي، من الجهتين. ضعف اجهزة الامن الفلسطينية هو نذر سيء للسلطة، ولكن ايضا لاسرائيل. فهو يلقي بعبء اضافي على الشباك، الذي يقود جهود احباط الارهاب. الاعتقالات التي نفذها في الماضي الفلسطينيون، ينفذها الان الجيش الاسرائيلي، الذي يجري 80 – 120 عملية احباط في الاسبوع بالمتوسط (3 – 4  كل ليلة).

في  معظم الحالات يكشف الارهاب ويحبط في  مراحل استعداداته الاولية. لكن الشبكات التي انكشفت مؤخرا في السامرة علمتنا بانه توجد استثناءات. فقد نمت هذه للشباك من تحت الانف، خططت عمليات كبيرة (من تفجير عبوات وحتى اختطافات) وجمعت اسلحة كثيرة (من عبوات ناسفة وحتى بنادق). حتى الان اعتقل اكثر من 40 من اعضاء هذه الشبكة، التي وجهتها ومولتها حماس في غزة.

الجانب الايجابي هو أن هذه المؤامرة احبطت قبل أن تخرج الى حيز التنفيذ. اما الجانب السلبي فهو ثلاثي: ان جهود الارهاب لحماس لا تتوقف والذكاء والجسارة لديها في ميل صعود دائم، وان الشبكات تنجح احيانا في التدحرج على مدى زمن لا بأس به الى أن تنكشف، وليس مؤكدا ان تكون هذه القضية قد حل لغزها تماما. فمعقل حماس في الضفة يوجد في الخليل، فيما أن هذه الشبكة انكشفت في عدة مواقع في السامرة. الخوف هو انه توجد فروع اخرى لها لم تحبط بعد ويمكن أن تستخدم في المستقبل. 

في محاولة لتعزيز السلطة تحاول اسرائيل ان تعمل ايضا في محاور مدنية. فقد زار وزير التعاون الاقليمي عيسوي فريج هذا الاسبوع اوسلو كي يجند المال لمشاريع مدنية. والامل هو أن رفع مستوى المعيشة سيبعد المواطنين عن الارهاب. جهد مشابه يوجد حيال القطاع: بار وحولتا بحثا مع المصريين في مشاريع لغزة، مشروطة بالطبع بالتقدم (الذي لم يتحقق)في التسوية، التي من جهتها مشروطة بالتقدم (الذي لم يتحقق) في موضوع جثماني الجنديين الاسرائيليين والمواطنين الاسرائيليين المحتجزين في غزة. 

حقل الغام متفجر

ولكن الضفة غير مستقرة ليس فقط بسبب الجانب الفلسطيني. فمحافل متطرفة يهودية ايضا ترفع الرأس. وسجل مؤخرا ارتفاع متواصل في حجم الاحداث التي تتخذ اسم “تدفيع الثمن”: من قطف الزيتون – سبب دائم للاحتكاك على خلفية الجدال المتواصل على ملكية الارض – عبر قضية وفاة اوهافيا سنداك في اثناء مطاردة شرطية، وحتى احساس الضعف لدى محافل انفاذ القانون حين تكون حاجة لمعالجة احداث عنف لليهود. 

يعمل الجيش الاسرائيلي في الضفة بقوات مقلصة نسبيا: 12 كتيبة، وبضع سرايا اخرى من حرس الحدود. هذا يسمح بالاحتفاظ بالمنطقة، والتركيز على الارهاب الفلسطيني. اما معالجة عنف اليهود فتحصل على اولوية ثانوية، وهي على اي حال اقل راحة للجيش. الجنود الذين يحرسون المستوطنات واحيانا يأكلون في ليل السبت لدى السكان يلتقون من يحمونهم حين يصطدم هؤلاء بالفلسطينيين. “نحن لسنا جيدين في هذا، يعترف هذا الاسبوع ضابط في الجبهة. “هذا عمل للشرطة، وليس للجيش”. 

لكن الشرطة في الضفة ضعيفة، وقواتها هزيلة ايضا. هذا يعيد الكبرى الى الجيش. قائد المنطقة الوسطى هو صاحب السيادة في المنطقة ومن واجبه أن يحمي من يسكن فيها – يهودا وفلسطينيين على حد سواء. من معرفة بعيدة السنين للواء الجديد، يهودا فوكس، فان من المتوقع منه أن يفعل هذا بالضبط، حتى بثمن الصدام مع بعض من الجهات في الميدان. كي ينجح مطلوب له  دعم واضح من قادته ومدرائه– من رئيس الاركان وحتى رئيس الوزراء – الذين يمتنعون حاليا عن اقوال قيمية واضحة من شأنها أن تورطهم في حقل الالغام المتفجر هذا. 

من يعتزم حقا العمل هو وزير الدفاع غانتس. فقد عقد امس بحثا كي يبحث في الوضع في الضفة. بالضبط مثلما في الجانب الفلسطيني، فان الافق في الجانب اليهودي ايضا لا يبشر بالخير. الاحتكاكات في الميدان (على خلفية  اقامة مزارع جديدة ايضا) وانفاذ القانون في هبوط. وزارة العدل مثلا قيدت جدا قيادة المنطقة الوسطى في استصدار اوامر الابعاد لليهود – مما يؤثر فورا على الميدان. 

هذا التردد يجب أن يتوقف. ليس فقط لانه موضوع قانون ونظام في دولة ديمقراطية، بل لان امكانيته الكامنة متفجرة على نحو خاص. الارهاب اليهودي سيؤدي بالضرورة الى الارتفاع في الارهاب الفلسطيني، الى ضعضعة اخرى في مكانة السلطة الفلسطينية وتعزيز قوة حماس، وبشكل مباشر – الى المس بامننا جميعا.