ملخّص لقتل إسرائيل الأطفال الفلسطينيين

0A4A0983-323E-4040-98A0-60987A26316C-e1608481804606.jpeg
حجم الخط

بقلم: جدعون ليفي



في البداية خجلنا وأصبنا بالصدمة، حتى أننا قمنا بالتحقيق. بعد ذلك قمنا بالنفي والكذب. وفي النهاية قمنا بالتجاهل والدفع جانبا والتثاؤب وفقدنا الاهتمام.
الآن جاءت المرحلة الأسوأ منها جميعاً وهي أننا بدأنا في تمجيد ومدح قتلة الأطفال. إلى هذه الدرجة تدهورنا.
الطفل القتيل الأول الذي يخطر ببالي لم يكن عمره ولو يوما، بل كان حديث الولادة.
أمه فايزة أبو داهوك ولدته على الحاجز. قام الجنود بطردها من هناك وهي صاغرة.
وهكذا كانت الحال في حاجزين آخرين. وقد اضطرت إلى جره سيرا على الأقدام في ليلة ماطرة وباردة، وعندما وصلت إلى المستشفى كان ابنها قد مات.
وطُرح الأمر للنقاش في جلسة الحكومة. الضابط تمت إقالته، وثارت عاصفة صغيرة. كان هذا في نيسان 1996، في سنة الأمل وخيبة الأمل.
بعد مرور أربع سنوات على ذلك، عند اندلاع الانتفاضة الثانية، قتل الجنود الفتى محمد الدرة أمام العدسات، وانتقلت إسرائيل إلى مرحلة النفي والكذب.
الدرة لم يمت. ليس جنودنا هم الذين قتلوه، ادعت إسرائيل. ربما أنه أطلق النار على نفسه، وربما هو على قيد الحياة حتى الآن. بقايا الخجل وأحاسيس الشعور بالذنب كانت لا تزال تنبض قليلا بطريقة ما.
بعد ذلك مرت 20 سنة من عدم المبالاة والغرور. 2171 طفلاً وفتى قتلهم الجنود والطيارون، ولم تثر أي حالة من هذه الحالات هنا الصدمة أو أي تحقيق حقيقي وتقديم للمحاكمة.
أكثر من 2000 طفل قتيل في عشرين سنة، 100 طفل في السنة. ثلاثة صفوف تعليم في كل فصل، وجميعهم، حتى آخر واحد منهم، وجد أنهم هم الذين يتحملون ذنب موتهم.
كل إسرائيلي سيكون مسروراً بالقول إنهم كانوا "مخربين" وإنه لم يكن لدى الجنود ورجال الشرطة أي طريقة أُخرى باستثناء إعدامهم.
عند الاختيار بين حياة الأطفال وبين حياة الجنود المقدسة، نفضل الجنود بالطبع، رغم أنه تقريبا في كل مرة كانت هناك احتمالية ثالثة بأن لا يقتل أي أحد منهم.
في الأسبوع الماضي انتقلنا إلى المرحلة التالية. فإسرائيل تقوم بتمجيد ومدح قتلة الأطفال. هم أبطالها الجدد. هذا لم يحدث من قبل. صحيح أن الأطفال هم فلسطينيون، ولكن مع ذلك هم أطفال. والآن اقتل طفلا فلسطينيا وعلى الفور سترفرف صورة بطولتك الجريئة والضبابية بالطبع، في عناوين الصحف أو في نشرات الأخبار في التلفاز.
"البطل من البلدة القديمة، جندي حرس الحدود، قتل مخرباً ومنع كارثة كبيرة" ("يديعوت أحرونوت"، 18/11).
في العنوان لم يتم ذكر عمر "المخرب الخطير". وبالطبع لا توجد أي كارثة كبيرة تم منعها هنا.
"اذكروني بالخير"، كتب عمر أبو عصب ابن الـ16 قبل أن يذهب لطعن جنود حرس الحدود بالسكين. فيلم فيديو قصير نشرته الشرطة يظهره وهو يقترب من جنديين ويقوم بمهاجمتهما. هو أصغر منهما وأنحف. كان يمكنهما اعتقاله. لم تكن هناك أي حاجة لاستخدام النار الحية ضده. وبالتأكيد لم تكن حاجة لقتله. مثلما قتلوا عبثا أطفال سكاكين قبله.
لكن عندما يحولون إطلاق النار على فتى ابن 16 سنة مسلح بسكين إلى قصة بطولة، فإنه يوجد هنا تجاوز لخط أخلاقي أحمر.
بقايا هذا المجد ستشجع المزيد من عمليات القتل العبثية للأطفال، إذا كان هناك المزيد من الحاجة إلى تشجيع ذلك.
اليد الخفيفة على الزناد ستكون أكثر خفة. إذا كان في السابق تسرب الخوف من فتح تحقيق مصطنع، فإن وسام الشجاعة الآن أصبح في الطريق.
هكذا، الكلمات تقتل. عندما يقومون بامتداح قتلة الأطفال والفتيان، حتى لو كانوا مسلحين بسكاكين، فهم يشجعون عملية القتل الإجرامية القادمة.
لا يوجد أي طفل، حتى لو كان مسلحا بسكين لا يستطيع جنود حرس الحدود المحميون والمحصنون اعتقاله دون قتله. ولكن رجال الشرطة جبناء.
هكذا قتلوا أيضا إياد الحلاق الذي هو من ذوي الاحتياجات الخاصة. الأبطال الحقيقيون كانوا سيعتقلون الشاب المسلح ولا يطلقون النار عليه ويقتلونه. ولكن لماذا يكلفون أنفسهم العناء إذا كان بالإمكان قتله والحصول على المدح والثناء.
معظم الأطفال الذين قتلوا بنار قوات الجيش الإسرائيلي وجنود حرس الحدود لم يكونوا مسلحين بالسكاكين ولا حتى بحجر.
والأهم من ذلك أنهم كانوا أطفالا. لم يكن أي واحد منهم يجب أن يموت. ولكن الآن يجدر قتلهم. لأنه من الآن فصاعدا ستتوجك وسائل الإعلام على الفور بوصف "بطل البلدة القديمة". هؤلاء هم أبطالك، يا إسرائيل، قتلة الأطفال والفتيان.

عن "هآرتس"