هارتس : بين إشعال الضفة والهدوء في غزة: "حماس" تسير على حبل رفيع

عاموس-هرئيل.jpg
حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل



ثمة ميل خطير للأحداث في الحرم ومحيطه لإشعال حريق أكبر في القدس وفي "المناطق"، وأحياناً داخل الخط الأخضر. قتل المصلي اليهودي قريباً من مدخل "حائط المبكى"، أول من أمس، وإصابة أربعة إسرائيليين آخرين بإطلاق النار من قبل أحد نشطاء "حماس" من مخيم شعفاط للاجئين، يمكن أن تزبد الميل الخطير. تعزز الشرطة قواتها في البلدة القديمة، ويزيد الجيش الإسرائيلي حدة تأهب وحداته في الضفة الغربية على أمل ألا تتصاعد الأمور.
في أيار الماضي، عندما ازداد التوتر حول الحرم استغله رئيس "حماس" في القطاع، يحيى السنوار، من أجل القيام بتظاهرة استعراض لقوة منظمته. أطلقت "حماس" ستة صواريخ نحو منطقة القدس، بذريعة الدفاع عن المسجد الأقصى، ما أدى إلى رد إسرائيلي شديد، كانت نهايته عملية "حارس الأسوار". تقريباً قبل أربع سنوات من ذلك، في صيف 2017، قتل أعضاء من الحركة الإسلامية في أم الفحم شرطيين إسرائيليين في الحرم. ردت حكومة نتنياهو بوضع بوابات إلكترونية عند مدخل الحرم، الأمر الذي أدى إلى أزمة إقليمية شملت تقريباً انتفاضة فلسطينية، وعملية قاتلة ضد إسرائيليين في الضفة، وخلافاً شديداً بين الشخصيات الرفيعة في جهاز الأمن وتوتراً مع الأردن. في نهاية المطاف اضطرت الحكومة إلى التراجع وإزالة البوابات الإلكترونية.
بسبب أن عدداً من السياسيين الإسرائيليين يعتقدون، كما يبدو، أنه توجد للجمهور في البلاد ذاكرة قصيرة، لا تصل إلى أكثر من ذاكرة عصفور صغير، تم على الفور بعد عملية القتل إطلاق وابل من الردود المعتادة. في اليمين رقصوا كالعادة على الدم، واتهموا الحكومة بالعجز إزاء "الإرهاب"، وكأنه لم تحدث أحداث كهذه بالضبط في فترة كل الحكومات السابقة، دون صلة بمسألة هل وقف على رأسها مبعوث الإله أم غيره. بالتحديد الوزير يوعز هندل (أمل جديد) استلّ من جعبته فكرة إعادة البوابات الإلكترونية. فما الذي يمكنه أن ينجح أكثر من فشل مؤكد؟ يجب الأمل بأن رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، الذي كان عضواً في حكومة نتنياهو عندما تمت تجربة هذا الهراء في المرة الأخيرة، لن تغريه العودة إليه.
"حماس"، مثلما في الجولات السابقة، كانت سعيدة بالانقضاض على هذه الفرصة. متحدثون باسم المنظمة باركوا عملية أول من أمس، وتفاخروا بأن "المخرب"، الذي هو ناشط مخضرم في الأربعينيات من عمره، هو أحد أعضائها. هذا الإعلان، مثل احتفالات الفرحة التي شوهدت في مدن القطاع في أعقاب العملية، يناقض شكاوى "حماس" من نية بريطانيا الإعلان عن ذراعها السياسية منظمة "إرهابية" بالضبط مثل الذراع العسكرية.
أيضاً الفتى الفلسطيني الذي طعن جندية من حرس الحدود في البلدة القديمة في القدس، الأربعاء الماضي، سارعت "حماس" إلى الإعلان عن انتمائه إليها. في الحالتين الرد السريع لرجال الشرطة (في الأسبوع الماضي انضم اليهم أيضاً مدني مسلح) أدى إلى الموت السريع للمهاجمين. أحد المخاوف الآن يتعلق بأعمال التقليد، خاصة عندما يدور الحديث عن عملية في منطقة الحرم تثوّر مشاعر دينية، وهناك ظاهرة لفلسطينيين آخرين يريدون السير في طريق "المخربين" الذين قتلوا.
إلى جانب القدس بقي أن نرى كيف ستؤثر العمليات الأخيرة على ساحات أخرى. في الضفة النفوس هادئة، مؤخراً، بصورة نسبية، باستثناء أحداث محلية يرتبط بعضها باحتكاك الجيران بين قرى فلسطينية وسكان البؤر الاستيطانية المجاورة. ولكن سيطرة قوات الأمن الفلسطينية على مناطق (أ) ومناطق (ب) ضعفت. وهذا يتمثل الآن بالأساس بمواجهات عنيفة ودورية بين الأجهزة ومسلحين، بمخيمات اللاجئين في شمال الضفة. ولكن هذا يمكن أن ينزلق بسهولة أيضاً إلى عمليات أخرى ضد إسرائيل.
في جهاز الأمن سيتابعون عن كثب التطورات، حيث إن السؤال المركزي هو: هل ستؤثر الأحداث الأخيرة أيضاً على الوضع في القطاع؟ ومثلما نشر في "هآرتس"، فإنه في الفترة الأخيرة ظهر هناك هدوء على حدود القطاع، من خلال تفاهمات متبادلة حول توسيع التسهيلات الاقتصادية وإدخال المزيد من عمال القطاع للعمل في إسرائيل. على الأغلب ستحاول "حماس" مواصلة اللعبة المزدوجة. فمن جهة تشجيع "الإرهاب" في القدس والضفة، حتى بدافع الأمل أن يتقوض بذلك استقرار حكم السلطة وعلاقتها مع إسرائيل. ومن جهة أخرى، الحذر من ألا يزيد العبء في غزة؛ من أجل تجنب مواجهة عنيفة جديدة تلغي إنجازات الأشهر الأخيرة. مع ذلك، تثبت تجربة الماضي، المرة الأخيرة حدث ذلك في أيار، أن "حماس" تجد صعوبة في التمسك بهذه السياسة، وأحياناً يغريها شد الحبل إزاء إسرائيل بصورة يمكن أن تؤدي إلى تصعيد في الجنوب أيضاً.

عن "هآرتس"