هآرتس – وجه الدولة مثل وجه شكيد وغانتس

حجم الخط

بقلم عودة بشارات

في مقابلة اجراها رافي ريشف قبل بضع سنوات مع اييلت شكيد، وزيرة العدل في حينه، وضع كمسلمة بأنها امرأة جميلة. لنترك جانبا السؤال هل ريشف كان سيعرض مقولة كهذه في محادثة مع رجل، ونسأل هل يمكن التقرير بأن فلان هو شخص جميل. بهذا، هناك سمات تقريبا متفق عليها للجمال. مثلا، حجم الانف وابعاد العيون وشكل الذقن والشعر. في المقابل، هناك اشخاص يتمتعون بسمات الجمال المذكورة، لكن مع ذلك هم ليسوا جميلين. لأنه توجد للجمال، مثلما لكل شيء حولنا، روح خاصة به.

عندما سئل الابن المشاغب في المسرحية المصرية “العيال كبرت”، عن وضع سيارة الأب التي قادها وعمل حادث فيها، اجاب “كل جزء فيها سليم لكنه لا يرتبط بالاجزاء الباقية”. اذا غابت الروح ستبقى مجموعة من الصفات التي فيها لا يوجد لأي صفة علاقة بالاخرى. أنا انظر الى شكيد وأتذكر بأنها منذ فترة غير بعيدة وضعت معيار آخر لتوزيع مدخولات الارنونا، خلافا لتوصية اللجنة التي تم تشكيلها لهذا الامر. في هذا التقسيم سيفقد المجلس الاقليمي الفقير “الكسوم” مليون شيكل، في حين أن المجلس الاقليمي الغني “العربة الوسطى” سيحصل على اضافة تبلغ 1.2 مليون شيكل. أنا لا استطيع النظر الى قسمات وجه الوزيرة وأن لا اشعر بالشر المرتبط بالمزايا التي بسببها تقرر أنها جميلة. بالعكس، التناقض بين سمات الجمال وبين الشر الكامن في سلوكها يزيد اشمئزازي.

من اجل موازنة الصورة الجندرية سنتحدث عن وزير الدفاع، بني غانتس، الذي يتمتع بقامة طويلة وعيون زرقاء وابتسامة تأسر القلب. هذه المرة لن نتحدث عن تفاخره امام جبل الجماجم الفلسطينية التي قطفها مرؤوسيه في غزة في 2014، بل عن جزء صغير. هذا الرجل يسمح للجيش بالدخول في الليل الى غرف الاطفال الفلسطينيين وايقاظهم من اجل أن يلتقطوا صورة كتذكار، وايضا الدفاع عن مستوطنين عنيفين يضربون فلسطينيين ويهود جاءوا للمساعدة في قطف الزيتون. بالتحديد بسبب سمات الجمال التي تم تفصيلها أعلاه، فان اشمئزازي من هذا الرجل يزداد لأنه في نظرته، رغم الابتسامة، أنا أرى الشر والخواء المخيف.

ولكن هذه هي قصة الدولة كلها. هي معروضة باوصافها البراقة، أمة الهايتيك والديمقراطية الوحيدة والمزيد من اصحاب الملايين والسيارات الحديثة ومطار بن غوريون الذي يتفجر من كثرة المسافرين الى الخارج؛ كل المكونات للسعادة توجد بوفرة، لكن الامل غائب. في لحظة واحدة النفسية تتدهور. رغم علامات الثراء والسعادة يبرز كل بضع سنوات تهديد وجودي جديد، مرة ايران ومرة الصواريخ ومرة المظاهرات، وحتى المقص اصبح احيانا يثير الاعصاب. 

في المقابل، ايضا ايام آخر الزمان التي اصبحت تدق على الباب بصورة اتفاقات سلام مع دول عربية جديدة، لا تبعث على أي أمل. لا توجد روح لهذا السلام الفاخر. تقريبا لا يوجد سياح من مصر ومن الاردن، والعكس صحيح. هذا سلام بين رجال أمن ورجال اعمال، في حين أن الناس العاديين حتى تحية السلام لا يتبادلونها. أنا استغرب من نفسي لأنني اندهش من الوضع الذي وصلت اليه الدولة. حيث أنه مرت 73 سنة وما زلنا نراوح في المكان. من الخارج الوضع براق ومن الداخل مظلم. وحلم التخلص من العرب ما زال يثير الخيال. وحتى تحقيق هذا الهدف المأمول فان مهمة تطويق البلدات العربية تستمر بلا توقف. 

في الطريق الى اريحا، قرب كل قرية فلسطينية تقام خلافا لأمر الطبيعة مستوطنة اصطناعية مفصولة عن المحيط، وكل هدفها هو حبس القرية المجاورة. فكرت أنه بدلا من قول “مستوطنين” من الافضل تبني اسم مناسب اكثر مثل “سجانين”. فقط شخص اعمى لن يلاحظ الجهود المبذولة من اجل حبس الفلسطينيين في غيتوات. مشروع سجن البلدات العربية ما زال على قيد الحياة، سجن واحد كبير لا تعرف فيه من هو السجين ومن هو السجان. ربما يكون جميعهم سجناء، لكن على الاقل الفلسطينيين معفيين من الاهتمام بالوضع الديمغرافي لدى اخوانهم اليهود.

الدولة التي جميعها سجناء وسجانين فان السعادة لن تكون فيها في أي يوم من الايام.