الإعلام الأمريكي يثير مسألة خلافة الرئيس عباس...؟!

1625121147-434-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور 

لم يكن طبيعيا، او معتادا، صمت الإعلام الرسمي الفلسطيني عما يتم نشره ضد الرئيس محمود عباس من أطراف محلية، أو عربية، خاصة ما يتعلق بمكانته السياسية أو حالته الصحية، حيث تشكل "خط أحمر" يمنع كاملا مساسه.

من حيث المبدأ، في العمل العام، كل شيء ممكن تناوله نقدا أو تعريفا، ما لم يكن تشهيرا أو ادعاءا كاذبا، ولا يجوز اعتبار صحة الرئيس صندوق مغلق لا يحق معرفتها، وقبل أيام كشفت أمريكا عن الحالة الصحية لرئيسها بايدن، تحت ضغط إعلامي أنه ليس في أحسن حال، ولم يعتبر ذلك نقصا من الهيبة السياسية، او مسا بـ "السيادة الوطنية".

ولكن، المثير للاهتمام، قيام الإعلام الأمريكي، وهو خاص وليس مملوكا للدولة، لكنه لا ينشر معلومات بعيدا عن مؤسسات رسمية، خاصة الخارجية والمخابرات المركزية والـ ألف بي آي (التحقيقيات الفيدرالي) بتناول مسألة الخلافة الفلسطينية، وما يعرف إعلاميا بمرحلة ما بعد عباس.

ولأول مرة، ذهبت صحيفة "ناشيونال انترست" الأمريكية الى تناول مسألة خلافة الرئيس عباس بشكل تفصيلي، واعتبرتها أحد الأزمات التي تواجه إدارة الرئيس بايدن، ما يتطلب بحث حلول عملية لها.

ولم تكتف الصحيفة بتناول تلك "المسألة الحساسة"، بل ذهبت، الى ضرورة أن تقوم الإدارة الأمريكية بفرض "خليفة" للرئيس عباس، كما فعلت في زمن بوش الابن، عندما تدخلت لفرض عباس خليفة للرئيس ياسر عرفات (طبعا في حينه القانون الأساسي كان واضحا ولا يحتاج تدخلا جراحيا سياسيا لفرض من سيكون).

الصحيفة الأمريكية، أعادت التذكير بأن الرئيس عباس يعتمد على منظمة التحرير لاختيار من سيكون رئيسا بعده، لكنها تطالب الرئيس بايدن أن يطالب الرئيس الفلسطيني بتسمية "خليفة" له  لـ "ضمان انتقال سلمي للسلطة بعد وفاته، وعدم حدوث اضطرابات أو انقلاب من قبل حركة حماس".

كان ملفتا جدا، كيف أصاب الإعلام الرسمي وإعلام حركة فتح وناطقيها المتعددين، الصمت الكامل حول تقرير الصحيفة الأمريكية، الذي وضع سما سياسيا علنيا في مسألة يمكن اعتبارها "حق الصحافة"، ولكن الإشارة الى مسألة فرض أمريكا للرئيس عباس ليكون خليفة فتلك مسألة ليست صحفية، وما كان لها أن تمر مرورا عابرا، لو أن من عرضها غير تلك الصحيفة الأمريكية.

من حيث المبدأ، كانت خطة بوش الابن سحب صلاحيات المؤسس الخالد ياسر عرفات عبر تسمية رئيس وزراء، رغم ان القانون الأساسي، بل والاتفاق الانتقالي مع دولة الكيان لم يتضمن ذلك، كان موقفا سياسيا لاستكمال الحصار العسكري الذي فرضته قوات الاحتلال على الخالد خلال المواجهة الكبرى 2000- 2004، ولم يكن هدفه "اصلاحا سياسيا"، بل تخريب سياسي.

القانون الأساسي في حينه، والذي تم تنفيذه لاحقا، كان يحدد من سيكون رئيسا في حال الشغور، فجاء رئيس المجلس التشريعي روحي فتوح رئيسا انتقاليا من 12 نوفمبر 2004 حتى يناير 2005، عندما تم انتخاب عباس رسميا رئيسا للسلطة الفلسطينية.

وما دام بات الأمر حقا لتناوله أمريكيا، فالسؤال يمكن إعادته فلسطينيا، ما هي آلية سد شغور منصب رئيس السلطة الفلسطينية بعدما قام الرئيس عباس بحل المجلس التشريعي بمرسوم استند الى قرار "محكمة دستورية".

هل يعلن الرئيس عباس انتهاء فترة السلطة واعتبارها دولة، واستخدام مرسومه قبل الانتخابات بأنه رئيس دولة فلسطين وتجاهل كليا أنه رئيس سلطة، ولذا يصبح الأمر "دستوريا" خاصا بالمجلس المركزي لمنظمة التحرير لاختيار رئيس مؤقت الى حين الاتفاق على انتخاب رئيس جديد.

ولكن، ما هو القانون الذي يمكن اعتماده لانتخاب رئيس دولة فلسطين، هل هو القانون الأساسي للسلطة أم القانون الأساسي لمنظمة التحرير، أسئلة متعددة ومتشعبة تستحق النقاش الداخلي بعيدا عن تفسيرات سوداوية.

 المستقبل ملك للناس وليس لمن كان رئيسا على الناس!

ملاحظة: اتفاقية أطراف حكومة حماس مع بلدياتها لتأجير شاطئ قطاع غزة من السلك للسلك لمدة خمس سنوات تثبر ريبة سياسية بأن "الكيانية الغزية باتت واقعا..عجبكم أو ما عجبكم حماس تقول لكم :  "هنا باقون على صدوركم"!

تنويه خاص: لا يليق بحركة فتح أن تتصرف كما غيرها بتجاهل زيارة عوائل الشهداء والأسرى وفقا للانتماء التنظيمي...فتح مش زي غيرها فالناس عرفتها أيام الثورة بـ"أم الجماهير"..يا أنتم!