معاريف :الأسد يستخدم "ورقة اليهود" للتقرب من أميركا

اسحاق-ليفانون.jpg
حجم الخط

بقلم: إسحق ليفانون

 

 





بُشرنا، مؤخراً، بزيارة مفاجئة الى دمشق قام بها 12 من أبناء عائلة يهودية من بروكلين في الولايات المتحدة، تمت بتشجيع من القصر الرئاسي في سورية. العائلة اليهودية، التي وصلت الى هناك كي تجري علاجات أسنان بسعر زهيد، استقبلت بحميمية وبترحاب في الأماكن التي كان فيها ذات مرة يهود سورية. في أعقاب الزيارة تساءل الكثيرون ما هو سبب لطف الأسد المفاجئ تجاه اليهود الذين كانوا ذات مرة مواطنين في بلاده قبل أن يضطروا إلى الهرب. ثمة من يقولون ان السبب هو العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على شخصيات سورية، بمن فيهم عقيلة الأسد، وعلى كل من يتاجر مع السوريين. هذا يجعل الحياة صعبة جداً على الأسد. يحتمل أنه يعتقد بأن ابداء معاملة لطيفة تجاه اليهود سيفتح له الابواب في الولايات المتحدة.
كما يذكر، في الثمانينيات، ومن أجل تحسين صورته في أميركا، سمح الأسد الاب بخروج مئة يهودية عزباء الى الولايات المتحدة. في حينه نجح هذا، وبدؤوا في الولايات المتحدة يرون في الأسد الاب شخصاً ليس كله وكليله عنفاً ووحشية، بل شخص توجد فيه أيضا رأفة ويمكن عقد الصفقات معه. يحتمل أن يكون الأسد الابن يكرر المناورة. يتوقع من اليهود الذين يزورون بلاده ان ينشروا الشائعة بان الرئيس السوري ليس كما يصورونه.
بتقديري هذا لن ينجح لسببين: الأول هو أن ليس لليهود من بروكلين ممن زاروا سورية نفوذ مباشر على الإدارة الأميركية. والثاني هو انه لا يمكن شطب القتل الذي نفذه الأسد ضد مواطني سورية في العقد الأخير في الحرب الأهلية، وهذه ستبقى وصمة عار على جبينه.
في الايام الأولى للحرب الأهلية في سورية، أعطى الخبراء العسكريون، بمن فيهم في إسرائيل، للأسد اسبوعين حتى شهر الى أن يسقط من الحكم وتقوم سورية جديدة. لم يحصل هذا حتى بعد عقد من الحرب الوحشية والمضرجة بالدماء. اليوم يوجد واقع جديد ينبع من أسباب كثيرة داخلية وخارجية تجعل الأسد جزءاً من الحل السياسي في بلاده. معظم الدول في الغرب، بما فيها الولايات المتحدة فما بالك روسيا، الصين وايران مستعدة لتبحث مع الأسد في حل سياسي. يبدو أن الأسد يستوعب ذلك وهو يفهم أيضاً بأن إعمار بلاده ليس ممكناً الا بمساعدة الغرب، ولهذا فهو يستخدم ورقة اليهود المظفرة.
ان زيارة عائلة يهودية الى بلادها عشية الحانوكا تلتقط لها صورة جميلة وتلونها بالوان انسانية. العائلة التي زارت سورية يمكنها أن تشرك بتجربتها المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة والتي تعمل من اجل يهود البلدان العربية. شهادة مباشرة من العائلة اليهودية زارت ما تبقى من الحي اليهودي، من المقابر ومن الكنس المدمرة يمكنها أن تكون ذات تأثير إيجابي على صورة الأسد الوحشية.
من المحظور علينا ان نقع في فخ الرئيس الذي لم يتردد في قتل مئات الآلاف من أبناء شعبه ونفي ملايين آخرين. كما أن علينا أن نحذر إخواننا اليهود الذين في الولايات المتحدة من الفخ الذي وان كان طعمه عسلا إلا أن نتائجه مريرة.

عن "معاريف"