هآرتس – المستوطنون يهاجمون، الجنود يحمونهم وفي الخليل باتوا معتادين

حجم الخط

هآرتس – بقلم  عميره هاس-

 

” صمت الليل في حي جابر في الخليل تم خرقه بصرخات عالية تقول بأن 12 شاب اسرائيلي يركضون بسرعة في الشارع. وامام انظار الكاميرات والجنود الذين كانوا يحمونهم قام هؤلاء الشباب بتحطيم زجاج السيارات، وهذه ليست حادثة نادرة “.

يوجد اشخاص في الضفة الغربية، الذين يمجرد أن يظهر هاتفهم على الشاشة يمكننا التخمين بماذا يوجد لديهم ليبشروا به: المستوطنون هاجموا مرة اخرى. الرقم في هذه المرة كان “مرة اخرى” لعارف جابر من البلدة القديمة في الخليل، وقال لي: “في الساعة الثانية فجرا اتصل معي إبن عمي وايقظني من النوم وقال إن المستوطنين يرشقون الحجارة ويحطمون زجاج عدد من السيارات المتوقفة، وسيارتي ايضا”.

هذا الهجوم حدث منذ فترة، بمفاهيم الخليل، في نهاية شهر آب. الهجمات تتم هناك كل يوم تقريبا. بشكل عام هي ليست دراماتيكية بما يكفي لتحتل العناوين، أو أنها لم توثق بالكاميرات أو أن الفيلم نفسه لم يكن صور من الزاوية الصحيحة. هذه المرة بدلا من انتظار حادثة دراماتيكية ومصورة بشكل جيد سنقوم بوصف القليل مما يحدث بصورة روتينية، ثلاثة احداث مع النموذج المعروف: مستوطنون يهاجمون فلسطينيين والجيش يعاقب الاخيرين.

في يوم السبت الاول، 28 – 29 آب، تم خرق صمت الليل في حي جابر بصرخات عالية: بين 12 – 15 اسرائيلي يهودي اندفعوا في نزلة الشارع الرئيسي. كان يبدو أن اعمارهم بين 16 – 18. كانوا يصرخون ويرشقون الحجارة على البيوت والسيارات. وقد اصابوا م. (18 سنة) في رأسه. هو واخوته كانوا يملأون خزان المياه على سطح بيتهم بالمياه التي انتشلوها من بئر الجمع الموجودة في الساحة. عندما سمعوا الصراخ اعتقدوا أن الامر يتعلق بشجار عائلي، واثنان منهم خرجوا من البيت لرؤية ما يحدث. وقد وصلوا الى “حاجز جابر”، بوابة حديدية وضعها الجيش الاسرائيلي، وهو واحد من عشرات الحواجز والعوائق الاسمنتية والبراميل والبوابات المغلقة بشكل دائم تم وضعها في منتصف الشوارع، التي تفصل قلب البلدة القديمة عن باقي اجزاء مدينة الخليل. خلف البوابة تقف سيارات لسكان حي جابر التي لا يسمح السفر فيها في شوارع الحي.

م. وشقيقه شاهدا الاسرائيليين وهم يحطمون بالحجارة الكبيرة من مسافة صفر زجاج السيارات الواقفة وهياكلها، بالضبط تحت عيون كاميرات المراقبة. عدد من الجنود المسلحين كانوا يقفون قرب راشقي الحجارة. هم كما يبدو نزلوا من الموقع العسكري الذي يوجد على مدخل الزقاق الذي يؤدي الى الحرم الابراهيمي – مغارة الماكفيلا، الذي يبعد 20 – 30 متر عن حاجز جابر. الشباب الاسرائيليون لاحظوا الاخوين ورشقوا الحجارة عليهما وبدأوا يركضون خلفهم. الاخوان هربا وصعدا الى السطح لتحذير الاخ الثالث. راشقو الحجارة وجهوا ضربهم نحو سطح البيت الموجود في اسفل الشارع. وحجر اصاب رأس م. من الخلف، وقد تم نقله الى المستشفى.

الخياط محمد جابر يعيش في البيت الذي يقع خلف البوابة الحديدية. وقد استيقظ فقط على صوت النار، كما قال في المخيطة الصغيرة خاصته بعد يوم من ذلك. شباب فلسطينيون ارادوا ابعاد راشقي الحجارة من الحي وقاموا برشق الحجارة عليهم. الجنود بدأوا باطلاق النار على الفلسطينيين. بالاجمال خرب الشباب الاسرائيليون برعاية الجيش تسع سيارات متوقفة، ثمن التصليح يقدر ببضعة آلاف من الشواقل، التي لا تتوفر للجميع، لتصليح كل سيارة. عدد من اصحاب السيارات مثل عارف جابر قدموا شكوى في الشرطة، آخرون مثل الخياط لم يقدموا. “لا توجد جدوى”، قال، “نحن عرب”.

والدة الشاب الذي اصيب قالت: “الجيش ورجال الشرطة يدافعون عن المستوطنين. وفورا يقولون إننا المذنبين. في كل يوم جمعة عندما ينزل المستوطنون الى الحي (من اجل الصلاة في الحرم الابراهيمي) يكون هناك هجوم معين. نحن لم نعد نحصي. اذا لم يكسروا أي شيء فانهم يصرخون ويشتمون أو يضربون، هذا يكون جيد ونحن نتنفس الصعداء”.

المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي قال: “هذه كانت عمليات رشق حجارة متبادلة بين المستوطنين والفلسطينيين، التي أدت الى الاضرار بممتلكات الفلسطينيين واصابة فتى اسرائيلي. قوة للجيش وصلت الى المكان وعملت على تفريق خرق النظام، بما في ذلك اطلاق النار في الهواء”.

يضربون امام انظار الجميع

بعد مرور اسبوعين شاهد شادي المحتسب (37 سنة) عدد من الاولاد اليهود، الذين يضايقون اولاد فلسطينيين قرب بيتهم. هذا كان بين حاجز حرس الحدود الموجود في طرف الحرم الابراهيمي وحاجز الجيش الموجود في زاوية بيت قفيشة، الواقع في شارع السهلة. المحتسب، الذي بيته محصور بين الحاجزين، خرج للدفاع عن الاولاد الفلسطينيين. الجندي الموجود في الموقع دفعه وصرخ عليه بذريعة أنه ضرب الاولاد اليهود. المحتسب تحداه وقال له “انا فقط فصلت بينهم. كل شيء موثق (في كاميرات المراقبة)، انظر اذا كنت ضربتهم”. القليل من سكان الحي الواقع امام الحرم الابراهيمي، الذين ما زالوا يسكنون في بيوتهم، معروفين لجنود الجيش ورجال الشرطة. مع ذلك، في نفس الاسبوع، الذي فيه بدأ عيد الغفران، الجنود الذين يوجدون على الحاجز اوقفوا المحتسب وطلبوا رؤية هويته واستفزوه تقريبا كل يوم. مرة واحدة على الاقل احد الجنود ايضا ركله، قال. “ما رأيك أن اعتقلك؟ ما رأيك أن اخبط رأسك بالحائط؟”، يستعيد كيف سأله الجندي ذات مرة. لقد استنتج بأن ذلك عصوبة لأنه فصل بين الاولاد اليهود الذين يضربون وبين الاولاد الفلسطينيين. 

في يوم الجمعة، 17 ايلول، الساعة الثالثة والنصف ظهرا، هو وشقيقه الاصغر منه تم وقفهما هناك مرة اخرى. وقد سئل اسئلة مزعجة. وتم ايقافه مقابل الحائط من اجل التفتيش وطلب منه ابراز بطاقة الهوية للتعريف عن نفسه. عندما تبين أن شقيقه نسي بطاقة هويته اتصل مع الأم من اجل احضارها. بعد ذلك اخلى الجنود سبيلهما، لكن عند ابتعادهما سمعا احدهم يصرخ على الأم: “يا زانية”، عادا بسرعة الى المكان وصرخا في وجه الجندي. عندها توقف عن الشتم، وابتعدا عنه. ومرة اخرى سمعاه يشتمها. مرة اخرى عادا بغضب والجندي بدأ بدفع المحتسب وانضم اليه المزيد من الجنود ورجال شرطة حرس الحدود. الشقيقان رميا على الارض. هناك فيلم فيديو يظهر تجمع عدد من الجنود ورجال الشرطة وهم يلوحون بالهراوات والبنادق ويضربون امام انظار الجميع. 

“أنا واثنتان من ابناء العائلة تدخلنا وحاولنا حمايتهم وابعاد الجنود عنهم”، قالت الأم عفت، في نهاية الخمسينيات من عمرها. الجنود اعتقلوا الاثنان المضروبان في جسدهما وعلى وجوههما وصودرت هواتفهما. وقد تم جرهما طوال يوم تقريبا، وهما مكبلان ومعصوبا العيون ويتألمان في جميع جسمهما، بين مراكز الاعتقال والسيارة والقاعدة العسكرية وشعاري تصيدق (في حين أن المحتسب البالغ بقي مكبل في السيارة) ومن هناك الى السجن في عوفر. من هناك تم اعادة المحتسب مرة اخرى الى شعاري تصيدق لاجراء فحص صغير وسطحي وأعيد الى عوفر. بعد اربعة ايام تم اطلاق سراحهما بكفالة. رد المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي لم يتم تسلمه حتى ساعة اغلاق العدد. 

الجنود لم يبذلوا أي جهد

كدمات شديدة، تطبيب واعتقال، كانت عقوبة ابناء عائلة سدر، الذين تجرأوا على استدعاء الشرطة اثناء قيام اسرائيليين يهود برشق الحجارة على بيتهم. مقطع فيديو من 6 آب، الساعة 11:30 ليلا، اظهر شخصيات بيضاء ملثمة وهي ترشق حجارة كبيرة من سطح بيت هداسا. جنديان كانا قربهم حاولا، لكن ليس حقا كلفا انفسهما، وقفهم، قال ياسين سدر (19 سنة). والد العائلة عبد الخالق اتصل مع الشرطة. وهي بدورها جاءت. راشقو الحجارة نزلوا عن السطح. بعد أن هدأوا ابناء عائلة سدر والجيران، الذين ايضا رشقت الحجارة على بيتهم، جلسوا على مدخل البيت وتحدثوا معا. 

عندها ظهر 20 جندي تقريبا، الذين توجهوا نحوهم بسرعة. اربعة، قال ياسين لبتسيلم، انقضوا عليهم بالركل واللكمات. هو صرخ وسأل: لماذا؟ لكنهم استمروا بركله وضربه امام انظار الجميع، ودفعوا بوجهه الى داخل بوابة دكان مغلق وربطوا يديه بالاصفاد البلاستيكية من الخلف. احتجاج والده والآخرين لم يساعد. شقيقه سائد (17 سنة) صرخ على الجنود، وعندها ستة منهم هاجموه واعتقلوه. الشقيقان تم اخذهما الى “بيت رومانو”، وهو احد مرافق المستوطنين في الخليل.

احد الجنود ضرب ياسين بقبضته على وجهه. نزف دمه من انفه وفمه. “لقد شعر أن القفاز الذي يضعه على يده مصنوع من الحديد”، قال. الجنود ايضا شتموا أمه وعائلته وواصلوا ضربه وركله. حسب تقديره، عشر دقائق اخرى الى أن شعر بأنه يفقد الوعي. شعر بألم في يديه وعرف أن شخص ما يقطع الاصفاد البلاستيكية، عندها اكتشف انه موجود في سيارة اسعاف اسرائيلية، منها نقل الى سيارة اسعاف فلسطينية، هناك مرة اخرى فقد الوعي. وعندما افاق وجد نفسه في مستشفى فلسطيني.

الاخ سائد تم اخذه الى مركز للشرطة في مستوطنة جفعات هأفوت التي توجد على اراضي عائلة الجعبري. وقد تم اطلاق سراحه فورا ولكن قيل له إن عليه المثول للتحقيق في 8 من الشهر. وقد جاء كما طلب منه، تم اطلاق سراحه. هو وأبوه قدما شكوى ضد المستوطنين والجنود الذين هاجموهما. بعد ساعتين، قرب بيته، انقض جنود على سائد واعتقلوه مرة اخرى. والده جاء لتخليصه. رجال الشرطة اخبروه بأن عليه المثول غدا في مركز الشرطة في 9 آب. وهذا ما فعله وثانية قال له رجال الشرطة بأنه لا يوجد تحقيق ويمكنه العودة الى منزله. رد المتحدث بلسان الجيش لم يتم تسلمه حتى ساعة اغلاق العدد.

“بالضبط لهذه الاسباب فان الكثير جدا من الاشخاص تركوا البلدة القديمة”، قلت لشادي المحتسب وأمه عفت في نهاية ايلول. “من اين لكم هذه القوة لتبقوا؟” اجابت الام بسؤال: “نحن من هنا، الى أين نذهب؟”. الابن اجاب: “قمة الشجرة طولها مترين لكن الجذور طولها ستة امتار”.