"أطفال الحجارة" .."أطفال السكاكين" .."أطفال الدهس"..ثلاثية كفاحية خاصة!

1625121147-434-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

كتب حسن عصفور في ذروة الانتفاضة الوطنية الكبرى صنع الشاعر الكبير نزار قباني 1988، نصا إبداعيا لرمزها الذي سيطر على المشهد الإنساني – الإعلامي العام، أطفال الحجارة، فنطق لغة جسدت فعلا ثوريا صنع رافعة للوطنية الفلسطينية المعاصرة المتجهة من الحصار العام الى الكيانية السياسية...

ثلاثية نزار نسجت حقيقة الفعل الثوري الذي أصاب دولة العدو بهوس ما كان ضمن حسابها في صراع مع الشعب الفلسطيني (بهروا الدنيا..وما في يدهم إلا الحجارة..وأضاءوا كالقناديل..وجاءوا كالبشارة..قاوموا..وانفجروا..واستشهدوا..وبقينا دببا قطبية..) جاءوا كبشارة سياسية فتحت طريق الكيانية الفلسطينية التي أسسها الخالد ياسر عرفات عام 1993.

وكتب الشعب الفلسطيني في السجل الكفاحي العام، تعبيرا لن تمحوه قوة الإرهاب اليهودي ودولة الكيان، بات ماركة خاصة لهم دون غيرهم، أطفال الحجارة وانتفاضتهم، لتخلق جيلا جديدا من قوى الثورة الفلسطينية الممتدة بامتداد الصراع مع العدو والغزاة...

واعتقد البعض، ان ظاهرة المشاركة الكفاحية لأطفال فلسطين ستبقى محصورة في السجل الأرشيفي، لكن الفاشية الإسرائيلية لم تقف عند حدود خاصة، فاغتالت أطفالا باتوا أيقونات في المسار الطويل، ورموزا لجرائم الحرب المتواصلة، وأسست لنمو غضب شعبي متعدد المظاهر.

خلال المواجهة الكبرى من 2000 – 2004، كان صوت السلاح أعلى من غيره، لكنه لم يطمس ابدا بكل أنواع أسلحته حضور أطفال فلسطين، فكان محمد الدرة طفلا في مواجهة دبابة أعاد مشهد طفل فلسطيني خلال الانتفاضة الوطنية الكبرى، يحمل حجرا في مواجهة مدرعة وقوة احتلالية، لتبقى الذاكرة حية، بين مشهدين.

خلال عام 2015، كسر الشعب الفلسطيني "بلادة" المشهد بشكل كفاحي جديد سجلته الذاكرة المعرفية بـ "هبة السكاكين" تواصلت ما يقارب العام، كان للطلبة وتلاميذ المدارس حضورا مميزا في تلك الهبة التي أصابت دولة الكيان، وأدواته وجهازه الإرهابي جيشا ومستوطنين بحالة من الرعب التي باتت تحيطهم، حتى وصل الأمر بالاستنجاد بقوات السلطة الفلسطينية لمساعدتهم في محاصرة "هلعهم"، فاستجاب الرئيس محمود عباس، وأعلن في خطاب صريح، أنه أمر بتفتيش حقائب الطلبة والتلاميذ للتأكد من خلوها من "السكاكين" السلاح الذي لا يحتاج لجهد لتوفيره...وكان له "مؤقتا ما رغب".

خلال عام 2021، وتحديدا بعد محاولة التطهير العرقي التي تريد تنفيذها قوات الاحتلال ضد أهل الشيخ جراح وسلوان، ومع ارتفاع وتيرة الإرهاب اليهودي الاستيطاني في القدس والضفة الغربية، ومع "سكون" المواجهة الشاملة للعدو القومي، عادت الى المشهد عمليات فردية، يتم تنفيذها بأسلحة بدائية، و العودة للسكين سلاحا متوفرا، كأداة كفاح بعد حصارها.

تميزت حركة الفعل الأخيرة، بعودة مشاركة أطفال فلسطين في المواجهة، سكينا ودهسا، أدوات لا يمكن لأي كان أن يسيطر عليها، او يمنع استخدامها، فالسكين جزء من الحياة اليومية، كما السيارات، ما يربك تماما "المنظومة الأمنية – الإرهابية" لدولة الاحتلال، ولا يمكنها وضع تصور أمني خاص لمواجهة مقاومة شعبية أداتها "سكين وسيارة".

عودة "أطفال فلسطين" الى المشاركة الفاعلة في الأشهر الأخيرة رسالة سياسية بامتياز، لا ترتبط بفعل فصائلي، وتلك الميزة التي تستحق التفكير العميق، بأن المشروع الاحتلالي بمختلف مظاهره "تطهير عرقي وعنصرية واستيطان واستمرار احتلال"، أصبح القاطرة الرئيسية لولادة مظاهر مقاومة مستحدثة، وأن "السكينة السياسية" السائدة في الضفة والقدس، ليست دائمة ولن تكون، وحالة الانفجار وقتية، ولحظية، وتلك مسألة خارج الحسابات التقليدية.

خلال أسبوع، 3 عمليات أبطالها أطفال فلسطينيين في القدس وطولكرم وسلفيت، سلاحهم سكين وسيارة، تستحق قراءة غير تقليدية لنقاش مشاركة "الأطفال" في المعركة القومية، وهل ذلك حق في مواجهة عدو لا قواعد لإرهابه، ولماذا يذهب أطفال فلسطين لخيار المواجهة التي قد تصل بهم الى "الاستشهاد" ولديهم خيار البقاء أحياء والاستمتاع بطفولتهم حتى النضوج العام...

الأسئلة التقليدية لن تجد إجابة تقليدية في صراع مع عدو كدولة الاحتلال وجهازها الإرهابي، لأنها خارج القانون بما فيه قوانين تحت الاحتلال، ضد الطفولة قبل غيرهم، ولعل أرقام المعتقلين من أطفال فلسطين والشهداء تجاوز الـ 15 ألف خلال سنوات، يقدم بعضا من جواب على مشاركة الأطفال في المعركة الكبرى.

قالها نزار: (آه يا جيل الخيانات..

ويا جيل العمولات..

ويا جيل النفايات..

ويا جيل الدعارة..

سوف يجتاحك..مهما أبطأ التاريخ..

أطفال الحجارة..)

"أطفال الحجارة" .. "أطفال السكاكين" .."أطفال الدهس"..ثلاثية لسجل فلسطيني كفاحي لا نهاية له سوى بنهاية احتلال وإرهاب وعنصرية وتطهير عرقي...ونهوض الكيانية الوطنية عنوانا ومشروعا!

ملاحظة: ما أحدثه فيلم "أميرة" من غضب فلسطيني عام ووحدة موقف غابت كثيرا، لما به من إساءة لمسار شعب بتطلب من الرئيس محمود عباس ورئيس الحكومة د.اشتيه التدخل العلني مع الأشقاء في الأردن لاتخاذ موقف من الفيلم..اقله براءة سياسية قبل منع عرضه سينمائيا!

تنويه خاص: مبروك افتتاح سفارة فلسطين في تونس..البناء يقال أنه مميز كتير..حلو بس يا ريت تخبرونا مين دفع "أموال البناء المميز"..اذا تبرع صحتين..اذا لا اللعنة عليكم..والناس فاهمة ليش!