لم يكابر رئيس جهاز الأمن الإسرائيلي الداخلي (الشاباك)، كما حكومة أطفال السياسة بقيادة "الثلاثي بينيت لابيد عباس"، فسارع قبل فوات الآوان للحديث عن ضرورة "مساعدة السلطة الفلسطينية" من الانهيار الاقتصادي ما يخدم حركة حماس.
ولنترك جانبا "مكذبة خدمة حماس" راهنا، فكل طفل فلسطيني يدرك حقيقة من هي الأطراف التي تخدمها بقوة كي تبقى موازيا تمثيليا وجدارا مانعا انفصاليا في قطاع غزة، ولكن الصرخة التي أطلقها الرئيس الجديد للشاباك رونين بار استبقت ما يمكن أن يطلق عليه "تطورات أمنية" غير محسوبة، بل وربما مفاجئة بالمعنى المحدد.
خلال أيام وبشكل غير منسق، حدثت عمليات كفاحية يمكن اعتبارها "نوعية"، من حيث المنفذين عمرا وأدوات، قد تصبح ظاهرة تتجه الى مسارات متعددة ومختلفة، ما يزيل كل مرابح "السكون السياسي" الذي حدث منذ القضاء على "هبة السكاكين" عام 2016، بفضل التعاون المشترك بين أمن سلطة فلسطينية وأمن عدوها القومي، سلطة الاحتلال، هبة كان لها أن تعيد شروق فجر كفاحي جديد للشعب الفلسطيني، يواصل ما كان في الانتفاضة الوطنية الكبرى ديسمبر 1987، والمواجهة الوطنية الكبرى سبتمبر 2000.
"صرخة بار" لمساعدة السلطة في رام الله، لم تكن أبدا تعزيزا لمكانتها السياسية، ولا دعما لوضعها الاقتصادي المنهار نتاج أسباب متعددة أحدها، سرقة أموال المقاصة، الى جانب غيرها يعرفها أهل فلسطين فردا فردا، فهدف بار ليس سوى منح الغطاء لاستمرار القبضة الأمنية الرسمية الفلسطينية وزيادة ساعدها، كي تقوم بما لا يستطيع الأمني الإسرائيلي القيام به، وإعادة ما سبق أن قامت بتنفيذه من "مطاردة ساخنة" لكل تلاميذ مدراس الضفة، وبعض مناطق القدس تفتيشا عن "سكاكين" اصابت روح العدو هلعا.
"صرخة بار" الاستباقية إحساسا بأن الجديد الكفاحي الفلسطيني قد يمثل نقلة نوعية في المواجهة، ويربك كل الحسابات الأمنية التي تجهلها "حكومة أطفال السياسة" بقيادة الثلاثي في تل أبيب، خاصة وأنها تفتقر الى معنى الارتباط بين السياسي والأمني، ما يحاول رئيس الشاباك توجيه الاهتمام اليه، لذا لا يجد صدى سوى لدى وزير الجيش بيني غانتس، الذي يواصل الاتصال مع الرئيس محمود عباس، تلبية للصرخة الأمنية وحساباتها المرتبكة.
"صرخة بار" الجديدة، تتزامن مع تعدد حركة الإعدامات الميدانية التي ينفذها جيش الاحتلال، والتي باتت وسائل التواصل الاجتماعي تقدم خدمة غير مسبوقة لتوثيقها، وتعميمها كشهادة اثبات لا يمكن محوها من "الذاكرة الإنسانية"، ما يساعد في تطور الوعي الجمعي لفتح باب الملاحقة الجنائية لمرتكبي تلك الإعدامات بصفتهم مجرمي حرب، ولن يحميهم أبدا "بعبعة" حكومة جهالتها السياسية غير مسبوقة.
"صرخة بار" نداء مبكر لمحاصرة حركة قد لا تتأخر كثيرا في "التمرد العام" على "بلادة طال زمنها"، ستدخل دولة الكيان في مسار يصبح مواجهته خارج عن "السيطرة"، خاصة لو أدى ذلك الى فتح جبهات أخرى بأشكال أخرى، ليعيد الصراع الى ما قبل 2004، التي ظنت دولة الاحتلال أنها بداية النهاية لمشروع التمرد الوطني الفلسطيني العام، خاصة بعد نجاحهم غير المسبوق في زراعة انقسام نوعي وانفصال سياسي تاريخي في جسد المشروع الفلسطيني الوطني والكياني، ولذا كانت تغذي شهريا الحكم الانفصالي في قطاع غزة بحقب مالية، وتغذي أجهزة امن السلطة، مع الطعن المتلاحق في جسد الكياني، بحيث أحالها وكأنها "أحد أدواته التحكمية".
"صرخة بار" الأخيرة، لمساعدة السلطة يجب أن تكون "صرخة صحوة وطنية فلسطينية" لإدراك قيمة ما حدث في الأيام الأخيرة، من "خروج عن النص الكلاسيكي" في مواجهة العدو المحتل بكل أدواته الأمنية، وخاصة الوجود الإرهابي الاستيطاني، ما يجب على رئاسة السلطة وأدواتها كافة، أن تفكر جيدا قبل وقوعها في مصيدة المكذبة الجديدة، وتسارع في احتضان الصارخين كما كانت تفعل دوما.
فرصة أوجدها أطفال قرروا أن لا يكونوا كما أُريد لهم أن يكونوا، فعلى من يقول إنه رأس الشرعية أن يدرك تلك القيمة لخدمة أصل الرواية، القضية الفلسطينية...
على الرئيس عباس أن يضع معادلة "السياسي مقابل الأمني" وليس "المالي مقابل الأمني"، كما هي معادلة قطاع غزة، غير ذاك سيكون سقوطا وطنيا "خالدا"...!
ملاحظة: يبدو أن منظمي مسابقة ملكة جمال الكون في دولة الكيان خدموا الشعب الفلسطيني خدمة غير محسوبة أبدا، سرقتهم الصريحة للزي الفلسطيني المعلوم في كل الدنيا، تأكيد أنهم بلا ثقافة ولا تراث في هذه الأرض...السرقة كشفت الحرامي يا لصوص التاريخ!
تنويه خاص: تشكيل قائمة "قادرات" في بلدة برقين بالضفة للانتخابات المحلية، كشف أن عمق التمييز الاجتماعي يفوق كل "الخطب الرنانة" عن المساواة...دراسة ما حدث مع"هن" أهم بكتير من الفرح بفوز أي من"هن"، لو بدنا نبني بلد بلا قهر مجتمعي فوق القهر الاحتلالي!