هارتس : إسـرائـيـل تـحـوّل غزة، رسمياً، إلى غيتو !

ب ميخائيل.jpeg
حجم الخط

بقلم: ب. ميخائيل

 

 


كان الحدث احتفالياً. قام السجان الأكبر، افيف كوخافي، بإلقاء خطاب. شكر وزير الدفاع، بني غانتس، من طرح فكرة الجدار، بنيامين نتنياهو. وأعطى العميد عيران اوفير، قائد قيادة الجدران والقضبان، تفاصيل بأرقام مثيرة عن طول الاسلاك وسمك الاسمنت. حظاً أوفر.
الآن أصبح هذا رسمياً. يدور الحديث عن غيتو، لا عن سجن. وما هو الفرق بين الغيتو والسجن؟ في السجن يسجنون اشخاصاً لأسباب جنائية. في الغيتو يسجنون اشخاصاً لأسباب وراثية. أكثر من مليوني شخص يحشرون في هذا الغيتو. 99 في المئة منهم أبرياء. ولكن هذا لا يزعج الغيتوات ومن يبنونها. لأن الغيتوات منذ الأزل تم تخصيصها للأبرياء. ومن مثلنا يعرف ذلك؟!
من ينظر الى جدار الإسمنت والسلك الشائك هذا وأبراج الحراسة وشريط الموت وألعاب الكتل سهلة الاستخدام وأجهزة الاستشعار والاضواء الكاشفة والكاميرات والأبواق، ولا يصاب بالقشعريرة ولا يتذكر ولا يهمس لنفسه «غيتو!»، فان هذا إشارة إلى أن روحه تبلدت وقلبه انغلق. وإذا كان يهوديا ولم يقف شعر رأسه مع ذلك فان هذا إشارة إلى أن كل تاريخه ضاع، وأنه لم يتعلم منه أي شيء.
لكن وراء هذا الدنس يوجد أيضا غباء. 3.5 مليار شيقل تم دفنها في هذا المشروع. وأساس التفاخر به هو على «سور تحت الأرض» ضد الأنفاق. برافو. منذ كانون الأول 2014، الوقت الذي استخدم فيه النفق الاول وحتى الآن، 17 سنة، تم تنفيذ ست اختراقات ضد إسرائيل عبر الانفاق. المرة الاخيرة كانت في 28 تموز 2014. منذ ذلك الحين لم يحدث أي شيء. سكاكين المطبخ تسببت بضحايا أكثر.
حتى الاختراقات التي حدثت فوق الأرض ليست مشهدا مألوفا. ولكن امام التهديد الاكثر اعتياداً، الذي يطل من القطاع، الصواريخ والبالونات، فان كل هذه المليارات تقف عاجزة، ولا يوجد لها أي دور. الصواريخ لا تطير تحت الأرض، والبالونات تميل الى التحليق من بعيد، فوق الجدار وفوق أبراج الحراسة، وفوق شريط الموت، وفوق أشعة اجهزة الرادار، كل تلك معا ستنظر من أعلى الى الجدار تحت الارض والجدار فوق الارض وستواصل طريقها نحو الهدف. باختصار، من المليارات التي دفنت حول القطاع ستأتي الحمى فقط لسكان الغلاف.
لماذا مع ذلك نقوم ببناء هذا الفيل الاسود؟ هذا غير واضح. لأن بيبي كانت له يد في الموضوع، ولأن الأمر يتعلق باعوام 2018 – 2021، أعوام المحاكمة والحملات الانتخابية، يصعب التملص من التفكير بأن الامر يتعلق بخدعة انتخابية أخرى.
هل الشعب وسكان الغلاف يخشون من الاختراقات ومن الانفاق؟ هل هم غاضبون على العجز؟ هل يشعرون بالاهانة من كل شرخ يفتحه صاروخ مجتهد في الأنا المازوشستية خاصتنا؟ إذاً، لنقم ببناء شيء عظيم والكتروني لهم يفرحهم. والاعتراف بالجميل سنحصل عليه منهم في صناديق الاقتراع. يبدو أنه فقط بهذه الطريقة يمكن اكتشاف طريقة ما في الجنون.
للأسف الشديد، خلال فترة قصيرة ستعود الصواريخ والبالونات للتحليق. هذا أمر غير فظيع. ربما العكس. قبل الانتخابات القادمة التي سيتنافس فيها كالعادة أيضا بيبي (لأن حكومة التغيير نسيت مرة اخرى سن قانون يمنعه من ذلك)، سيكون بالإمكان تأجيج الشعب بمشروع فاخر آخر وهو بناء سقف من الفولاذ فوق كل القطاع. هذا سيكون نهاية للصواريخ والبالونات. سيُركب السقف بالطبع على خطوط كي يكون بالامكان تحريكه جانبا، من اجل تسهيل عمل قاصفات سلاح الجو والطائرات المسيرة القاتلة. وفي عيد العرش سيكون بالامكان ايضا نصب عريشة حتى لا يضطر الجنود المتدينون القوميون (الذين سيقومون باقتحام القطاع في اطار عملية «الطلاق من الغيتو»)، أن يأكلوا- لا سمح- الله بدون عريشة حلال.
سيعود الشعب بالتأكيد ويفرح، وستعود قامته الى الانتصاب. وأنا كما يبدو سأصاب بالجنون. لا عجب في ذلك.

عن «هآرتس»