ليس هناك في هيئة الاركان اليوم لواء يعتمر قبعة دينية. والاستنتاج من ذلك ظاهرا هو أن كمية المتجندين للخدمة الدائمة الطويلة من بين اوساط الصهيونية الدينية متدنية.
كل ذي عقل يفهم بأن هذا هراء: معدل المتجندين للخدمة ذات المغزى من هذا التيار هو من أعلى المعدلات في المجتمع الاسرائيلي. نصيبهم في القيادة الدنيا والمتوسطة، ولا سيما في ألوية المشاة النظامية، أعلى بالمقارنة من نصيبهم بين السكان المتجندين. وصدفة فقط انه لا يوجد اليوم لواء متدين.
قبل بضع سنوات خدم بالتوازي 3 - 4 الوية متدينين، وهذا ايضا كان صدفة.
لا يصرخ احد جراء عدم وجود لواء متدين في الجيش الاسرائيلي.
بالمقابل انطلقت مؤخرا صرخة على أنه على رأس أذرع الامن – "الشاباك"، "الموساد" والشرطة – يقف اليوم معتمرو "الكيبا"، سواء كانت شفافة أم لا. غير أن المتدينين لم يسيطروا على اذرع الامن هذه، تماما مثلما لا يسد العلمانيون طريق معتمري الكيبوت في الطريق الى القمة العسكرية. يدور الحديث عن سياقات اجتماعية – طبيعية وايجابية لاتون الصهر. لا حاجة للتعلل بالبراءة: فللدولة مشكلة مع التطرف القومي – المسيحاني في الصهيونية الدينية في الـ 10 – 15 سنة الاخيرة.
وثمة خوف من التطرف الديني، الذي يهدد النزعة الرسمية لاذرع الامن. وفضلا عن ذلك، هناك خوف من تحطيم المراتبية ورفض منظم للاوامر على خلفية ايديولوجية، اذا ما وعندما تقف حكومة اسرائيل مع حلول الوقت امام قرارات حاسمة في مسألة الاستيطان في "المناطق" مثلا.
غير أن ليس لهذه المخاوف أي صلة باشخاص مثل يورام كوهين، يوسي كوهين او روني ألشيخ. فهم حقا ليسوا العنوان للانقضاض البشع الذي بلغ ذروته حين لمح الى ان رئيس "الشاباك" لا يبذل ما يكفي من الجهود لمعالجة الارهاب اليهودي لكونه معتمر "كيبا".
وقد وصل الثلاثة الى الخدمة الامنية قبل ثلاثين سنة. نشأوا في صهيونية دينية اخرى، منها جاء ايضا الالوية اليعيزر شتيرن، يئير نافيه، يعقوب عميدرور وآخرون.
وعندما تطلق النار نحوهم – جراء الجهل والخوف – فان النار تحرف عن المشكلة الحقيقية.
وتوجد مشكلة. "الشاباك"، الشرطة، الجيش، و"الموساد" ستنجح اليوم في كل اختبار للولاء. لكل واحد من هذه الاجهزة تراث واخلاقيات مستقرة. للجيش ايضا دوائر احتياط واسعة بحيث أنه ليس بسهولة يكون ممكنا حرفه عن فكرته المركزية. فضلا عن ذلك، فالجيش هو جسم شامل يصمم فكر الناس، وله اخلاقيات قوية يصعب على الفرد "الانفلات" منها.
فرجال الجيش يتأثرون بقيم كالزمالة، التكتل، التمسك بالمهمة، حيث ان الرفض الايديولوجي يمكنه أن يظهر بين جنود لا يخدمون لزمن طويل ويتعرضون لتأثيرات خارجية من مراكز قوة مدنية، كالحاخامين مثلا.
طالما كان التيار الصهيوني الديني يرى في الخدمة العسكرية وفي الحياة المهنية العسكرية قيمة عليا في تحقيق الرؤيا الوطنية وشرطا ضروريا للتأثير الاجتماعي، يكون لدى الدولة والجيش عقاب: من يخرج عن الاخلاقيات العسكرية لا يجند. وهذا سوط رادع. والسؤال هو أين سيكون اولئك الخريجون من الصهيونية الدينية الجديدة – الذين تقودهم مدارس التسوية وحاخامون متطرفون ولا يخفون رأيهم من رفض الاوامر – بعد خمس سنوات، واي مناصب سيؤدون في الجيش وكم سيكون عددهم؟
يمكن للجيش اليوم أن يقاتل ضد ظواهر "التحول الديني" التي ظهرت في هذه الكتيبة أو تلك، وحتى في مستويات أعلى، تحت قائد اللواء هذا او ذاك. ولكن عندما تصل الظاهرة الى حجوم كبرى ومفترقات حاسمة، فسيكون أكثر تعقيدا اعادة الدولاب الى الوراء.
ان الكفاح ضد التطرف في الاتجاه المسيحاني القومي ليس فقط مشكلة محافل الامن بل والصهيونية الدينية نفسها والمجتمع الاسرائيلي بأسره. فاذا كان حاخام في مدرسة تسوية يعظ تلاميذه بأنه مسموح رفض الاوامر، على وزير الدفاع – مع كل الصعوبة السياسية - أن يوقف في ذات اليوم شروط التسوية لهذه المدرسة مع الجيش. هذا العقاب يفهمه الحاخامون المتطرفون الرائدون. حاليا على الاقل.
عن "يديعوت"