يديعوت – بـيـن «حـمـاس» فـي الـضـفـة و»حـمـاس» فـي غـزة

حجم الخط

يديعوت – بقلم يوسي يهوشع

جرت في الأسابيع الأخيرة في وزارة الدفاع (الكريا) مباحثات حول سلسلة العمليات التي وقعت معظمها في منطقة القدس وبشأنها  كان كل الحاضرين، من قائد المنطقة الوسطى، عبر منسق الأعمال في المناطق، ورئيس الأركان ورئيس "الشاباك"، متفقين في الرأي بأنه لا يوجد خيط يربط بينها، فلا توجد خلايا منظمة، وليس صحيحاً وصف هذا كـ "موجة إرهاب".   
لم يجدوا السبب الحقيقي، وتعليق هذا بالتحريض في الشبكات الاجتماعية ليس سبباً قوياً بما يكفي؛ إذ شهدنا أياماً أصعب بكثير في الشبكات الاجتماعية.
العملية، التي وقعت أول من امس في حومش، باتت حدثاً آخر قاسياً وخطيراً في نتائجه، ويدل اساساً على تخطيط مسبق ومهنية خلية تملك سلاحاً نارياً عرفت أين تتموضع، وكيف تفر من المجال سريعاً. تذكر هذه خلية بمزايا شبكة "حماس"، التي انكشفت في الاشهر الاخيرة في عدة مناطق، من رام الله وحتى جنين، وتلقت تعليمات من قيادة "حماس" في الخارج التي تتخذ من تركيا مقراً لها.
سيلقى القبض على هذه الخلية آجلاً أم عاجلاً، لكن العملية تدل على ان تصفية الشبكة الكبرى في الحملة التي حظيت في الجيش الإسرائيلي بلقب "تمساح مقلوب" لم تكن كافية، وأن على جزازة العشب أن تواصل العمل لتجتث خلايا "الإرهاب".
رغم ذلك في جهاز الأمن يجرون تمييزاً بين "حماس" غزة وتلك التي في الضفة. في الجيش الإسرائيلي يؤمنون بأن التسوية أدت الى هدوء استغرق سبعة اشهر منذ حملة "حارس الأسوار" – الفترة الأكثر هدوءاً من نهاية حملة عسكرية في غزة  - ويواصلون التسهيلات.
فقد زادت إسرائيل عدد العمال الذين يخرجون من غزة الى الحد الاقصى ليصل عشرة آلاف في اليوم، وفي الجيش الإسرائيلي يؤيدون زيادة إضافية لعدد العمال الوافدين. هذا هو موقف فرقة غزة، وقيادة المنطقة الجنوبية، ومنسق الاعمال في "المناطق".
يدخل إسرائيل كل يوم نحو مئة الف عامل فلسطيني من الضفة. في تقويم الوضع الأمني يوجد دوما الخطر والتخوف من أن ينحرف احد العمال من الضفة – ممن يعد دخولهم للعمل في إسرائيل حيوياً لاقتصاد الضفة – عن الطريق المستقيم، فيستغل التصريح لأغراض الاعمال المعادية. السؤال الذي يطرح نفسه في هذه الايام في جهاز الأمن: هل تُبنى استراتيجية بعيدة المدى على أساس منفذ محتمل فرد؟
نشر جهاز الأمن "الشاباك"، أول من امس، انه اعتقل فلسطينيا ومواطنا إسرائيليا من يافا للاشتباه بالتجسس، وُرفعت ضدهما لائحتا اتهام. الرجلان هما حسين بياري، من سكان يافا ابن 30 له عائلة في قطاع غزة، ومحمد أحمد، ابن 33 من القطاع كان يحمل تصريحاً تجارياً للدخول الى إسرائيل على خلفية التسهيلات لسكان غزة. وحسب لائحة الاتهام، في أثناء إحدى زياراته الى القطاع في السنة الماضية جنّد نشطاء "حماس" بياري وأمروه بشراء هاتف خلوي جهز ببرنامج "سيغنل" الذي يستخدم لنقل الرسائل الفورية".
ولاحقاً أمروه بأن يبحث عن ويصور مواقع منظومة "القبة الحديدية" في إسرائيل وقواعد عسكرية ونقاط تجمعات جنود الجيش. وحسب الاتهام ركب دراجة كهربائية مدعيا أنه عامل شركة إرساليات للغذاء. السياسة الإسرائيلية تجاه غزة، كما قررها وزير الدفاع والتي تطبقها وحدة تنسيق أعمال الحكومة في "المناطق"، تقول إن ثمة حاجة لتعزيز الاقتصاد الغزي والواقع المدني في غزة من أجل ان يخلق هناك – مثلما في الضفة – ما يمكن خسارته، تجاه السكان الغزيين وقيادة "حماس". ينبغي إعطاء شيء ما كي يخشى الطرف الآخر خسارته.
يعمل نحو 10 آلاف تاجر غزي في إسرائيل في الأشهر الأخيرة، وقد غيروا شيئاً ما في غزة. كل واحد من أولئك العاملين الغزيين يؤثر بشكل مباشر على العشرات من ابناء عائلته، ممن يرتزقون من المال الذي يدخله الى القطاع من العمل في إسرائيل. إضافة الى ذلك، عشرات ملايين الشواقل التي يدخلها أولئك التجار الى غزة كل شهر تحرك الاقتصاد الغزي وتغير بقدر كبير الواقع الذي كان في القطاع عشية حملة "حارس الأسوار".
صحيح ان دخول التجار الغزيين الى إسرائيل ليس عديم المخاطر، ويخلق تحديات أمنية، وهو وضع يتطلب من جهاز الأمن تشخيصاً معمقاً لأولئك العاملين واستخداماً لأدوات تكنولوجية متطورة لمراقبة أعمال هذه الفئة السكانية. يتطلب هذا جهداً ولكنه ممكن، وفي ضوء المنفعة الناشئة عن دخولهم الى إسرائيل، يدور الحديث عن مخاطرة محسوبة تأخذها إسرائيل على عاتقها.
ان المسألة الحالية التي يقف أمامها أصحاب القرار هي ترتيب مكانة أولئك الغزيين الذين يحملون التصريح، كعاملين عاديين – بالضبط مثل العاملين من الضفة. هكذا يكون ممكناً ترتيب عملهم في إسرائيل بشكل قانوني وآمن وتشديد الرقابة الأمنية على وجودهم وعملهم في أراضي دولة إسرائيل.

عن "يديعوت"