العشائرية والعائلية على صهوة حصان فتح

زياد ابو زياد.PNG
حجم الخط

بقلم: المحامي زياد أبو زياد

 

كانت الانتخابات المحلية الجزئية التي أجريت في مطلع هذا الشهر موضع نقاش وتعليقات تتعلق بمقاطعة حماس لهذه الانتخابات ومنع اجرائها في قطاع غزة واقتصار الانتخابات على جزء من القرى والبلدات وعدم اجرائها في مراكز المحافظات، والتساؤل عمن فاز في هذه الانتخابات، فتح ام حماس؟

وقبل أن أتطرق للإشكالية في الفوز أود أن أقول بأننا كنا نتطلع ونتمنى أن تُجرى انتخابات شاملة في الضفة والقطاع بما في ذلك القدس المحتلة وعدم التسليم بأن قرار اجراء الانتخابات في القدس هو في يد الاحتلال وبالتالي التسليم بأن الاحتلال هو صاحب القرار بالقدس. فهذا خطأ استراتيجي وسياسي وستكون له أبعاد خطيرة فإجراء الانتخابات بالقدس يجب أن يبقى قرارا وطنيا ينفذ بكل الوسائل المتاحة في أرض تقع تحت الاحتلال.

فالمطالبة بأن يسمح الاحتلال بإجراء انتخابات بالقدس تبدو عملا ً عبثيا ً بل ولربما يُعطي الانطباع المقصود به التهرب من اجراء الانتخابات بحجة أن لا انتخابات بدون القدس وأصحاب هذه المقولة يعرفون بأن الاحتلال لن يسمح بذلك.

فالواضح أن هناك من يستخدم “فزاعة” حماس وتارة فزاعة الاحتلال ليتهرب من اجراء الانتخابات لأنهم استساغوا الوضع الحالي وركنوا اليه. ولكم كان من الأفضل لو تحلى أولوا الأمر بالقدرة على تحمل المسؤولية الوطنية بروح التحدي والمبادرة وأجريت الانتخابات المحلية كاملة في سياق عرس وطني انتخابي للرئاسة والتشريعي والمجالس المحلية.

أما ولم تكن الانتخابات التشريعية والرئاسية واردة في الحسبان فقد كان الأجدر أن تُجرى الانتخابات البلدية كاملة في كل أرجاء الوطن وعدم الإصغاء للذين حذروا من اجراء الانتخابات في مراكز المحافظات خشية أن تفوز بها حماس، وأصغت الحكومة لأصواتهم واستجابت لهم.

وهنا لا بد من القول بأنه لا يجوز لأطر تنظيمية معينة تابعة لفصيل واحد أن تفرض رأيها على الحكومة في شأن عام لا يقتصر على ذلك الفصيل فقط.

وفي هذا السياق أقول بأن هناك فرق شاسع بين ان تكون حركة مقاومة تتبنى النهج الثوري في كل مناحي عملها وبين أن تتحول الى حزب سياسي. وإذا كان من المتعارف عليه أنه يحق لقائد فصيل ثوري أن يتفرد باتخاذ القرار، فإنه لا يجوز لقائد الحزب أن يفعل ذلك، بل عليه الرجوع لمؤسسات الحزب ونظامه الداخلي.

وللأسف الشديد فإن فتح التي تحولت في جزء كبير منها الى ما هو أقرب الى الحزب السياسي إلا أنها لم تنجح في التحول الى العمل الحزبي وتاهت بين الماضي الثوري والحاضر السياسي المتداع. ويمكن القول ونحن على أعتاب المؤتمر الثامن أن المؤتمرات الأخيرة بالذات لم تكن موفقة لا في اختيار أعضاء المؤتمرات ولا في اختيار المرشحين وتركت خارج إطار مؤتمراتها قيادات وكوادر عريقة وذات رصيد نضالي لا يمكن تجاهله ولم تأخذ دورها ولا استحقاقها الذي استحقته بجدارتها النضالية الميدانية وليس بالتسلق على أكتاف أحد.
ويا حبذا عشية المؤتمر الثامن لو تم تلافي أخطاء المؤتمرين السادس والسابع في الاعداد للمؤتمر الثامن الذي يجب أن يكون مؤتمر استنهاض فتح من كبوتها وانبعاثها من جديد.

وأعود للانتخابات المحلية الجزئية الأخيرة وأقول بأنني لا أتفق مع من قالوا بأن فتح فازت بها ولا أتفق أيضا مع من قالوا بأن حماس أو المعاضة فازت بها، وأقول وبكل إصرار وتحدي بأن الذي فاز في الانتخابات الجزئية الأخيرة هو العشائرية والعائلية وأخشى ما أخشاه هو أن تكون هي أيضا الفائزة في المرحلة القادمة من الجزء المتبقي من المجالس البلدية.

لقد تبنينا منهج الانتخابات النسبية الكاملة ولم نتنبه لحقيقة أنه في الانتخابات النسبية الكاملة لا يستطيع أي حزب أو فصيل تشكيل قائمة كاملة من أعضائه لأن أكثر من 70% من الناخبين غير مؤطرين في أي فصيل من جهة ولأن هناك تجمعات سكنية صغيرة لا يمكن تشكيل قوائم حزبية فيها. وأضرب على سبيل المثال أنه في الانتخابات التي أجريت في مطلع الشهر الحالي هناك تجمعات سكنية لا يزيد عدد سكانها عن مئتين وتجمعات لا تزيد عن أربعمائة وهكذا فكيف يمكن تشكيل قوائم ذات خلفية حزبية فيها؟

إن النتيجة الحتمية لمثل هذا الوضع هي عودة العائلات والعشائر الى الواجهة وهنا يكون الاختبار الحقيقي لمن يريد أن يتعامل مع العشائرية. فقد وقعت فتح مرارا في مصيدة العشائر والعائلات وحملت على أكتافها أشخاص متنفذين فرضوا أنفسهم بالقوة على عائلاتهم مع أنهم ليسوا أفضل من لديها بل وبعضهم متورط في أمور معروفة وخاضوا الانتخابات في قوائم فتح والناس تعرف أنهم ليسوا أهل لذلك، وكثير منهم كانوا عبئا ً على فتح وتسببوا في استقالة أو فشل المجالس التي دخلوها على ظهر حصان فتح.

وإذا كانت العائلات والعشائر هي التي فازت في الانتخابات الجزئية فإن على فتح في الجزء المتبقي والذي يُفترض أن يُجرى في تجمعات سكنية كبيرة أن تُحسن اختيار من ستحملهم على ظهرها في قوائمها وأن تتجنب مجاملة البعض على حساب سمعة ورصيد الحركة الذي يشهد حالة تدني لا بد من تداركها والارتفاع به من جديد بجدارة القدرة على استعادة ثقة الجمهور بها. فهل سيكون ذلك؟ أحتفظ بالجواب لنفسي ولحين يحين الأوان.