كيمياء حل الدولة الواحدة

iIVKw.jpeg
حجم الخط

بقلم د. طلال الشريف

 

 

 فهم كيمياء الشيء، يساعد على وصف الشيء وتفسيره .. ولأن كيمياء حل "الدولة الواحدة" التي طرحها النائب محمد دحلان غير محددة خاصة وأن هناك أشكال متعددة من نموذج حل الدولة الواحدة تطرقت لها مراكز بحث وسياسيين ومثقفين وخبراء ولو نظرياً فكان السؤال العام، ماذا كان يعنى قائد التيار الإصلاحي في بيانه في افتتاح مؤتمر الاصلاحيين الأول في حركة فتح حين طرح قبوله بحل الدولة الواحدة.

فهل كان على سبيل التحدي الإنكاري لصعوبة أو استحالة حدوثه؟ أم على سبيل التحدي الممكن حدوثه؟ هذا يحتاج تقديم توضيح بماهية هذا الطرح لدراسته من كل الأطراف الفلسطينية على الأقل لأهمية الفكرة، نتمنى ألا يطول الوقت لتوضيحه، فتلك "الفكرة" قد تصبح مخرجاً لقضية أرض وشعب في منتصف عقدها الثامن، وفي وقت أٌغلِقت فيه كل أفكار ومسارات محاولة حل الصراع العربي الإسرائيلي.

موضوع حل "الدولة الواحدة" طٌرح نظريا، لكن لم تضعه فعلا أيٍ من الأحزاب الفلسطينية قيد رؤيتها العملية أو كأحد بنود برامجها، فبقي أمنية نظرية في الهواء.

أشهر مقاربة هي ما طرحها الرئيس القذافي كنيصحة للفلسطينيين والإسرائيليين، واقترح القذافي اسما للدولة الديمقراطية الواحدة هو " إسراطين"، إلا أنه لا توجد أوراق أو وثائق وضح فيها القذافي كيفية وتفاصيل الحل.

دولة واحدة ديمقراطية، دولة واحدة ثنائية القومية، حديث قديم تجدد أحياناُ عند بعض الباحثين لدولة واحدة كونفدرالية أوفيدرالية.

نعم هناك جماعات ثقافية ومؤسساتية تحدثت عن دولة واحدة "كونفدرالية" أي اتحاد بين دولتين مستقلتين ولأن حل الدولتين لم ينجح أصلا لتصبح دولة فلسطين دولة مستقلة وهو شرط الكونفدرالية الأول ما يستحيل معه تنفيذ هذا الحل.

في العام 2018 نشطت جماعة من السياسيين والمفكرين والكتاب والقادة الأمنيين الاسرائيليين السابقين لفكرة "الفيدرالية" بأن تقسم البلاد، أي فلسطين التاريخية كلها لعدة ولايات أو كانتونات، وحددوا لذلك عدد 30 كانتون، لكل منها ادارة وقوانين محلية وتحكمها فيدرالية مركزية عليا للدفاع والخارجية والإقتصاد، وكانت تلك الجماعة في بيانها قريبة لطروحات ممكنة وعملية حسب بيانها لمعالجة قضية متشابكة ومعقدة مثل تقرير مصير الاسرائيليين والفلسطينيين، تحدثوا فيها بدءا من دستور جديد للفيدرالية ينظم هذه الفيدرالية وحتى مشاركة كل مواطني الفيدرالية في جيش واحد، لكن أخطر ما فيها، أنها تستثني قطاع غزة من الفيدرالية، أي أنها تعالج كيفية الوصول للفدرالية مع الضفة الغربية فقط، وهنا مكمن الخطر، أي أنها تقترح اتحاد فيدرالي بين الضفة الغربية ودولة اسرائيل، وتركت مصير غزة لا أدري لأي مستقبل، ويقود هذه "الحركة من أجل الدولة الفيدرالية" أحد كبار الموساد سابقاً عامونئيل شاحف وآريه هس وهو هستدروتي سابق، ونشر لهذه الحركة بيان قدمته للسلطة الفلسطينية للمناقشة كما هو مكتوب في مقدمة بيانهم، وهو منشور كاملا على هذا الموقع والرابط آخر المقال.

نعود لقصة الدولة الواحدة مع الفلسطينيين، فقد تحدث كثير من المثقفين والسياسيين الفلسطينيين وخاصة اليساريين منهم بكلام نظري عن دولة واحدة ثنائية القومية عربية واسرائيلية بعد النكبة مباشرة وواصلوا ذلك في مناسبات عدة لما قبل أوسلو ، وبعد اختيار ياسر عرفات خيار حل الدولتين وتبعه أوسلو توقف الجميع عن طرح خيار حل الدولة الواحدة، والتي قلنا أنه لم يتبناها أحد من الفلسطينيين كبرنامج لحزب أو جماعة سياسية لتصبح هدفا للعمل من أجل تحقيقه، ولذلك :

إذا كانت هناك جدية وقناعة أولا بحل "الدولة الواحدة" فهذا يحتاج إرادتين فلسطينية واسرائيلية تقران بوصول الشعبين لقبول التعايش في دولة واحدة تترجم هذا القبول والإقرار قيادتي الشعبين دون تلاعب ودون تحريض ودون مطامع غير عملية تكون ألغاما في طريق الدولة الواحدة، وهذا يحتاج وقتا لتغيير ايجابي بين الشعبين للوصول لحل الدولة الواحدة، أولها وقف الاشتباك ونهاية هذه الثقافة الجديد القبول بقناعة بمبدأ المساواة في الحقوق والواجبات، عندها يمكن أن تكون طريقا لإحلال السلام وإنهاء الصراع.

ونعود لنطرح سؤالاً أخيراً، هل حل الدولة الواحدة، هي قضية نضالية ممكنة، أم، هي محاولة لتصحيح مسار حل الدولتين المتفق عليه بين مكونات منظمة التحرير واسرائيل؟

وحبذا أيضا الاجابة من كل من يرون إمكانية حل الدولة الواحدة ويدفعون في اتجاهه أن ينشروا برنامجهم ليقنعوا الآخرين فهي فكرة وجيهة تحتاج قناعة شعبية من الشعبين وقد تكون المنقذ لهم من صراع لا ينتهي.