الولايات المتحدة عادت لـ"الاستثمار" في السلام

7BE94ABF-FC1D-401F-8309-0EBBD9F15B7B-e1606662412333.jpeg
حجم الخط

بقلم: نوعا لنداو

 

 






أثار تقليص المساعدات الأميركية للفلسطينيين في عهد إدارة دونالد ترامب، إضافة إلى المس الشديد بميزانيات الكثير من مبادرات السلام والحوار بين الشعبين، نقاشاً عاماً صاخباً في حينه.
يتم الحديث، الآن، عن إعادة الدولارات بالتدريج إلى منطقتنا، بمستوى أقل بالطبع، رغم أنها يمكن أن تؤثر بشكل كبير في السنوات القريبة القادمة على كل "صناعة السلام" الإقليمية.
في الأسبوع الماضي ألقى السفير الأميركي الجديد في إسرائيل، توم نايدس، خطابه الرسمي الأول في هذا المنصب. لم يتحدث في خطابه عن نقل قنصليات أو إعفاء من تأشيرات الدخول (لذلك مر من تحت الرادار)، بل عن الصندوق الأميركي الجديد الذي سيستثمر في السنوات القادمة ربع مليار دولار في مبادرات للتعاون والحوار بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
يدور الحديث عن قانون جديد، تمت المصادقة عليه في السنة الماضية بدعم الحزبين، وحصل على دعم كبير بشكل خاص في أوساط الجالية اليهودية. المبادرة سماها المشاركون "قانون لافي"، على اسم عضو الكونغرس الديمقراطية، نيتا لافي، الذي قادته قبل تركها لمنصبها. من دفع هذا القانون من وراء الكواليس وفي ظل الرد المضاد على تقليصات ترامب هي منظمة "تحالف من أجل سلام الشرق الأوسط" (إي.ل.ل.ام.إي.بي) التي تضم عشرات منظمات السلاح الإسرائيلية والفلسطينية.
الكثير من هذه المنظمات تستعد الآن للانقضاض على الأموال. يدور الحديث على الأغلب عن جمعيات تجمع التبرعات بصعوبة، وملايين الدولارات هذه يمكن أن تغير كلياً جودة نشاطها ونطاقه. هذه الهبات سيتم توزيعها عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية "يو.اس.ايد". وتتركز معايير التوزيع على الدفع قدما بالتعاون الاقتصادي والحوار والمصالحة على المستوى الميداني والمواطنين.
للوهلة الأولى كل شيء يبدو إيجابياً. عادت الولايات المتحدة إلى الاستثمار في السلام، وفي المنظمات التي أهدافها جيدة ومهمة. ولكن من الجدير تذكر فترة اتفاقات أوسلو. الكثير من المبادرات للدفع قدما بالتعاون والحوار بين إسرائيل والفلسطينيين ظهرت في حينه مثل الفطر. وحتى الآن يختلف الباحثون حول مسألة إلى أي درجة ساعدت فعليا في الدفع قدما بالسلام. جزء منها ربما عمق الشرخ، مثل مبادرات الحوار التي انتهت دون أي شيء في أفضل الحالات، وبطعم اليأس في أسوأ الحالات.
أحد الأمثلة الرائدة في هذا الحوار هو النقاش حول درجة مساهمة مبادرات من نوع فرق كرة قدم مختلطة، مثلا. مبادرات "الحمص"، هكذا يسمونها بسخرية. ذكّرت أحداث أيار، ضمن أمور أخرى، بأنه ليس كل شيء يمكن أن يحله التوق المثالي للتعايش.
أيضا عندما يتدبر المواطنون أمورهم أو لا يتدبرون على المستوى الشخصي، هناك نزاع قومي – سياسي بين الطرفين. والحلول، مع كل الاحترام لمباريات كرة القدم، هي سياسية.
عندما يدور الحديث عن أموال طائلة تكون هناك تحديات كثيرة على الأجندة، مثل إلى أي درجة المنظمات القائمة مستعدة على صعيد بنيتها التحتية لميزانيات كهذه؟
هل الأموال ستصل أيضا إلى المجموعات السكانية التي هي ليست الجمهور الهدف "العادي" لمبادرات من هذا النوع؟ إلى أي درجة ستندمج في هذه المنح أيضا منظمات ونشطاء فلسطينيون في عهد مناهضة التطبيع، وما شابه.
مرت منظمات السلام بلا شك بعملية نضوج كبيرة منذ أيام "أوسلو"، وقد أصبحت أقل سذاجة، وكل هذه الأسئلة ليست غريبة عليها. ولكن هل الأميركيون الذين سيتم اختيارهم للجان التوجيه التي ستوزع الأموال اجتازوا عملية مشابهة؟ أنا غير متأكدة من ذلك.

عن "هآرتس"