معادلة.. صفحة سوداء أخرى

69db5a5b872bb7ce4f09d917d4df6665.jpg
حجم الخط

بقلم : حمدي فراج

 

صفحة سوداء اخرى جديدة فتحتها المطاردة بالسيارات في اريحا والتي اودت بحياة الشاب أمير اللداوي واصابة من معه بجراح وصفت بالحرجة ، ولا نعرف بالضبط ما هي التهمة “الخطيرة” التي اضطر معها هؤلاء الاربعة لدفع مثل هذا الثمن الباهظ. ألم يكن بالامكان وقف المطاردة والاكتفاء بتسجيل رقم السيارة واستدعاء صاحبها في اليوم التالي ؟.
هذه الاسئلة نوجهها الى كل مسؤول ، وعلى رأسهم الاخ محمد اشتية بصفته وزيرا للداخلية لكي نتجنب دفع هذه الاثمان الباهظة، ليس آخرها حياة هذا الشاب الذي ستظل دموع عائلته تسح سخية طول عمرها.
كان يجب على قائد الوحدة الذي اصدر الاوامر بملاحقة السيارة أن يدرك حقيقة ثابتة ماثلة ، من اننا ابناء شعب واحد يحكمنا اليوم الاختلاف السياسي ونمر في ظرف استثنائي عصيب ، لكن الامر غير الاستثنائي هو ان الاحتلال يحكمنا طوال الوقت، ويفرض شروط وقواعد تحركنا ووجودنا في مناطق “بي” و”سي” وساعات الليل ونوع السلاح ومجال وصول السيارات الحكومية … الخ ، كان يجب التحلي بحكمة ان ما لا نحله اليوم نحله غدا .
شرطي فلسطيني يقود سيارة شرطة ينهي عمله منتصف الليل ، وقبلها بدقائق دخل الى سوبر ماركت ليشتري بعض الاغراض التي تحتاجها عائلته . وابقى اشارة السيارة الزرقاء مشتعلة ، فإذا بجندي احتلالي يدخل الى السوبرماركت ويسأل بشكل لافت عن الشرطي، الذي أبلغه ان الشارة مشتعلة والساعة تجاوزت الثانية عشرة وهذا ممنوع .
الروائي الروسي الكبير ديستوفوسكي قال: لا تصدق صلابتي يا صديقي، أنا هَش من الداخل، أما رئيس الوزراء البريطاني وينستون تشيرتشل فقال لسائقه: انا في عجلة من أمري ، رجاء ان تقود ببطء ، لكن الفيلسوف الكبير سقراط قال : انا أحكم الناس لأنني اعرف انني لا اعرف .
عندما تم اختراع جهاز رادار كشف سرعة السيارات في سبعينيات القرن الماضي، كانت الشرطة تتعمد وضعه في اماكن سرية شبه مخفية لمعرفة السيارات التي تقود فوق السرعة التي حددها القانون ، وكانت احيانا تخفيه بين الشجر، ولكن فيما بعد أشهرته بشكل واضح، بل اصبحت تنوه بشعارات ويافطات تحذيرية عن وجود رادار في الطريق، وتحدد بعد المسافة التي تفصل المركبة عن الرادار، لأن القيادة السياسية والامنية أدركت ان الهدف الاساس من الرادار ليس قبض المركبة متلبسة بالسرعة الزائدة ، بل تخفيف السرعة القاتلة .
حتى في زنازين الاحتلال ، ذات التعذيب الوحشي ، كان يأتي احد المحققين “المختلف” عن بقية المحققين ، يطرح نفسه انه ضد التعذيب وضد زملائه الاخرين الذين لا يجيدون الا الضرب والعنف. ألم يكن هناك في السيارة الامنية احد يقول للسائق خفف السرعة ، اننا يجب ان نخاف على حياتهم اكثر من خوفهم على انفسهم .