طلب صائب عريقات، مسؤول طاقم المفاوضات الفلسطيني، انزال علم اسرائيل عن منصة مؤتمر "هآرتس" في نيويورك، قبل صعوده لالقاء خطاب بعد رئيس الدولة. طلب وحصل على ذلك. لم يتردد منظمو المؤتمر لحظة، ولم يتوقفوا للتفكير، ولم يستغرقهم وقت ليفهموا معنى ازالة علم اسرائيل من المنصة. وأنزلوا العلم دون التفكير مرتين. كلمتان: خزي وعار.
السياسي الفلسطيني، الذي يفترض أن يكون مسؤولا عن ادارة مفاوضات السلام، يثبت لنا مرة اخرى أن السلطة الفلسطينية تريد دولة فلسطينية، لكنها غير مستعدة للاعتراف بدولة اسرائيل. إنه ينادي من فوق كل منصة بأن نعترف بالدولة الفلسطينية، لكنه غير مستعد للاعتراف بدولتنا. من ناحيته فان العلم الاسرائيلي من الافضل ألا يرفع بالضبط مثلما أن السلطة لا تُدخل اسرائيل في خرائط وكتب تعليم الجغرافيا والتاريخ لديها. ولم يتردد عريقات ايضا في الصعود الى المنصة ليصف اسرائيل بدولة تمييز عنصري، بل بارك قرار الاتحاد الاوروبي وسم البضائع من "يهودا" و"السامرة". خطاب مليء بالحب والسلام تجاه اسرائيل.
أنهى عريقات خطابه بالقول إن نتنياهو يدمر حل الدولتين. هل تؤمن أنت ايضا أن هناك حقا لدولة اسرائيل في الوجود يا سيد عريقات؟ فأنت غير مستعد لرؤية علمها.
في دولة ديمقراطية تحافظ على حرية التعبير، من المحزن رؤية صحيفة مثل "هآرتس" تسحق بلحظة أهمية دولة اسرائيل بسبب من لا يريد القبول بها. وقد يكون هدف هذا المؤتمر هو الحديث للأذن الأميركية والاوروبية للاستمرار في السياسة الانتقادية لاسرائيل. فالمؤتمر لم يخصص لقراء الصحيفة الاسرائيليين بل لقراء الصحيفة في الدول الاجنبية. قد يكون حان الوقت لتغير الصحيفة اسمها الى "أرضهم" بدل "الارض" وتنقذ العالم من خدعة أن على رأس الاولويات مصلحة دولة اسرائيل.
أول من أمس، دافع عاموس شوكن، صاحب صحيفة "هآرتس"، عن نفسه في لقاء في الراديو، وقال إنه يجب تفهم عريقات الذي يعارض دولة تحتل أرضه. الامر الذي لا يفهمه شوكن هو أن انزال العلم يعطي شرعية لما يسميه عريقات احتلال الشيخ مؤنس بالضبط، حيث توجد مباني الصحيفة نفسها. وما لا تفهمه الصحيفة هو أن الاعتذار وارضاء الغير لا يقربنا من السلام بل يبعدنا عنه آلاف السنوات الضوئية. فحينما لا نعترف بحقنا في الوجود هنا، ولا نصرخ بهذا الحق بصوت مرتفع، فان من يفاوضنا سيطلب المزيد والمزيد. وماذا عن حق العودة الذي يؤيده عريقات الى حد كبير؟ هل يقربنا من السلام ومن حل الدولتين أم من تدمير دولة اسرائيل؟ الجواب بسيط جدا.
الى أن نعترف بجذورنا وبحقنا في هذه الارض، فان جيراننا سيستمرون في اختلاق القصص الكاذبة ويحاولون سلب شرعيتنا في هذه البلاد. وسيقولون إنهم احفاد الكنعانيين، وإن الحرم ليس مقدسا لليهود، وإن حائط "المبكى" هو مكان مقدس للمسلمين. هذه الرواية لا تقنع العالم فقط بل ايضا اليسار في اسرائيل. لأن من لا يعرف من أين جاء لا يعرف الى أين سيذهب. وهكذا هي حال "هآرتس"، ولن نصل أبدا الى السلام.
عن "إسرائيل اليوم"
-