عمل بعض المدنيين القاطنين في مناطق سيطرة قوات المعارضة في مدينة درعا على تجهيز الملاجئ تحت منازلهم بطرقٍ ومعداتٍ بدائية تجنباً للقصف الجوي وصواريخ الفيل (مصنعة محلياً) التي تشنه القوات النظامية السورية على المدينة.
أهالي درعا والتخفيف من حدة القصف
وأفاد "عبد الله المسالمة" أحد سكان المدينة، إن القوات النظامية صعدت في الآونة الأخيرة من قصف أحياء مدينة درعا بالصواريخ المصنعة محلياً ذات القدرة التدميرية الكبيرة مما دفع بعض الأهالي إلى تجهيز ملاجئ تحت منازلهم يحتمون بها عند سماع صوت إطلاق الصاروخ. وأوضح أنه يعمل على تجهيز ملجأ تحت منزله منذ قرابة الثلاثة أشهر مستخدماً الأخشاب وبعض الأعمدة الحديدية القديمة في تدعيمه بدلاً من الإسمنت المسلح. وفسّر لنا المسالمة أنه يستخدم هذه المواد على الرغم من قلة متانتها وتعريضها ملجأه لخطر الانهيار في أي لحظة، إلا أنّ غلاء أسعار مواد البناء حال دون استعماله مواد أخرى.
وأبدى المسالمة لمراسل الآن انزعاجه من الهيئات المحلية بسبب تقصيرها في تجهيز الملاجئ داخل أحياء المدينة لتكون مناسبة لإيواء الأهالي القاطنين في محيطها عند اشتداد القصف أو ارتفاع وتيرة الاشتباكات بين القوات النظامية وفصائل المعارضة، مشيراً إلى أنَّ مشكلة العشوائية وعدم التنظيم في تجهيز الملاجئ واستخدام الطرق البدائية في الحفر، وهي تكون في أغلب الأحيان غير مناسبة لتقوية جدران وسقف الملاجئ الأمر الذي يؤدي لانهيار بعضها بعد الانتهاء من تجهيزها مباشرةً أو تهدم جدرانها حال حدوث قصف على المناطق القريبة منها.
ومن جانب آخر بيَّن الناشط الإعلامي "حسن الحوراني" إن عائلة كاملة أصيبت بكسور ورضوض قبل أيام في حي البلد الخاضع لسيطرة فصائل المعارضة جراء انهيار جدران ملجأهم بعد اختبائهم بداخله إثر سقوط صاروخ "الفيل" على منزلهم، منوِّهاً إلى فاعلية الملجأ في التصدي لصاروخ الفيل الذي دمر المنزل بأكمله، منبها إلى الأخطاء الحاصلة أثناء بناء الملاجئ والتي قد تتسبب بموت بعض العوائل.
كما طالب الحوراني المجلس المحلي والهيئات الثورية والمختصين بهذا الجانب بتقديم المساعدات والنصائح للمدنيين حول كيفية حفر وتدعيم الملاجئ داخل منازلهم، ومساعدتهم في تجهيزها، وذلك تجنباً لتكرار حوادث إصابات بين الأهالي، ولتغدو تلك الملاجئ ملاذاً ملائماً لإيواء المدنيين لعدة أيام متواصلة عند ارتفاع وتيرة الاشتباكات.
غياب الدعم للمجلس المحلي
من جانبه يقول "أحمد المسالمة"، أحد أعضاء المجلس المحلي في درعا، لمراسل الآن: "إن افتقار المجلس المحلي والهيئات الخدمية للدعم المالي واللوجستي من أجل تجهيز وحفر الملاجئ داخل الأحياء هو أحد أسباب عدم توافرها بالشكل الكافي في المدينة، والذي أدى الى اعتماد المدنيين على أنفسهم للبحث عن ملاذ آمن يقيهم شر قصف القوات النظامية".
وأضاف المسالمة، بلا شك يتحمل المجلس المحلي وجميع الهيئات الخدمية العاملة في المحافظة مسؤولية ما يتعرض له المدنيون، ويتابع: "يجب تنظيم حفر الملاجئ وتوزيعها الجغرافي داخل المناطق السكنية من أجل استيعاب أكبر عدد من السكان ويجب أن يكون بداخل هذه الملاجئ طوربيدات لتجديد الهواء مزودة بأنابيب طرد ودفع الهواء، فعند حدوث القصف بالقرب من الملاجئ تسجل عدة إصابات باختناق بسبب قلة غاز الأوكسجين وانتشار غاز ثنائي أوكسيد الكربون".
ملاجئ هشة ولا بديل
فيما أوضح الناشط المدني "أبو قصي" العامل في قسم الإخلاء لدى الدفاع المدني، لمراسل الآن، صعوبة انتشال الجرحى من تحت ركام المنازل بعد تعرضها القصف لاسيما بعد انتشار الملاجئ البدائية الهشّة بشكل كبير تحت منازل المدنيين. ويذكر أبو قصي حالة انتشال جثة الشهيد "محمد قطيفان" من تحت ركام المنزل وإسعاف شقيقته وزوجها وأولادهما بعد تعرضهم لإصابات بليغة إبان انهيار جدران المنزل على غرفة واقعة تحت المنزل لجأوا إليها بعد سماعهم صوت صاروخ الفيل، ويستدرك أبو قصي أنّ هذه الغرفة لم تحميهم لأنها ليست معدة ومجهزة بالشكل الصحيح كملجأ.
كما تحدث أبو قصي عن ضرورة إنشاء الملاجئ داخل المدارس من أجل اختباء الطلاب بداخلها والالتجاء إليها عند تحليق الطيران الحربي والمروحي فوق سماء المدينة، مشترطاً تجهيزها على درجة كبيرة من الإتقان والسلامة.
جديرٌ بالذكر أن القوات النظامية استهدفت بعض الملاجئ الرسمية المعدة منذ عشرات السنين لاسيما داخل التجمعات السكنية، وكان آخرها قبل بضعة شهور حين استهدفت الطائرات المروحية بالبراميل المتفجرة ملجأ في أحد التجمعات السكنية بحي "العباسية" في درعا البلد وأدى ذلك إلى قتل وجرح العديد من المدنيين.
عن " الأخبار الآن"