تدخل تونس عام 2022، بعد أن مررت قانون موازنة العام الجديد، في ظل ظروف صعبة، كما قالت وزيرة المالية التونسية، سهام البوغديري نمصية، التي أشارت إلى أن الموازنة هي الأصعب منذ سنوات.
وذكرت نمصية أن الإجراءات الثورية والاجتماعية والإصلاحات الكبرى في تونس تستوجب كلفة كبيرة.
وتبلغ ميزانية تونس في عام 2022، 57 مليار دينار، أي ما يعادل 20 مليار دولار، ويصل العجز إلى 9.3 مليار دينار أي ما يعادل 6.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وكان رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، ذكر أنه وقّع على قانون المالية رغم عدم رضائه عليه بسبب ما تضمنه من خيارات لم تكن مقنعة لم تسمح بتحقيق مطالب الشعب في العدالة الجبائية.
واعتبر أن الموازنة نتيجة ما لحق بالدولة التونسية لمدة عقود من الزمن، في إشارة لما خلفه حكم حركة النهضة الإخوانية وحلفائها على تونس.
لكن الرئيس التونسي اتخذ إجراءات لحماية الفئات الهشة في المجتمع، ما استرعى إشادة من متابعين.
وتمر تونس بأزمة اقتصادية خانقة بسبب تركة ثقيلة لسنوات من الفساد المالي والاقتصادي جراء خيارات حكومات الإخوان المتعاقبة على البلاد في العشر سنوات الماضية.
وجاءت الإجراءات الإجتماعية المعلنة في قانون المالية لعام 2022 حريصة على أن تكون قريبة من توجهات الرئيس سعيّد في تحقيق العدالة الاجتماعية وضمان العيش الكريم للفئات الفقيرة.
ونص قانون الميزانية على المنحة المسندة إلى العائلات المعوزة، وإسناد منحة شهرية لفائدة 120 ألف منتفع من أبناء العائلات محدودة الدخل دون 6 سنوات، وتقديم منحة الإندماج في الحياة الجامعية لكل طالب ينتمي لعائلة ضعيفة الدخل.
ونصت موازنة تونس للعام الجديد أيضا على تخفيف العبء الجبائي على رياض الأطفال المنخرطة في برنامج النهوض بالطفولة المبكرة الموجه لأطفال العائلات محدودة الدخل، وعلى إحداث خط تمويل يخصص لمؤسسات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في شكل قروض لفائدة حاملي الشهائد العليا وخريجي مراكز التكوين المهني حدد سقفها الأقصى بـ 150 ألف دينار للشخص، وذلك بهدف دعم فرص التشغيل في تونس التي تعد آلاف المعطلين من خريجي الجامعات.
وتضمنت الموازنة الجديدة إجراءات تهدف للمحافظة على القدرة الشرائية للمواطن تعلقت بضبط أسعار المواد الفلاحية، وإقرار إعفاء من الأداء يشمل العمولات التي يتحملها الفلاحون من أجل تسويق منتوجاتهم بأسواق الجملة، وإعفاء من المعاليم الديوانية على توريد علف الداجن والمواشي.
وأقرت المحافظة على أسعار بيع المواد الغذائية المدعمة من الدولة والموجهة للمواطن رغم ارتفاع الأسعار العالمية.
وعلق رئيس نقابة الفلاحين فوزي الزياني في تصريحه بأن الإعفاءات الديوانية لفائدة الفلاحين هي خطوة إيجابية تنتظر أن تعززها إجراءات أخرى لتمويل صغار الفلاحين الذين ترك الكثير منهم المهنة بسبب كلفة الإنتاج غياب تمويل القطاع الفلاحي.
من جهته، اعتبر الناشط السياسي، محسن النابتي، أن "الرئيس قيس سعيّد نجح في تسجيل نقاط على حساب المجموعة المناوئة له بقيادة حركة النهضة، والتي عملت على مزيد إرباك الوضعية الإقتصادية و إثارة البلبة حول قانون المالية،مثبتا أنه وفي لقيمه ولم يخذل الفئات الهشة وفق ماهو متاح من إمكانيات للدولة التي تضررت طيلة سنوات الفساد تحت حكم النهضة".
وأضاف النابتي في تصريحه أن سعيّد هزم خصومه سياسيا وأخلاقيا عبر قانون مالية بإجراءات إجتماعية تراعي الفئات الهشة وتنحاز لهم في الحد المعقول، وفي المقابل حافظ على شعرة معاوية مع التوازنات المالية التقليدية و ارتباطات الدولة القديمة وفق تعبيره.
يذكر أن تونس تقف في العام الجديد أمام تحدي تغطية عجز الميزانية المقدر بـ3، 2 مليار دولار، عبر تعبئة الموارد الذاتية وجلب الإستثمارات والتحكم في المديونية من أجل تلبية المطالب الاجتماعية بالتشغيل و تحسين ظروف العيش.
المصدر: سكاي نيوز عربية