المساومة الغائبة.."نووي إيران" مقابل "نووي إسرائيل"!

1622458077-1144-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

 بالتأكيد، ليس جديدا أبدا الإشارة الى أن دولة الكيان الإسرائيلي، تمتلك مفاعلا نوويا وأسلحة نووية غير سلمية، وتعتبر جزءا من "المنظومة" المفترض أنها محرمة، وفقا لكل بيانات الولايات المتحدة والدول الأوربية، ومعهم منظمة الطاقة الذرية، التي تكلف البشرية كثيرا لوضع قواعد متابعة ومراقبة، كي لا تذهب تلك المنظومة بعيدا.

في أبريل 2021، سقط صاروخ مضاد للطائرات على بعد نحو 30 كيلو متراً من مفاعل ديمونا النووي، قرب مدينة بير السبع بصحراء النقب، ما أعاد لـ "الذاكرة السياسية" أن هناك مفاعل وأسلحة تمثل خطرا على الجوار والدول المحيطة، خارج أي رقابة أو معرفة حقيقية بالمخزون الذي بدأ العمل به في بدايات الخمسينيات من القرن الماضي، ولعبت فرنسا وليست أمريكا الدور المركزي في بناء مفاعل ديمونا النووي، منذ عام 1954.

وخلال الأيام الأخيرة، خرجت دولة الكيان، وعلى لسان رئيس حكومتها ووزير خارجيتها، بإطلاق مسلسل من التصريحات التهديدية، حول قدرة تل أبيب القيام بحرب شاملة ضد إيران، دون الاستعانة بأحد، في إشارة لرفض أمريكا منحهم ضوءا أخضرا لشن "غزوة" لتدمير المنشئات النووية الإيرانية حتى تاريخه.

تصريحات بينيت – لابيد، مفترض أن تكون جرس إنذار صريح وحاد لـ "الرسمية العربية" ومنها بالتأكيد "الرسمية الفلسطينية" لتعيد فتح ملف "النووي الإسرائيلي"، الذي لم تجرؤ أي مؤسسة دولية مختصة بمراقبة النشاط النووي من معرفة مخزونه الحقيقي، سوى التقديرات التي بدأت مع نشر صحيفة "صاندي تايمز" البريطانية عام 1986 صورا سرية للمفاعل، قام بتسريبها اليهودي المغربي مردخاي فعنونو، بما يمكن اعتباره "الفدائي الأول" لفضح السلاح النووي الإسرائيلي، دفع ثمنها جزءا كبيرا من حريته، خطفا واعتقالا وقيدوا لا تزال تطارده.

المفارقة الكبرى، ان دولة الكيان تمتلك سلاحا نوويا وصواريخ تحمل رؤوس نووية، لكنها لم توقع أبدا على اتفاقيات حظر نشر تلك الأسلحة، ليس تحديا للقانون الدولي فحسب، بل استخفافا بالمحيط العربي، خاصة الباحثين عن "حصار النووي الإيراني"، وربما "الكوري الشمالي"، ويقدمون خدمات بلا حصر من أجل ذلك، دون ان يتحدث أي منهم بكلمة ما عن وجود دولة تمتلك سلاحا نوويا وأسلحة دمار شامل، وتحتل أرض عربية وتصادر حريات شعب فلسطين، وتمنع حقه في تقرير المصير.

ليس مطلوبا الدفاع عن حق إيران أو غيرها بامتلاك "المشروع النووي" غير السلمي، ومن الحق القانوني متابعة ذلك وفقا للمعاهدات الدولية، ولكن أليس أجدر أن تكون إسرائيل أيضا جزءا من ذلك "الحق"، علما بأنها أقدم كثيرا بامتلاكها ذلك من إيران، بل أنها لم تخضع مرة لأي عمليات تفتيش لمعرفة الحقيقة، ولا زالت "وثائق فعنونو" هي المرجعية الأبرز لذلك المفاعل النووي، الذي يمثل تهديدا مباشرا على دول عربية وفلسطين.

قديما، كانت الجامعة العربية ترصد باستمرار مخاطر نمو المشروع "النووي الإسرائيلي"، وكانت عملية الرصد الدائم تعيد الحديث عن نتائجها خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، مع مشاريع قرارات محددة، ولكن في السنوات الأخيرة خفت الصوت كثيرا، بل غاب من المشهد، وكأن البعض أراد التعمية عن خطر "النووي الإسرائيلي" للتركيز فقط على "النووي الإيراني".

لو الأمر حقا، رفضا لمشروع يهدد المنطقة، كما تعلن تلك الأطراف، لماذا لا تقوم بعملية ربط موضوعي بين "الخطرين"، "النووي الإسرائيلي" مع "النووي الإيراني"، ما لم يكن لها رأي بأن دولة الكيان وما تمتلك لم تعد "خطرا" عليها، وأن سلاحها "النووي" سيكون "جدارا واقيا" لها.

من باب تحسين أوراق "التفاوض" كان على "الصارخين" بضرورة تقييد "النووي الإيراني" ربطه بـ "النووي الإسرائيلي"، وما يطالب به لهذا يطالب للآخر، وأن يتم إلزام إسرائيل بكل الشروط الدولية الخاصة بنشر الأسلحة النووية، وتشكيل هيئات رقابية، مع وضع كاميرات خاصة لمراقبة النسبة المسموح بها وفقا للقانون.

من باب تنشيط ذاكرة رئاسة السلطة و"بقايا منظمة التحرير"، لماذا لا تعيدون الحديث عن "النووي الإسرائيلي" في الأمم المتحدة، ولو من باب تأكيد المؤكد بأنها دولة خارج القانون، وليس فقط عنصرية ودولة احتلال وتمارس التطهير العرقي، بل دولة مارقة بشكل شمولي، لو حقا يراد حصار من يحاصر الكيانية الفلسطينية.

ملاحظة: صحيح، ليش الرئيس محمود عباس، بمناسبة توزيعه الأنواط والنياشين والأوسمة شمالا ويمينا، ما يمنح "الفدائي الأول" ضد نووي الكيان مردخاي فعنونو وسام الشجاعة...يمكن هالوسام يكون "شفيع" له عند شعب طائر الفينيق!

تنويه خاص: رفض حكومة "الثنائي ونصف بينيت لابيد عباس" توضيح حماس بأن الصواريخ نتاج برق الطبيعة مش برق الإنسان، فردت عليها بقصف مواقع غزية، إعلان أنها غير معنية سوى بما تقرره هي مش أكثر..منيح تفكر بعض الأطراف صح!