إرث «حـمـاس» فـي غـزة

حماس في انطلاقتها
حجم الخط

بمناسبة الاحتفالات بالذكرى السنوية لتأسيسها، أطلقت "حماس"، هذا الاسبوع، شريطا دعائيا آخر لها. الشريط، الذي يفترض ان يقوم بترويج اعلامي للمنظمة في اوساط الفلسطينيين، بدا كشريط ينافس "داعش": استعراض للسلاح، وحدات قتالية، كمية العمليات، اطلاق الصواريخ، قتل جنود الجيش الاسرائيلي، اختطاف جنود. هذا الاستعراض للقوة والكراهية هو بشكل مفعم بالمفارقة دليل آخر على الواقع الذي تواجهه اسرائيل. منظمة "ارهابية" بنت لها دولة "ارهابية" بشكل منهاجي، مؤطر، متعدد السنين. ليس كيانا بعيدا آخر بالنسبة للاميركيين أو الاوروبيين المرتاحين والآمنين، ممن يمكنهم أن يشاهدوه عبر الشاشة في الوقت الذي يعمل فيه في مكان ما هناك في آسيا أو افريقيا، وليس منظمة ارهابية تنفذ مرة كل فترة عملية في الغرب، بل منظمة تشاركنا حدودا مشتركة وتنفذ ضدنا العمليات صباح مساء. ولو لم يكن ثمة تماس جغرافي، لكانت تطلعاتها كتطلعات "داعش".

تعلن "حماس" انها نفذت اكثر من 80 عملية ضد اسرائيل وانها اطلقت نحوها أكثر من 15 الف صاروخ. كل هذا بهدف واضح هو قتل مواطنين اسرائيليين كثيرين قدر الامكان. صيف إثر صيف، سنة إثر سنة، وبالذات منذ أوقفت اسرائيل "الاحتلال" في غزة. ولا يوجد ائتلاف دولي يدعو الى القضاء عليها. وحتى الاعلان عنها منظمة "ارهابية" بدأ بالتشقق في مؤسسات الاتحاد الاوروبي. قصف اسرائيل من الجو والرد الاسرائيلي يؤطران تحت عنوان واحد هو "جرائم الحرب". وفوق كل هذا، حظينا بدعوات متكررة لخوض مفاوضات معها. والى جانب ذلك فان الانسحاب من غزة دفع زعماء في العالم لممارسة الضغط على اسرائيل لتنفيذ خطوة مشابهة في الضفة – الامر الذي سيلحق ضررا لا مرد له، ومن شأنه أن ينتهي ليس فقط بحكم آخر لـ"حماس"، بل أيضا بجلب "داعش" الى اطراف غور الاردن.

فضلا عن ذلك، حين يكون الاحباط جراء ازدواجية الاخلاق او ربما الجهل العالمي المتزايد، من المحظور أن ننسى بان الوحش احتل غزة في انتخابات ديمقراطية، فرضتها على اسرائيل الولايات المتحدة بعد فك الارتباط. وقد اصر الاخيرون على اجراء انتخابات "حرة" وديمقراطية في غزة، رغم كل تحذيرات كبار المسؤولين في اسرائيل، وحتى تحذيرات مبعوثي ابو مازن. وكان الوهم انه سيكون ممكنا ترويض "الارهابيين". فقط اذا ما مُنحوا دولة وبيروقراطية فانهم سيلطفون حدتهم. واضافة الى ذلك، "سيكون لهم ما يخسرونه". اما درس "حزب الله" في لبنان فلم يستوعب.

مرت عشر سنوات على سيطرة "حماس" في قطاع غزة – وليس هناك أي جانب مدني للقصة. منظمة عسكرية لا تفعل شيئا من اجل مواطنيها – لا مدارس، لا جامعات، لا تشغيل، ولا صحة. بل العكس، في كل واحد من هذه المجالات طرأ تدهور واضح منذ فك الارتباط. وقد كانت مستعدة لتخسر كل شيء على أن تواصل "الارهاب". وعليه، فعندما تكون دول في العالم مشغولة البال بتحرير غزة من الاغلاق المفروض عليها وبتحرير الفلسطينيين من الاحتلال، يجدر بنا أن نذكرها بانه اذا كانت غزة توجد تحت الاحتلال، فان هذا هو الاحتلال "الإرهابي" الحمساوي.

عن "إسرائيل اليوم"