اسرائيل اليوم – يعدون، لكن لا يعدون بالايفاء

تنزيل.jpg
حجم الخط

اسرائيل اليوم – بقلم  يوسي  بيلين 

 

ليس متأخرا بعد.  عندما قرر رئيس الوزراء ارئيل شارون انسحابا من طرف واحد من كل قطاع غزة واخلاء اربع مستوطنات في السامرة، أجريت معه حديثا طويلا. كنت في حينه رئيس ميرتس، وتحفظت جدا من الخطوة احادية الجانب التي تجاهلت الرئيس الفلسطيني الجديد محمود عباس، الذي طلب من سلفه، ياسر عرفات، عمل كل شيء كي تتوقف الانتفاضة الثانية. هو لم يكن مستعدا لذلك. جوابه كان انه لا مجال للثقة بالعرب وان في نظره لا فرق بين فتح وحماس. 

في اثناء الحديث سألته ماذا ستكون عليه المكانة القانونية للمنطقة التي ستخلى في السامرة، باربع مستوطناتها: حومش، سانور، كديم وغنيم. نقل شارون نظرته الى مستشاره السياسي، شالوم ترجمان. وسأله. ترجمان قال انه سيفحص، وبعد بضع دقائق غادر الغرفة وتركنا وحدنا. 

انتقلنا للانشغال في موضوع آخر، وعندها دخلت السكرتيرة وسلمت شارون بطاقة. كان هذا جواب ترجمان. المستوطنات ستخلى، ولن يسمح للاسرائيليين بالدخول اليها. ولكن ماذا سيكون على المنطقة التي لا توجد فيها المستوطنات، واصلت السؤال. فالحديث يدور عن منطقة مساحتها ضعف مساحة قطاع غزة. اقترحت مرة اخرى ان يفكر بنقل المنطقة المخلاة الى السلطة الفلسطينية في اتفاق مع محمود عباس، كجزء من الالتزام الاسرائيلي في اتفاق الحكم  الذاتي. شارون لم يرد. 

المستوطنون اخلوا وعوضوا بالفعل، والجيش اغلق المنطقة. اصحاب الاراضي الفلسطينيون (مثلما في حومش، التي اقيمت على ارض فلسطينية خاصة من خلال مرسوم استيلاء)، لم يسمح لهم بالدخول الى المنطقة. جماعات من المستوطنين تجاهلوا القانون عادوا الى المنطقة، واقامة المدرسة الدينية لم تتم هناك بالذات لان هذا لم يكن المكان الاكثر مناسبة لتعلم الدين. مقتل تلميذ المدرسة يهودا ديمنتمن عزز مطلب  المستوطنين لاعادة اقامة المستوطنات المخلاة.

الارهاب، كما ينبغي بالطبع، توجد ضرورة للقتال ضده بتصميم. ولكن هذه الحرب تتم من خلال اكتشاف الخلايا، القبض على المخربين وتقديمهم الى المحاكمة وليس من خلال خرق القانون الدولي والقانون الاسرائيلي. لقد أدت سخافة شارون – في اخلاء المنطقة من الاسرائيليين وفي نفس الوقت عدم نقلها الى السلطة الفلسطينية – لان تكون هذه منطقة تستدعي اليها من لا يعد القانون شمعة تضيء باقدامه اين تسير. ولكن هذا ليس متأخرا، وليس ثمة امر اكثر منطقية من الحديث مع القيادة الفلسطينية وتسليمها المنطقة كجزء من الالتزم الاسرائيلي الذي لم ينفذ. 

في هذه الاثناء الحكومة مع الجولان. في 16 حزيران 2019 صعدت حكومة اسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو الى هضبة الجولان كي تعلن عن اقامة مستوطنات رمات ترامب. وكان الحدث مثيرا جدا للانفعال، وتقرر تخصيص 10 مليون شيكل لاعادة اقامة المستوطنة على اساس المستوطنة المهجورة بروخين. اما النجاح فكان محدودا، وفي هذه الايام تماما توجد هناك عشرات كرافانات الفيلل.  

يوم الاحد من هذا الاسبوع صعدت الحكومة، برئاسة نفتالي بينيت، الى هضبة الجولان. وفي جلسة احتفالية تقرر ان يستثمر في المنطقة مليار شيكل جديد واقامة مستوطنتين جديدتين، اساف ومطر، اقامة مركز للطاقة المتجددة، بناء شبكة بنى تحتية وتحسين الجهاز الطبي، كان اجماع مثير للانفعال في الجلسة. الكل ايد القرار، وفق الوزير عيسوي فريج لم يشارك في هذه المهزلة. الكل يريد أن يساعد بينيت قليلا في ان يتعزز في “قاعدته”. الكل يفهم انه عندما توجد في هضبة الجولان في هذه اللحظة 116 قطعة ارض فارغة واحد لا يريد ان يشتريها، تبدو المستوطنات الجديدة مثل حلقات افرايم كيشون. الكل يعرف ان في هذه اللحظة لا يمكن الوصول الى سلام مع سوريا، فيما يرأسها بشار الاسد. الكل يعرف انه اذا اراد خليفته السلام مع اسرائيل وتحرر من عناق الدب الايراني سيفهم الزعيم الاسرائيلي ان هذه هي فرصة كبيرة لتغيير استراتيجي، وسيكون مستعدا لان ينسحب من الجولان مثل  معظم اسلافه. في هذه الاثناء، الحكومة مع الجولان.