هارتس : "حماس" و"الجهاد" مستعدتان لـ"مواجهة عسكرية" جديدة في القطاع

عاموس-هرئيل.jpg
حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل وغوش براينر



إطلاق الصواريخ، صباح السبت، من قطاع غزة باتجاه "غوش دان" إشارة تحذير فلسطينية تدلل على أن وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ بعد عملية "حارس الأسوار"، يستند في الشهر الأخير إلى أسس واهية. سقطت القذيفتان على البحر المتوسط، إحداهما على بعد كيلومترات معدودة من شاطئ تل أبيب والأخرى بعيدة عن الشاطئ. التبرير الضعيف، الذي قدمته "حماس" والذي استند ثانيةً إلى الحالة الجوية العاصفة، غير مقنع. تولد الانطباع أن "حماس" و"الجهاد الإسلامي" تريدان الضغط على إسرائيل، كل لأسبابه الخاصة، لتقديم تسهيلات، وهما مستعدتان للمخاطرة من أجل ذلك باحتمالية مواجهة عسكرية جديدة بالقطاع.
سبق الحادث الأخير إطلاق نار لقناص فلسطيني باتجاه مواطنين إسرائيليين عملوا في أعمال صيانة بالقرب من الجدار الحدودي في شمال القطاع، الأربعاء الماضي. جُرح أحد العمال جروحا بسيطة. أيضاً بعد الحادث السابق، نقلت "حماس" رسائل عبر وسطاء، وهم رجال المخابرات المصرية، تفيد بأن الأمر يتعلق بحادث استثنائي، وربما جاء من قبل أحد النشطاء "المارقين"، وأنه ليس هنالك نية لتصعيد الوضع. في حادثة، السبت، قدم تبرير آخر: ان هذا ثانيةً نتج عن الجو العاصف، والذي أدى إلى انطلاق غير متعمد لصاروخين باتجاه إسرائيل. بالإجمال، حدث هنا حدثان خطيران جداً بعد حوالي ثلاثة شهور من الهدوء على الحدود.
تجري "حماس" تجارب إطلاق نار عديدة، بهدف تحسين المدى والدقة للصواريخ التي تنتجها في القطاع. أيضاً تعمل "الجهاد الإسلامي" بصورة مشابهة. ولكن تجارب إطلاق النار تُنفذ باتجاه الغرب بعيداً عن أراضي إسرائيل. هذه المرة، على الأقل أُطلق أحد هذين الصاروخين نحو الشمال قريباً جدا من الشاطئ، لهذا ظهر تفسير الطقس. إسرائيل وافقت على قبول نظرية البرق، والذي يلحق أضرارا بالكوابل الكهربائية المرتبطة بأجهزة الإطلاق، قبل حوالي 3 سنوات بعد إطلاق ليلي نحو بئر السبع. أيضاً حينئذٍ كان هذا تفسيرا إشكاليا. هذه المرة، إسرائيل أكثر تشككاً، وتلقي بمسؤولية إطلاق النار على "حماس". ربما أن الأمر مرتبط بخيبة أمل "حماس" من وتيرة التقدم في مشاريع إعادة إعمار غزة ورغبتها بالضغط على إسرائيل ومصر للعمل بصورة أسرع.
في الخلفية، يوجد لـ"الجهاد الإسلامي" أجندة خاصة بها. عضو "الجهاد" المعتقل في إسرائيل، هشام أبو هواش، مضرب عن الطعام منذ أكثر من 120 يوما، احتجاجاً على أمر الاعتقال الإداري الذي أصدر ضده، ووضعه الطبي يتدهور، وهنالك خطر ملموس على حياته. جُمّد أمر الاعتقال، الأسبوع الماضي، بسبب وضعه الصحي، ولكنه يواصل الإضراب عن الطعام إلى أن يتم إلغاؤه. بعد الإطلاق، نقلت وسائل إعلام في غزة عن مصادر في "الجهاد الإسلامي" ادعاءها أن "الجهاد" ستواصل إطلاق الصواريخ نحو إسرائيل مطالبة بإطلاق سراح المعتقل.
سترد إسرائيل على الإطلاق، نظراً لأن هذا جزء من معادلة الردع التي تحاول بثها للمنظمات الفلسطينية في غزة، وبالمقابل، هي ليست متحمسة لتصعيد أمني آخر. كالعادة، التوقيت ليس مناسباً من ناحية الحكومة، والتي يوجد لها سلم أولويات وساحات أكثر اشتعالاً، من النووي الإيراني وزيادة قوة "حزب الله" في لبنان، وحتى موجة "كورونا" الخامسة التي تتفشى هنا بوتيرة سريعة. تتكرر هذه المعضلة من حين لآخر في كل الحكومات الأخيرة. وقد أصبحت أصعب، سواء على المستوى السياسي أو بالنسبة للمستوى العسكري، حيث يأتي الإطلاق بالضبط في الأسبوع الذي يقولون فيه، إنهم نجحوا في تغيير قواعد المعادلة وردع الفلسطينيين.
­ثمة لحكومة بينيت - لابيد صعوبة أخرى، فريدة. هذا هو الائتلاف الأول في إسرائيل الذي يستند إلى شريك عربي مهم وهو "راعم" (القائمة العربية الموحدة). من الواضح لكل ذوي العلاقة أن عملية واسعة للجيش الإسرائيلي في القطاع ستضع رئيس "راعم"، منصور عباس، أمام إرباك شديد، ومن شأنها أن تزعزع أكثر مكانتها الهشة في الحكومة. بالمقابل، فإن عدم الرد سيفيد رئيس المعارضة، بنيامين نتنياهو، والذي سيستطيع مهاجمة الحكومة بسبب عدم ردها على الإرهاب.

توترات في السجون
التوترات في القطاع تضاف إلى التوتر المتواصل السائد في الأقسام الأمنية داخل السجون في إسرائيل. بالإضافة إلى قضية المعتقل الإداري المضرب عن الطعام من "الجهاد الإسلامي"، ثمة مواجهة بين مصلحة السجون وأسرى "حماس". قبل حوالي أسبوعين وبعد أن طُعن سجان من قبل سجين وجُرح جروحا بسيطة في سجن نفحة، عزلت مصلحة السجون زعماء أسرى "حماس" في السجن، وردّ الأسرى برفض الخروج من غرفهم، وبتهديد بالمس بسجانين آخرين.
في الأسبوع الماضي، جرت اتصالات بين ممثلي "حماس" وبين أعضاء شعبة المخابرات في مصلحة السجون في محاولة لتهدئة النفوس. وكشفت المفاوضات عن خلاف داخل مصلحة السجون، حيث يريد جزء من كبار المسؤولين إعادة الهدوء إلى السجون في حين أن آخرين يؤيدون القيام بخطوات عقابية أكثر شدة ضد قيادة الأسرى. غداً (اليوم)، من المتوقع عقد لقاء بين ممثلي "حماس" وبين كبار مسؤولي مصلحة السجون في المنطقة الجنوبية. في الخلفية، تستشعر خيبة أمل في أوساط السجناء على خلفية انطباعهم من أن المفاوضات بشأن صفقة الأسرى بين إسرائيل و"حماس" عالقة، وأن والاحتمالات ضعيفة في أن يحدث تقدم من أجل إطلاق سراح قريب للأسرى.

عن "هآرتس"