الوحدة الفلسطينية طريق التحرر الذاتي

منصور ابو كريم.jpg
حجم الخط

بقلم د منصور أبو كريم

 

 

 كثيرة ومتعددة المشاريع العربية والإسلامية والفلسطينية التي تحدثت عن تحرير فلسطين، البعض تحدث عن الوحدة العربية طريق التحرير في سياق رؤية قومية عربية برزت مع بروز الفكر القومي منتصف القرن الماضي، والبعض الآخر تحدث عن الرؤية الإسلامية التي ترى في تحرير فلسطين وعد إلهي رباني يجب أن يحدث وفق رؤية دينية محددة، والبعض الآخر تحدث عن رؤية وطنية لتحرير فلسطين في سياق جهود وطنية خالصة يقودها الشعب الفلسطيني ومن خلفه الأمة العربية والإسلامية، في تأكيد على أهمية البعد العربي والإسلامي لمعركة التحرير.

وبناءً على هذه الرؤيا ظهرت العديد من الفصائل والقوى القومية العروبية والإسلامية والوطنية التي تبنت مشاريع مختلفة ومتناقضة مع بعضها البعض، والتي أنتجت الخلافات الفلسطينية تارة وأنتجت التوافق تارات أخرى، في سياق البحث عن توافقات فكرية وسياسية لتوحيد الصف العربي الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
خلال السنوات الماضية ظهرت رؤية دينية لترى أن سقوط دولة الاحتلال وتحرير فلسطين سوف يكون في العام 2022، بناء على رؤية دينية عددية لتفسير بعض آيات القران الكريم، وقد تحدث أحد المسؤولين قبل سنوات وأكد أن سقوط دولة الاحتلال سوف يكون في العام الحالي، وهو ما جعل الكثير من المتابعين يتسألون عن إمكانية تحقيق هذه النبوءة؟
إن كان البعض قد تنبأ بأن عام 2022 هو عام تحرير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي وفق رؤية دينية سطحية فإن الأولى أن يتم العمل على تحرير فلسطين والشعب الفلسطيني أولاً من الانقسام وفق رؤية وطنية واقعية.
أرى أن أول خطوة في طريق التحرر الذاتي يجب أن تكون التحرر من الانقسام وتداعياته الخطيرة على الحركة الوطنية الفلسطينية والمشروع الوطني. بدون التحرر من هذا الانقسام البغيض والخروج من النفق المظلم لا أرى أي إمكانية الحصول على حقوقنا المشروعة وبناء دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
إذا كانت الخلافات في السابق تدور حول: هل الوحدة العربية طريق التحرير؟ أم تحرير فلسطين طريق الوحدة؟ اليوم يجب أن تكون المعادلة مختلفة، الوحدة الوطنية الفلسطينية طريق التحرير!
يجب أن يدرك الجميع إن الانقسام هو أحد أدوات بقاء الاحتلال! الانقسام مشروع إسرائيلي استراتيجي لإشغال الفلسطينيين بأنفسهم وتفتيت الهوية الوطنية الفلسطينية لحساب الهوية الإسرائيلية عبر زيادة حدة الصراع الداخلي الفلسطيني.
انظروا ماذا حدث بعد العام 2007، سلطة بلا سلطة في الضفة الغربية، وزيادة مساحة الاستيطان أفقيًا وعموديًا، حصار غزة بحجة وجود حماس، وتخلى فصائل المقاومة عن مشروعها المقاوم لحساب السلطة المحاصرة، وربط مقاومتها بقضايا فتح المعابر وتقديم تسهيلات في أفضل الحالات.

وصول مشروعي التسوية والمقاومة لطريق مسدود يجب أن يكون دافع لجميع الأطراف في ظل حالة التراجع على كافة المستويات لبدء حوار وطني شامل لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الفلسطينية المفقودة منذ سنوات بفضل الصراع الداخلي على السلطة والتدخلات الخارجية. يجب أن يدرك الجميع أن بقاء هذه الحالة المستعصية يعني مزيد من تراجع القضية الفلسطينية على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في ظل زيادة حدة العنف في المجتمع الفلسطيني، وتأكل قدرة المواطن على الصمود في غزة، وزيادة حالات الهجرة غير الشرعية الناتجة عن تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
تغول الاستيطان في الضفة الغربية ومحاولة تهويد القدس وحصار وعزل غزة عن باقي الجغرافيا السياسية الفلسطينية يجب أن يكون دافعًا لدى كافة الأطراف للخروج من نفق الانقسام كخطوة على طريق الدولة. فالخطوة الأولى في طريق التحرر الوطني الفلسطيني يجب أن تكون إنهاء الانقسام البغيض واستعادة الوحدة، ودمقرطة النظام السياسي الفلسطيني عبر اعتماد صندوق الانتخابات كآلية لحسم الخلافات، بما يفضي لبناء حركة وطنية فلسطينية جديدة على أسس قوية تكون قادرة على مواجهة الاحتلال الإسرائيلي بقوة، وغير ذلك سوف نظل أسرى لمثل هذه التنبؤات السطحية.