هآرتس – الفلسطينيون في القرى المجاورة لحومش يدفعون ثمن قتل يهودا ديمنتمن

458CFED3-A578-4D13-805C-2B3B48A101B3.png
حجم الخط

هآرتس – بقلم  هاجر شيزاف 

 

منذ ثلاثة اسابيع تقريبا وكل حركة السيارات بين نابلس وجنين تتحول الى شارع صغير ومشوش وضيق. سبب ذلك هو حاجز للجيش وضع قرب مستوطنة شفيه شومرون في شارع 60، الشارع الرئيسي الذي يربط بين المحافظتين ويقف فيه جنود 24 ساعة في اليوم منذ قتل يهودا ديمنتمن قرب مستوطنة حومش في الشهر الماضي. وحسب اقوال فلسطينيين في القرى المجاورة فان السفر في الشارع الالتفافي يطيل طريقهم 10 كم. “هذا جنون، كل الحركة بين المحافظات تمر عبر قريتنا الصغيرة، هم يسمحون للمستوطنين بالسفر أما نحن فيمنعوننا”، قال محمد عازم، رئيس بلدية سباسطيا، التي يمر الشارع الالتفافي عبرها. وحسب قوله، قبل يومين رشق مستوطنون الحجارة على السيارات التي تسير على هذا الشارع الالتفافي.

الجنود في الحاجز يسمحون بالمرور فقط لسيارات اعضاء المدرسة الدينية غير القانونية التي اقيمت في حومش. حومش هي مستوطنة تم اخلاءها في اطار خطة الانفصال، لكن بعد فترة قصيرة من ذلك عاد الى هناك المستوطنون الذين يقيمون في المكان بؤرة استيطانية على شكل مدرسة دينية. الجنود في الحاجز اعترفوا بأنهم يسمحون بمرور سيارات المدرسة الدينية أو “مستوطني المدرسة الدينية”، لكنهم لم يستطيعوا تفسير كيف يميزون بين مستوطني المدرسة الدينية وبين مستوطنين آخرين. ايضا سيارتنا، التي تحمل لوحة صفراء، سمح لها الجنود بالمرور في الحاجز نحو نابلس وهم يقولون لنا: “هل أنتم من المدرسة الدينية، أليس كذلك؟”، بدون أن ينتظروا جواب. السيارات التي تحمل لوحة فلسطينية امروها بالرجوع.

هذه ليست الطريق الوحيدة التي اغلقها الجيش. ففور عملية القتل تم اغلاق الكثير من الطرق بأكوام التراب. في مجلس قرية برقة المجاورة لحومش والتي عدد من سكانها هم اصحاب الارض التي اقيمت عليها المدرسة الدينية، عدوا 17 طريق في محيط القرية تم اغلاقها من قبل الجيش. “لقد اغلقوا مدخل القرية ونحن قمنا بفتحه بأنفسنا اربع مرات في السابق”، قال رئيس مجلس برقة زياد عز الدين أبو عمر.

قبل نحو اسبوعين، غداة المسيرة الكبيرة من مستوطنة شفيه شومرون الى حومش بمشاركة 10 آلاف ناشط من اليمين، ازال المجلس الحاجز الترابي الذي وضع بين برقة وسباسطيا، ومنذ ذلك الحين وهذه الطريق الجانبية بقيت مفتوحة. اضافة الى ذلك، المداخل الرئيسية لبرقة وسباسطيا اغلقها الجيش بواسطة جيبات في عدة اوقات في الاسابيع الاخيرة: في يوم جنازة ديمنتمن وفي يوم المسيرة الكبرى بعد مرور سبعة ايام على موته ومرة اخرى في يومي السبت الاخيرين. في ايام السبت حاول مستوطنون الوصول الى حومش بواسطة السيارات، لكن الجيش منعهم. وعندها واصلوا سيرا على الاقدام وتم وقفهم في منطقة سباسطيا. في كل حادثة من هذه الاحداث اشتبك سكان برقة مع جنود الجيش الاسرائيلي، بعضهم رشقوا الحجارة واشعلوا الاطارات. الهلال الاحمر ابلغ عن 10 مصابين بالنار الحية خلال المواجهات وعشرات المصابين الآخرين بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي.

سكان القرى الفلسطينية قالوا إنه منذ عملية القتل ازدادت احداث العنف ضدهم. بيت غالب حجي من برقة يوجد قرب الشارع الرئيسي، ومنذ ايام كثيرة توجد هناك كومة تراب تمنع الوصول المباشر من بيته الى وسط القرية. في يوم جنازة ديمنتمن، في الساعة الثانية عشرة ظهرا، رشق مستوطنون الحجارة على بيته وقاموا بتحطيم كشافات و20 نافذة. كاميرات الحماية وثقت الحادثة. حجي، الذي هو مقاول كهرباء ويعمل منذ سنوات كثيرة في اسرائيل ويتحدث العبرية بطلاقة، قال بأنه قدم شكوى في مركز الشرطة في الطيبة. وهناك قالوا له بأن الشكوى ستحول الى مركز شرطة اريئيل، المسؤولة عن المنطقة. ولكن حسب قوله منذ ذلك الحين لم يسمع أي شيء من الشرطة. “لقد ادخلوا كل القرية الى السجن وابقوهم أحرار”، قال حجي. “أنا اموت في الليل من الخوف. فقد حاولوا اقتحام البوابة. من العام 2005 يقولون إنهم سيخلون حومش. في دولة اسرائيل لا يجب أن يكون أي  أحد فوق القانون، هذه ليست دولة عربية”.

بعد مرور يومين على ذلك كانت حادثة اخرى عندما وصلت عدة سيارات للمستوطنين قريبا من بوابة البيت في الوقت الذي كان فيه عمال بناء يعملون في الساحة. حسب اقوال أحد العمال، منير، واحد منهم كان مسلح واطلق اربع مرات في الهواء. “هربت من الخوف”، قال. واضاف أنه هو نفسه يسكن في برقة وأنه في يوم المسيرة الكبيرة بعد انتهاء سبعة ايام الحداد على ديمنتمن قام مستوطنون برشق الحجارة على سيارته. وحسب قوله، بعد عملية القتل سافرت زوجته واولاده الى بيت عائلتها في جنين خوفا من اعمال انتقام من قبل المستوطنين.

بلال محمد علي عمر (70 سنة) من سباسطيا، قال إنه في تلك المسيرة قام المستوطنون بتحطيم زجاج بسطة الذرة التي يبيع فيها والتي هي مصدر رزقه الوحيد. حسب قوله، ايضا مخزنه اقتحم وتم تخريبه وتم تحطيم الزجاج الامامي لثلاث سيارات كانت تقف قرب بيته. قبل المسيرة اغلق الجيش شارع الوصول الى اربعة بيوت لسكان سباسطيا والبلدية نقلت عائلة تتكون من ستة اشخاص الذين كانوا يسكنون في احد هذه البيوت الى وسط القرية خوفا على حياتهم. ورغم مرور اسبوعين على تلك الحادثة إلا أن الاغلاق ما زال مستمر. سكان احد البيوت قال إنه يعمل يوميا في اسرائيل وأن سفره ازداد من نصف ساعة الى ثلاث ساعات لأنه يضطر الى السير عبر طرق ترابية من اجل تجاوز الحاجز. احد سكان برقة، مهند محمد ياسين، قال إنه في يوم جنازة ديمنتمن نزل بضع عشرات من المستوطنين من منطقة حومش الى المقبرة الصغيرة في القرية، المدفونة فيها عائلته، وقاموا بتحطيم شواهد القبور فيها. حسب قوله هذه الحادثة تكررت في يوم الاثنين الماضي. وعندما وصل هو وسكان من برقة الى المكان لطرد المستوطنين قام الجيش برش الغاز المسيل للدموع عليهم والقى عليهم قنابل الصوت. “اختنقت من الغاز وذهبت الى المستشفى في نابلس. ومنذ ذلك الحين أنا اشعر بتوعك”، قال. “الجنود لم يفعلوا أي شيء لوقف المستوطنين. لقد دمروا قبر أمي وأبي وابن أخي وجدي وجدتي وعشرين قبر آخر. ولو أنه حدث شيء كهذا في اسرائيل هل تتخيلوا ماذا كان سيحدث؟”.

على مدخل البؤرة الاستيطانية حومش يوجد الآن حاجز آخر يوجد فيه جنود حرس الحدود، الذي استهدف منع دخول سيارات اسرائيلية الى المكان. ولكن فعليا يسمح بدخول سيارات المدرسة الدينية. في التلة التي اقيمت عليها البؤرة الاستيطانية اقيم ما يشبه الموقع العسكري الصغير، المكون من كرفانات بحيث أن الجنود يوفرون الحماية المتواصلة للمكان اكثر بكثير مما كان قبل عملية القتل. ولكن ايضا يراقبون اكثر أي عملية بناء جديدة. صباح أمس اخلت قوات حرس الحدود عدد من الخيام الجديدة التي اقيمت في حومش من قبل المستوطنين. مباني من مواد بسيطة اقيمت في المكان من قبل تم اخلاءها قبل اسبوعين تقريبا.

في يوم الاثنين الماضي قال وزير الدفاع، بني غانتس، ردا على اسئلة المراسلين بأنه تقرر عدم السماح ببناء جديد في حومش، “اضافة لما هو قائم”. وعلى سؤال “هآرتس” اوضح مكتبه بأن القرار هو أن أي بناء اقيم بعد عملية القتل سيتم هدمه، وأن المباني التي اقيمت في المكان قبل عملية القتل لن يتم اخلاءها في هذه الاثناء. هذا رغم أن أي بناء في حومش ومكوث اسرائيليين في المكان يعتبر غير قانوني. المدرسة الدينية نفسها في حومش، وهي مبنى مؤقت يتكون من شوادر بلاستيكية، هدمت في المرة من قبل قوات الامن في شهر تشرين الاول.

من شرطة اسرائيل جاء ردا على ذلك بأن “كل شكوى يتم تسلمها في الشرطة وتثير الاشتباه بارتكاب مخالفة جنائية يتم التحقيق فيها بدقة من اجل الوصول الى الحقيقة”. وحول الشكوى التي قدمها حجي قالوا في الشرطة: “فور ورود شكوى التسبب بضرر تم فتح تحقيق وتم استخدام الوسائل اللازمة للعثور على المشتبه فيهم، وما زال التحقيق مستمر”.

من المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي جاء ردا على ذلك: “في الفترة الاخيرة تم فرض عدة قيود على الحركة في منطقة المستوطنة التي اخليت، حومش، على خلفية تقدير امني للوضع. دخول اسرائيليين وفلسطينيين الى المنطقة مسموح بصورة محددة، طبقا للحاجة وحسب تقدير الوضع الامني الجاري. استخدام وسائل تفريق المظاهرات جرى في اعقاب رشق الحجارة على جنود الجيش الاسرائيلي”.