الشعب الرازح تحت الاحتلال لا ينتظر

69db5a5b872bb7ce4f09d917d4df6665.jpg
حجم الخط

بقلم : حمدي فراج

 

شحن يائير لابيد رئيس وزراء اسرائيل للحقبة الثانية بطارية انتظار السلطة الفلسطينية الى ما بعد تسلمه منصبه في ايلول 2023، عندما قال مؤخرا انه لن يجتمع مع رئيس هذه السلطة حتى بعد ان يتسلم زمام الرئاسة ، وبالتالي لن يصار الى اقامة دولة فلسطينية او اي شيء من هذا القبيل السياسي خلال هذه المدة ، التي ستمتد بالطبع الى ايلول 2025 .
نحن بدورنا أعربنا سرا وعلنا عن تفهمنا لهذا “المأزق” الاسرائيلي العويص ، ولربما ان بعضنا أظهر تعاطفه مع مرحلتهم الحرجة التي تمر بها حكومتهم الضيقة والتي يتربصها نتنياهو بفارغ الصبر لكي ينقض عليها ويفترسها ويفصفصها بمخالبه وأضراسه .
كأننا لم ننتظر ، لقد كاد الانتظار ان ينفجر في وجوهنا وينطق فيقول لنا انه هو بنفسه ملّ منا ومن طريقة انتظارنا ، التي ستقفز بعد انتهاء فترة لابيد الى ما يربو على اثنتين وثلاثين سنة . فما الذي ننتظره الآن ؟ ان ينجح لابيد وغانتس بدون بينيت وبدون ليبرمان وبدون ساعر وبدون نتنياهو ودرعي وحتى بدون شقيقنا العربي الاسلامي منصور عباس ؟ . ان هذا أشبه بالمستحيل ، تخليص اسرائيل من احزابها اليمينية والعنصرية والفاشية والدينية ، يعني القضاء عليها وعلى فكرة انشائها واهداف تأسيسها .
وإذا كانت معركة “سيف القدس” قد شكلت منعطفا جليا في تاريخ الصراع حين التفت حولها جماهير الداخل كاسرة انتظارها الذي امتد لثلاثة وسبعبن سنة ، فإن ستة أشخاص امضوا اوقاتا طويلة من اعمارهم خلف القضبان ، رفضوا مواصلة الانتظار فضربوا اسرائيل في خاصرة ترسانتها الامنية يوم حفروا النفق في الباستيل الاكثر تحصينا في العالم ، وخرجوا الى النور ، وعانقوا معشوقتهم واكلوا من خيراتها تينا وصبرا وعنبا ، فإن أسيرا واحدا اسمه هشام ابو هواش ، اراد ان يسجل احتجاجا على قرار اعتقاله الاداري من بين خمسمائة اسير ومن ضمن الف وستمائة امر اداري تم اصدارها في السنة المنصرمة ، قد استخدم سلاحه القانوني ، حقه في الاضراب عن الطعام لمئة واربعين يوما ، قد اوقف اسرائيل على رجل ونصف ، كان وحده يواجههم بجوعه ، فانتصرت له اصقاع الدنيا ومن ضمنها صحيفتهم ، “هآرتس” ، التي طالبت افتتاحيتها بضرورة الغاء الاعتقال الاداري .
لقد رفض الهواش الانتظار ، وقرر بدلا من تفهم مأزق اسرائيل ان يعمقه ويمأزقه اكثر فأكثر ، بل انه حرك في الشعب مياهنا الآسنة ، وهكذا فعل كريم يونس وابن عمه ماهر ، قررا الاعتماد على نفسيهما وعدم انتظار صفقات مزعومة بأن يخرجا بعد انتهاء آخر سنة من مدة محكوميتهم البالغة اربعين سنة ، أطول مدة يقضيها اسير سياسي في جنبات العالم الاربعة ، هي باستيلات اسرائيل فيدخلانها في موسوعة غينتس . الشعب الرازح تحت الاحتلال لا ينتظر ، بل يقاوم ، وحين ينتظر ككريم وماهر يونس، انما يقاوم ويحول انتظاره الى مقاومة . لأننا في موتنا نستلهم الحياة وفي انتظارنا نستلهم النضال .