بعد عقد من الزمان قرر الاحتاطي الفدرالي زيادة سعر الفائدة بنسبة ضئيلة، لكن استمرارة في هذا الاتجاه يعني متاعب مرهقة لاقتصاديات ناهضة، ومزيدا من التقلب للأسواق المالية، وإرباكا للبنوك المركزية حول العالم.
قرر مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي) الأميركي مساء الأربعاء رفع سعر الفائدة للمرة الأولى في نحو عشر سنوات، بواقع ربع نقطة مئوية لتصبح الفائدة في نطاق بين 0.25%-0.50%. وعلى الرغم من أنها زيادة طفيفة، فإن رفع الفائدة الأميركية يؤثر على الاقتصاد العالمي والأسواق المالية في عدة أوجه.
متاعب للاقتصادات الناهضة
يسعى البنك المركزي الأميركي عبر رفع سعر الفائدة للتأكيد على تعافي الاقتصاد الأمريكي من آثارالأزمة الماليةالعالمية، وتعزيز ثقة المستثمرين في أكبر اقتصاد بالعالم.
ومع ارتفاع الفائدة الأميركية تصبح الأصول المقومة بالعملة الأميركية أكثر جاذبية للمستثمرين في أنحاء العالم، وهو ما يؤدي عادة إلى ارتفاع قيمة االدولارالأميركي على حساب عملات أخرى.
ويترتب على ذلك متاعب في الاقتصادات الأخرى، لا سيما الاقتصادات الناهضة مثل تركيا والبرازيل وروسيا إذ إن اختلاف نسبة الفائدة يؤدي إلى خروج تدفقات رأسمالية من هذه الاقتصادات طمعا في العائد الأميركي.
فضلا عن ذلك، فإن أعباء الديون الدولارية في هذه الاقتصادات تزداد صعوبة مع ارتفاع الفائدة الأميركية، وهو ما يثقل كاهل هذه الاقتصادات.
أسعار الذهب
ينخفض سعر الذهب عادة مع رفع الفائدة الأميركية، إذ يصبح الاحتفاظ بالذهب -الذي لا يحقق عائدا- أكثر كلفة على المستثمر، كما أن ارتفاع الدولار يجعل الذهب المقوم بالعملة الأميركية أكثر كلفة على أصحاب العملات الأخرى.
وقد هبط سعر الذهب بالفعل على مدى الأشهر الماضية لأن الأسواق كانت تتوقع منذ فترة طويلة أن يتخذ البنك المركزي الأميركي هذه الخطوة. لكن ليس من المحتم أن يواصل الذهب انخفاضه بشدة، لا سيما أن رفع الفائدة جاء بنسبة طفيفة.
أسواق الأسهم
واستفاد المستثمرون في أسواق الأسهم على مدى السنوات الماضية من السيولة الميسرة بفضل بقاء أسعار الفائدة الأميركية قرب الصفر. وربما يتغير هذا الوضع مع رفع الفائدة الأميركية، لكن المتعاملين في أسواق الأسهم يعلقون أهمية أكبر في هذا الصدد على إيقاع رفع الفائدة وليس على الخطوة الأولى.
وفي كل الأحوال، قد تسبب خطوة البنك المركزي الأميركي تقلبا في أسواق الأسهم العالمية إلى حين اتضاح نواياه ووتيرة تحركاته في الفترة المقبلة.
البنوك المركزية
تسير أغلب البنوك المركزية الأخرى في أنحاء العالم باتجاه معاكس للبنك المركزي الأميركي، إذ إنها تقوم حاليا بخفض أسعار الفائدة، لا سيما البنك المركزي الأوربي والبنك المركزي الصيني. ويتحدث اقتصاديون عن خطورة هذا الاختلاف وتأثيره السلبي على الاقتصاد العالمي.
فضلا عن ذلك، فإن زيادة الفائدة الأميركية وما يترتب عليها من ارتفاع الدولار، يجعل بناء الاحتياطيات الأجنبية صعبا على عدد من البنوك المركزية الأخرى، وروسيا من أبرز الأمثلة في هذا الشأن.
من ناحية أخرى، تتخذ البنوك المركزية في دول الخليج العربية خطوات مماثلة لخطوات البنك المركزي الأميركي نظرا لارتباط عملاتها بالدولار الأميركي.