يناير من رمز "انطلاقة الثورة" الى رمز "النكبة الثالثة"!

1622458077-1144-3.jpg
حجم الخط

 كتب حسن عصفور

 تلازمت حركة الاحتفال الفلسطيني منذ يناير 1965، بانطلاقة عام ميلادي جديد وانطلاقة الثورة المعاصرة، ثنائية الفرح والكفاح وجدت ذاتها حاضرة، لتكون مشهدا فريدا للفلسطيني، الشعب والقضية دون غيره من شعوب الأرض.

"ثنائية الفرح والثورة"، لم تستمر كما كان يراد لها، حيث دخل عنصر تشويهي تم فرضه قسرا على المشهد الفلسطيني، عندما أجبرت أمريكا ودول أوربية الرسمية الفلسطينية بالذهاب الى تجديد المرحلة الانتقالية للحكم الذاتي وفق "رؤية شارون"، ومنع التطور الذي كان يجب أن يكمل مسار "الخيار العرفاتي" نحو الخلاص من سلطة الاحتلال.

المؤامرة الأمريكية، التي أطلقها جورج بوش الابن فبراير2002 للخلاص من الزعيم المؤسس للكيانية الفلسطينية، لم تقف عند اغتيال ياسر عرفات، فكان لا بد من الذهاب لاغتيال "الكيانية الوطنية النامية"، كونها العقبة الكبرى أمام مشروع التهويد العام.

لم يجد بوش الابن، سلاحا ساما لاستكمال ما قد بدأ فعله التنفيذي يونيو 2002 ثم نوفمبر 2004، سوى "الديمقراطية"، غلافا لفرض مشروع شارون بعد الخروج من قطاع غزة، فلجأ الى "مناورة الانتخابات الثانية" للحكم الذاتي، لم يتركوا للرئيس المنتخب حديثا لرئاسة السلطة سوى عام واحد، يلملم بعضا من مشهد تدميري شامل لكل مقومات السلطة، مؤسسات وأجهزة، وحصار مالي فريد، استخدمت سلاحا لمنع رفض "القرار الأمريكي".

ضعف موقف الرئيس عباس أمام "الطاغوت الأمريكي" وكذا الشاروني الإسرائيلي لفرض "انتخابات" يدرك كل طفل فلسطيني أنها ستكون "كارثة سياسية" بالمعنى العام والخاص، لم يملك قوة رفض ما فرض عليه، لاعتبارات متعددة التكوين، فاستسلم لهم ولمخططهم.

وبدون أي مقدمات أعلنت حركة حماس موافقتها للمشاركة في الانتخابات التشريعية الجديدة، بناء على وساطة قطرية لتمرير رغبة أمريكية – إسرائيلية لأهمية مشاركة الحركة فيها، دون أن تضع أي شرط مسبق مثلا للخروج من "اتفاق إعلان المبادئ – اتفاق أوسلو"، كما ادعت عام 1996 وهددت بالقتل كل من يشارك من أعضائها في تلك الانتخابات، فيما ذهبت الى دخول الثانية بعدما انتهكت دولة الكيان جوهر الاتفاق الموقع، ولم تبق منه سوى ما يخدم مشروعها التهويدي – الأمني.

مفاجأة دخول حماس انتخابات ضمن "المقاس الأمريكي – الإسرائيلي" في إطار "خطة شارون"، مثل الخطوة الأولى التي أريد لها أن تكون لتنفيذ اغتيال البعد الكياني الاستقلالي الفلسطيني، وزرع بذرة البعد الانفصالي، والذي لم يتأخر كثيرا، زمنا، ففتح الباب سريعا لحركة انقلاب يونيو 2007، بعدما حققت حماس فوزا لم يكن ضمن الحسابات في الانتخابات البرلمانية، وشكلت حكومتها دون أي شرط أمريكي – إسرائيلي – عباسي عليها، في مفارقة سياسية نادرة، فلم يطلب منها أي التزام، كما بدأ يطلب منها بعدما حققت المراد منها.

رسميا يمكن اعتبار 25 يناير 2006 يوم وضع حجر الأساس لـ" النكبة الفلسطينية الثالثة"، التي أنتجت الانقسام الرسمي يونيو 2007 حتى وصل موضوعيا الى بعد انفصالي سياسي وجغرافي، وفتح قاطرة التهويد بشكل شمولي في الضفة والقدس، ودفع مشروع الكيانية الوطنية الفلسطينية الى الوراء، مستبدلها بـ "نتوء كياني في قطاع غزة" وتشكيل "جزر من المحميات" في الضفة وبعض أطراف القدس، تبقى السيادة العليا لدولة الكيان.

ومن طرائف المشهد القائم أن طرفي "النكبة الثالثة" يحاولان ممارسة التضليل الى الحد الأقصى، وكأن الواقع حالة "اجتهادية" يمكن لها أن تنتهي بلقاء بين هذا وذاك، والحقيقة أن كل اللقاءات لن تنهي واقع النكبة الثالثة، ما دام الطرفين بلا رادع وطني تأثيري عام، وغياب مركز الثقل الشعبي الوطني خارج "ثنائية التضليل" السائدة، والتي تمثل "بيضة الانفصال الذهبية"، وفقا لما قاله قادة دولة الكيان، ولذا ستحرص عليها حرصها على "مشروعها التهويدي".

لا مواجهة حقيقية للمشروع العدو دون مواجهة أدوات "النكبة الثالثة"..وغيره سيسير التهويد الى أقصاه حتى يحدث "انطلاقة ينايرية" كما كانت 1965 لتكنس منتجات يناير 2006.

ملاحظة: بشكل غريب ومستفز للذات العربية..تقدم صحيفة سعودية تنشر باللغة لإنجليزية على توظيف "حاخام يهودي" كمحرر رئيسي بها...كان لنا أن نحترم قرارها  لوكان هذا رافض للاحتلال والتطهير العرقي والعنصرية...الانحطاط بات قاطرة...البصق لا يكفي هؤلاء!

تنويه خاص: قصة موت الطالب سليم النواتي بسبب اهمال طبي، أثار كل الناس في بقايا الوطن عدا مؤسسة الرئيس محمود عباس وحكومته ووزيرة صحته..معقول تجاهلهم بصفته من غزة..يا عارنا بكم!