معاريف : "فتيان التلال": إلى أين تدهورت إسرائيل؟!

افرايم-غانور.jpg
حجم الخط

بقلم: أفرايم غانور



لم تُكتب السطور التالية من أجل الدفاع عن التصريحات البائسة لنائب الوزيرة (اللواء احتياط) يئير غولان. فهي تأتي انطلاقا من القلق وانشغال البال على مصير الشعب في إسرائيل وفي العالم.
تأتي للدفاع عن صورتنا كشعب سوي العقل، شعب لطخت صفحات تاريخه بدم القديسين والأبرياء من كل خطيئة، مع تاريخ طويل من المنافي، الاضطهادات العنصرية، الاضطرابات، الاعتداءات الجماعية، والكارثة الرهيبة. كم مؤلم ومقلق أنه بالذات على رأس هذا الشعب يقف في السنوات الأخيرة زعماء يديرون عيونهم كمن لا يريدون أن يعرفوا، أن يسمعوا، أو أن يروا مدنسي قدس الأقداس لتوراتنا التي لم تكفّ عن وعظنا بالرأفة، بالإنسانية، بمحبة الآخر، بالرغبة في العيش بسلام مع كل بني البشر، وما شابه. أجاد في وصف ذلك في حينه الحالم بالدولة، بنيامين زئيف هرتسل، حين قال: "عانينا من العنصرية، ولهذا فسنشجبها في الدولة اليهودية".
شيء ما تشوش هنا على مدى السنين. ثمة من قرر إعطاء تفسير مختلف ومغاير للصهيونية، بل توراة إسرائيل. لا يمكن تجاهل ظاهرة "فتيان التلال" في "يهودا" و"السامرة" ممن يسمح بعضهم لأنفسهم أن يفعلوا كل ما يروق لهم، وأن يتصرفوا في مناطق "يهودا" و"السامرة" كأسياد هذه البلاد، فيلحقون الأذى بالأبرياء ويقتلعون الزرع والكروم، ويحرقون المنازل والسيارات، ويحطمون الشواهد، ويزرعون الخوف والرعب حولهم، والأخطر من كل ذلك المس بجنود الجيش الإسرائيلي وبرجال حرس الحدود والشرطة الذين يحمونهم، فيما يمر كل هذا بالصمت من جانب منتخبي الجمهور. إلى أين تدهورت الأخلاق اليهودية؟ إلى متى يسمح لهذه العصبة بأن تعربد دون لجام؟ الويل لشعب إسرائيل ولتقاليد وتوراة إسرائيل أن يكون هؤلاء ممثليهم.
كل من له عقل في رأسه يجب أن يسأل: كيف لم ينهض حتى الآن محفل مسؤول يضرب على الطاولة ويصرخ: "أوقفوا هذا الكسوف، وانظروا إلى أين نتدهور، ليست هذه طريقنا، توراتنا".
رغم النبل الذي تتخذه تلك المحافل كمحبين للبلاد، حُماة تقاليد، وتوراة إسرائيل، فإنهم في نظري بعيدون عن ذلك، وتحركهم الكراهية أساسا.
كل يميني تربى على البهاء الجابوتنسكي كان سيضعهم في مكانهم خارج معسكر اليمين الحقيقي مذكرا إياهم بقول جابوتنسكي: "الكسول سيئ هو حتى أكثر من الشرير".
ويمكن أن تضاف إلى هذا الأبيات المجهولة من قصيدة "يسار نهر الأردن": "هناك تكثر الوفرة وسعيد ابن العربي، ابن الناصري وابني، لأن علمي، علم الطهارة والاستقامة سيطهّر ضفتي أردني. أين الطهارة والاستقامة لأولئك الذين يفترض أن يمثلوا ظاهراً عقيدة جابوتنسكي؟ هذه أسئلة بلا جواب.
محزن أن الذين يقفون عند الأبواب ليحذروا الآخرين، ممن يعارضون هذه الظواهر الخطيرة والبشعة، يصبحون مقتلعي إسرائيل.

عن "معاريف"