هارتس : إسرائيل تستكمل التطهير العرقي في النقب

0A4A0983-323E-4040-98A0-60987A26316C-e1608481804606.jpeg
حجم الخط

بقلم: جدعون ليفي

 

 




يقول العقل الصهيوني أوتوماتيكياً: البدو يسيطرون على النقب. بعد لحظة سيسيطرون على كل الدولة. إسرائيل في خطر: يجب العمل فوراً وبقوة. من الواضح أن الأمر يجب أن يتم بالقوة. في الخارج يبدو هذا مثل عشية حرب أهلية. غرباء، انفصاليون، غزاة، أعداء من الداخل، يحاولون السيطرة على قطعة من البلاد ونزعها من يد الدولة. في الحقيقة هؤلاء هم مواطنون من مواطني الدولة، الذين يقاتلون من اجل حقوقهم على هذه المنطقة من البلاد التي هي بلادهم، على الأقل مثلما هي بلاد اليهود. في هذه الأثناء لا توجد لهم أي طموحات وطنية، لكن النقب كان بدوياً قبل وقت طويل من كونه يهودياً. ما السيئ في ذلك؟ بني براك هي أصولية والنقب بدوي. الكيبوتسات أشكنازية ومدن التطوير شرقية وروسية. هكذا هو الأمر في الدولة متعددة القوميات ومتعددة الثقافات. ولكن عندما يقوم الأصوليون ببناء المزيد من الأحياء والمدن لأنفسهم فان الدولة لا تقوم بمحاربتهم، وعندما يريد البدو أراضيهم لأنفسهم فإن هذا يعتبر خطراً على الدولة.
جميع شعارات الصهيونية الكاذبة، وأساليب العمل القديمة والسيئة، يتم تجنيدها لهذا الهدف وكأن الدولة لم تُقم بعد؛ فقط أن لا يسقط النقب في يد العدو. إحياء اليباب تربينا عليه، هو ازدهار لليهود فقط. توطين النقب، الذي هو قيمة صهيونية اخرى متطورة اكثر، يعني تهويده. توطين النقب أو إحياء اليباب لا يهم الصهيونية، بل ما يهمها هو التهويد.
إذاً، التهويد هو الوجه الثاني للتطهير العرقي. اذا كان إحياء اليباب هو قيمة فمن غير الواضح لماذا. ما هو السيئ في أن يتم الإحياء على أيدي أبناء النقب، الأشخاص الذين يعرفون الصحراء، وتعودوا على العيش فيها ويحبونها اكثر من أي شخص آخر؟ وإذا كان توطين النقب هو قيمة، أيضاً هذا غير واضح لماذا، فما السيئ في توطينه على أيدي البدو. أليسوا هم بشرا؟ أليسوا إسرائيليين؟ على الأقل لنقل ذلك.
الآن تم اخراج السلاح الصدئ للصهيونية من النفتالين، الذي كان مخبأ منذ العام 1948، وهو التشجير. شخص بريء جدا جاء يبكي، يريد تغطية البلاد بالخضرة، هذا أمر صهيوني جدا، والآن ايضا هذا أمر بيئي. عشية عيد الشجرة هناك تشجير في النقب. في طفولتنا أخذونا الى حديقة مئير في 15 شباط من اجل غرس الاشجار. كان هذا أمراً مؤثراً. لم نكن نعرف في حينه أي شيء. لم نعرف أنه بأموال الصندوق الأزرق يقومون بتغطية البلاد بأشجار الصنوبر، عملية صنوبر كبيرة، من اجل تغطية جرائم 1948 وتغطية الخرائب الصامتة، ومن أجل أن لا يعود أي عربي الى بيته الذي تحول الى غابة. الآن سنقوم بزراعة غابة غير طبيعية كهذه ايضاً في الصحراء.
حصل ايتمار بن غبير في السابق على مصادقة من الحاخام دوف ليئور للزراعة في سنة المحل. وسارع الى النقب وهو يحمل الأشتال في صندوق سيارته. أيضا معلم الشريعة، عميت سيغل، أصدر حكماً وهو "نشاط طبيعي وصهيوني لا مثيل له، أن لا يتوقف غرس الأشجار". سيغل محق. أمر طبيعي جداً وصهيوني جداً، غرس الأشجار من أجل التغطية على جرائم. ذات يوم أحضروا جميع السفراء من اجل غرس "غابة السفراء" في النقب بدون أن يبلغوهم بأن الهدف الوحيد للغابة الوهمية هو التغطية على قرية العراقيب البائسة التي تم هدمها 183 مرة.
"سنبني ونزرع ونطور وهم سيحرقون ويهدمون ويخربون. من الواضح جدا من الذي يقدس هذه البلاد"، قال أوفير ديان متفاخراً في تغريدة في تويتر. كيف يمكن للمرء مقارنة المزارعين اليهود الرائعين مع "المخربين" البدو، الحيوانات البشرية؟ دعونا نزرع الغابات على الأراضي الخاصة في كفار شمرياهو أو على انقاض بيت أوفير ديان ولنرَ من يقدس هذه البلاد.
النقب طهرناه في السابق جزئياً في العام 1948، وأحفاد لاجئيه نحاول طردهم الآن ايضا من مكان لجوئهم الجديد، في جنوب جبل الخليل. في هذه الاثناء ربع مليون بدوي إسرائيلي يعيشون في النقب، وهو يعود لهم على الاقل مثلما لكل إسرائيلي آخر. هذا التجمع توجد فيه مشكلات اقتصادية واجتماعية كثيرة يجب علاجها بطرق مختلفة. وعمليات غرس خبيثة ليست واحدة منها. نقب بدوي هو ليس اقل إسرائيلية من نقب يهودي. وفي اليوم الذي سنعترف فيه بذلك فإن جزءاً من المشكلات سيحل من تلقاء نفسه.

عن "هآرتس"