أثارت العاصفة الجوية والأمطار الشديدة التي هطلت السبت الماضي، وتسببت بغرق الشوارع والطرقات، ومنها شوارع فيها مدارس ابتدائية وسط مدينة غزة، ومشهد الاطفال يغادرونها وسط مخاوف من الغرق او المرض، أثارت عاصفة من الجدل والغضب.
والاتهامات الموجهة لحكومة غزة وبلديتها، وتحميلهما المسؤولية، والقصور الكبير في مواجهة الأحوال الجوية، وعدم الجهوزية والاستعداد اللازم للقيام بمسؤولياتها خاصة في منطقة تتعرض للغرق منذ سنوات، مع ان قطاع غزة بكاملة يتعرض للغرق الدائم.
ومع هذه الحالة وعدم نجاح المحاولات الترقيعية لوضع حلول جذرية، وعدم معالجة المشكلة بشكل حقيقي، وتضرر البنية التحتية المتقادمة والمنهارة أصلاً، والمخاطر المتوقعة من إنهيارات أرضية، إثر العدوان الاسرائيلي في أيار/ مايو من العام الماضي، والذي تعمد استهداف البنية التحتية.
كما كان واضحا تأثير الانقسام وانعكاسه المقيت على الحالة الفلسطينية، ما شكله من فرصة للاستغلال السياسي والمناكفات، والمزايدات على حكومة حماس التي استثمرت في بناء قدراتها في مشاريع تطوير البنية التحتية للمقاومة، على حساب الاستثمار بمشاريع تخدم المواطنين وإصلاح البنية التحتية.
ومن خلال المتابعة الحثيثة للأوضاع الكارثية في قطاع غزة جراء الحصار الإسرائيلي والانقسام، وانعكاس ذلك على وضع الخطط والموازنات وندرة الموارد. كان علي أن أتابع أوضاع العاملين في البلديات وجهاز الدفاع المدني، وظروف وشروط العمل. وهم موجودون في خط المواجهة الأول، والرواتب التي تصل إلى ما دون الحد الادنى للأجور، وحالة العوز والفقر، والأوضاع الاقتصادبة الصعبة، والخشية قائمة بمزيد من التفكك الأسري والضياع. ومطلوب منهم الاستمرار في العمل وعليهم الصمود والثبات، والنزيف المجتمعي الوطني الكامل، وقلة الموارد والامكانات والوسائل المحدودة والضعيفة، لم يسلم هؤلاء وبلدياتهم من الاتهامات وكانهم من يتحملوا المسؤولية.
المحزن هو ما طال المعلمات في المدرسة التي حدث امامها تجمع المياه، ربما حدث سوء تقدير من إدارة المدرسة لحظة خروج الاطفال في وقت غزارة الامطار وتشكل بركة المياه الكبيرة، وفي لحظة نسي الناس دور المعلمات، وهن المقاتلات على خط المواجهة في المدارس والصفوف.
لكن يبدو أن الانقسام طال القيم، وهدد النسيج المجتمع والسلم الأهلي، وكانها محاولات اخضاع مجتمعنا وفق مصالح مقيته من بث الكراهية، وفتح الجروح النازفة بمزيد من الفرقة والإنقسام، وتعميق الاعطاب والثقوب وتعطيل حياتنا.
أشياء وأمور خطيرة تترسخ، لكن يجب أن تحدث تغيرات في المجتمع في واقعه الراهن، ما يتطلب أن يحدث تطوير على صعيد السياسات الرسمية من قبل حكومة غزة، دون الغنولاق في حالة من الخمول والإتكالية، والهروب من مسؤولياتها والقصور الخطير في أدائها والتزاماتها القانونية والأخلاقية، والإدعاء بالحصار وقلة الموارد والامكانات.
هناك قضايا وصلت إلى نقطة العودة، بعد 15 عاماً، من الانقسام والحصار، لم يعد أمامها مقبول التبرير وإدعاءات مكررة بقلة الموارد، فهذا الشعار قلة الحيلة أصبح عنوان المرحلة.
وإذا كانت حركة حماس وحكومتها غير قادرة على الاستمرار في تسهيل حياة الناس والقيام بواجباتها والموافقة على إجراء الإنتخابات المحلية والبلدية، خاصة خاصة بعد قرار حكومة رام الله تأجيلها لوقت لاحق، حتى لو كانت بطريقة غير توافقية، فهي في أمس الحاجة لإجرائها كي يتمكن المجتمع من الشراكة في إدارة طريقة تقديم قضاياهم الخدماتية، وعليه سيكونوا شركاء في تحمل المسؤولية، والقيام بدور حاسم في التغيير في حدوده الدنيا، الشتي قد تؤدي إلى فكفكة الإنقسام، على الرغم من استمرار الحصار وقيود الاحتلال الإسرائيلي وشروطه.
عندما تتصدر البلديات خط المواجهة، ويرسل العاملون فيها إلى الجبهة الأمامية لإنقاذ وتخليص الغرقى والضحايا والمنكوبين، على السلطة المكلفة بالحكم في غزة، وإدارة شؤون الناس مد يد العون والدعم بكل الوسائل، بدءاً من الميزانيات وترميم البنية التحيتية بالامكانات المتوفرة، وتلقي الرواتب في مواعيدها وزيادتها.
أما أن تتملص الحكومة من مسؤولياتها، فهي بذلك ترمي الحمل عن ظهرها وتلقيه على الانقسام والحصار، وتحميل الناس المسؤولية، فحرياً أن يبدأ عمل فعلي جاد لوقف هذه المعاناة، وحفظ حقوق الناس.