هآرتس – الاستهزاء بالبيبيين هو ايضا تحريض

0A4A0983-323E-4040-98A0-60987A26316C-e1608481804606.jpeg
حجم الخط

هآرتس – بقلم جدعون ليفي  

 

” التعالي على البيبيين هو نوع من التحريض غير المبرر لأن اليسار – وسط ليس اكثر تنورا وديمقراطية منهم. ولكن اليسار – وسط ينظر اليهم نظرة دونية لا ينظرها للمستوطنين الاكثر خطرا وعنفا منهم لأنه يعتبرهم جزء منا في حين لا يرى ذلك بالبيبيين “.

يقولون إن بنيامين نتنياهو حرض ضد اليسار، وأنه هو الذي أدى الى نزع الشرعية عنه. التحريض ضد البيبيين والتعالي عليهم لا يقل بخطورته عن ذلك. القول عن شخص بأنه يساري اعتبر في الواقع شتيمة في اسرائيل، ومشكوك فيه أن يكون ذلك بسبب نتنياهو فقط، لكن أن تكون بيبيا تحول الى اهانة. يجب الاعتراف بذلك. هناك ابواق مسمومة في اليمين وهناك ايضا ابواق مسمومة لا تقل عن ذلك في الوسط – يسار. هناك صفحات من الرسائل اوتوماتيكية لدى الطرفين. 

تعالي اليسار – وسط على البيبيين هو ليس فقط غير عادل وغير نزيه، بل هو ايضا يرتكز على رضى عن الذات لا اساس له من قبل معسكر “فقط ليس بيبي”. كان من المسموح أن تكون ديغولي في فرنسا، وناصري في الدول العربية، وحتى بيروني في الارجنتين ولا تشعر بالاهانة. إن وصف الاسرائيلي بأنه بيبي يعتبر قذف بالاهانة. 

أن تكون بيبيا يعني أن تكون قردا أو على الاقل عضوا في طائفة. ليس هناك بيبيا ليس كذلك. من غير الممكن أن تكون بيبيا ليس كذلك. ليس هناك احتمال في أن يصل شخص بقوته الذاتية الى الاعتراف بأنه يقدر أو حتى أنه معجب بنتنياهو. ليس هناك احتمالية بأنه مقتنع بأن نتنياهو كان رئيس حكومة جيد ويريد مواصلة رؤيته رئيسا للحكومة. ليس هناك احتمالية من أنه يوجد اسرائيليون يعترفون له بالجميل من اعماق قلوبهم، مهما كان السبب. ربما كان جيد بالنسبة لهم؟ ما الذي يفهمونه. ربما أنه احسن التعبير عن مشاعرهم ومواقفهم؟ لا وألف لا. هناك بالتأكيد شخص حرضهم على ذلك، خدعهم، أملى عليهم أن يكونوا بهذه الصورة، شخص ما ضللهم لأن البيبيين لا توجد لديهم مؤهلات للوصول الى مدارك وتقديرات خاصة بهم.

إن القاء الاهانات هو النص ما بين السطور لكل نقاش حول البيبيين، وهذا يوحد صفوفهم بشكل اكبر في ظل المصير المشترك ويزيد من احساسهم بالغربة والحرمان والقمع، سواء كان هذا مبرر أم لا. عند التعامل بهذه الطريقة على مستوى المعسكر بأكمله فمن الواضح أن النتيجة هي تعميق مشاعر الدونية، وهذه بالتأكيد ليست وصفة لسياسة صحية. 

نتنياهو فقط خرج رابح من هذا التعالي على مؤيديه، على الاقل لدى جزء منهم محبتهم له هي صادقة واصيلة. ليس بالامكان تجاهل ذلك، وليس بالامكان سحق هذا الشعور، مهما كان مصدره. في معسكر اليسار ليس هناك محبة كهذه لأي شخص، ولا حتى لأي فكرة، وربما أن يكون من الجيد ذلك، لكن لا يمكن تجاهل مشاعر المعسكر الآخر والاستخفاف به. يفضل عدم تشجيع أي سياسي، وعن المحبة ليس هناك ما يمكن الحديث به، لكن ليس بالامكان نفيها وكأنها غير موجودة. 

عندما يكون اكثر من ثلاثة ملايين شيكل مجندة خلال بضعة ايام كتعبير عن التماهي غير المسبوق، ليس بالامكان القول إن هذا المطر هو بصق. هو مطر حقيقي للعديد من الاشخاص الذين يريدون الخير لنتنياهو. الاحتقار والاستخفاف والسخرية من جانب المعسكر المضاد هي تحريض. ايضا الاشمئزاز المبرر من منظمة “حونانو” التي تقف خلف تجنيد التبرعات، وحقيقة أن نتنياهو هو ثري بما فيه الكفاية من اجل أن يمول تمثيله القانوني، لا تلغي حقيقة أن هناك في هذا التجند الجماهيري ايضا اسس لتضامن يثير الانطباع مع من اعتبر في نظر المتبرعين كزعيم محبوب وضحية.

خلف كل ذلك يختفي مرة اخرى شعور التعالي الذي في جزء منه يرتكز على الاصل والطائفة. لن يساعد الانكار والابعاد. نحن بنينا الدولة وهم اخذوها منا. نحن الاشكناز المتنورون أو على الاقل اليساريين المثقفين، وهم الشرقيون الظلاميون أو على الاقل اليمينيين البدائيين. محبة نتنياهو هي الرد وتفريغ المشاعر. هل حقا معسكر “فقط ليس بيبي” متنور أكثر؟ ديمقراطي اكثر؟ أين بالضبط؟ في مؤسسات “يوجد مستقبل”؟ في سلطات الاحتلال التي اسسها هذا المعسكر؟ في عبادته العمياء للجيش الاسرائيلي؟ يوجد الكثير من الاسباب للاشمئزاز من الليكود ومن نتنياهو ومحاربتهم. ولكن لا يوجد أي سبب للتعالي عليهم، حتى لو كان المتحدثون باسمهم احيانا يكونون مشوشين في كلامهم. على المستوطنين، مثلا الذين هم خطيرون وعنيفون ويسببون الضرر ويستحقون الاشمئزاز أكثر، لا أحد يتعالى عليهم لأنه في النهاية هم جزء منا، أما البيبيين فلا.