هآرتس – سلوك الشرطة في قضية NSO يستوجب تحقيقا خارجيا

عاموس-هرئيل.jpg
حجم الخط

هآرتس – بقلم عاموس هرئيل

 

نحن لم نكن بحاجة الى أكثر من بضع ساعات من اجل أن يتغير خط دفاع الشرطة في قضية NSO. الرد الاولي من جانب الشرطة، عندما تم نشر التحقيق حول استخدام برنامج سايبر هجومي لتعقب مواطنين، كان وبصورة حازمة أن هذا الامر لم يحدث أبدا. ولكن بعد فترة قصيرة وبعد تقرير تومر غانون في صحيفة “كلكليست” في يوم الثلاثاء الماضي تبدلت النغمة والتبريرات. الادعاء الجديد هو “ما الذي تريدونه؟ ألا نستخدم افضل التكنولوجيا من اجل تعقب المجرمين؟”.

الآن الشرطة تعترف بأنها استخدمت برنامج من انتاج اسرائيلي، كما يبدو نسخة سابقة ومحدودة لبرنامج بيغاسوس، البرنامج الرئيسي لشركة NSO. وهي فقط تدعي الآن بأن هذا الاستخدام تم توجيهه ضد مجرمين وأنه “يجب على المواطنين الابرياء عدم القلق”. اضافة الى ذلك الشرطة تنفي بشدة ادعاءات رئيسية في التقرير، أن البرنامج استغل لتعقب احتجاج “الاعلام السوداء” الذي طالب باستقالة رئيس الحكومة السابق، بنيامين نتنياهو؛ وأن التعقبات تمت بدون أمر من قاض كما هو مطلوب. 

من المشكوك فيه اذا كان المواطنون الابرياء يمكنهم الهدوء. وزير الامن الداخلي، عومر بارليف، طلب تفسيرات من المفتش العام للشرطة، كوبي شبتاي، واجيب بأن معظم الحالات التي ظهرت في التحقيق تم فحصها وليس هناك حقيقة للادعاءات. بعد ذلك اشار شبتاي بأنه “اذا كانت هناك تجاوزات فهي محددة”. ولكن عندما نفحص مصداقية البيانات وتحقيقات الشرطة من قضية أم الحيران ومرورا بتحقيق نير حيفتس وحتى العنف الذي استخدم ضد متظاهرين في بلفور وفي مئه شعاريم وفي الشيخ جراح فمن الواضح أنه ازاء خطورة الاتهامات مطلوب تحقيق خارجي غير متحيز.

ازاء السهولة التي تصادق فيها المحاكم على طلبات الشرطة للقيام بخطوات تحقيق شرطية معينة فانه حقا تثور علامات استفهام حول ادعاء غانون بأن اختراق الهواتف المحمولة تم تنفيذه بدون أمر. ولكن ايضا اذا اعطيت مصادقات حقا كما تدعي الشرطة (هذا الامر بحاجة الى الاثبات) فيجب استيضاح ما الذي عرفه القضاة واذا ما كانت الشرطة لم تستغل تصريح مقلص للقيام بنشاطات اوسع. التكنولوجيا الآخذة في التطور تسبق بكثير التشريع والحكم في هذا المجال.

القوانين القائمة كتبت لغايات المصادقة على الارتباط بخزانة مجمع “بيزك” أو الاطلاع على البريد الالكتروني في الحاسوب. وهي لا تعطي اجابة كافية لبرنامج هو بالفعل ينسخ الهاتف المحمول وقادر على العمل بدلا منه، دون أن يعرف صاحبه ذلك. يثور شك بأن المنطقة الرمادية استغلت هنا جيدا وأن الشرطة، بصورة منهجية، خدعت القضاة من اجل الحصول على تصاريح دون أن تقدم كل نواياها وقدراتها. هذا يبدو مثل اسلوب متعمد لاقى النجاح.

ايضا الكشف الذي لا تنفيه الشرطة يقتضي مناقشة بحد ذاته. البرامج الاولى تم تطويرها في الوحدات التكنولوجية لاذرع الامن واستهدفت تعقب تهديدات امنية واحباط ارهاب. عندما تدحرجت هذه القدرات الى القطاع الخاص قام رؤساء جهاز الامن بالتهدئة والقول بأن كل شيء يوجد تحت السيطرة. البرامج بيعت فقط بمصادقة كاملة من الدولة، وكل هدفها هو مساعدة الانظمة الديمقراطية في مكافحة الارهاب والجريمة الخطيرة. التحقيقات في السنوات الاخيرة حول استخدام بيغاسوس في ارجاء العالم كشفت أن الواقع بعيد عن ذلك. جهاز الامن في الحقيقة صادق على الصفقات، لكن جزء من الاستخدام كان بعيد ومرفوض اخلاقيا.

الآن يتبين أن البرامج استخدمت لتعقب مواطنين اسرائيليين، وليس لاهداف امنية. وقد حدث ما يتوقع حدوثه: تكنولوجيا اختراقية، التي استخدمت لجمع معلومات عن ايران وحزب الله وبعد ذلك ضد فلسطينيين في المناطق، وجدت طريقها أخيرا الى الهواتف المحمولة لمواطنين اسرائيليين (الذين بعضهم بشكل عام، كما ادعي، من منظمات احتجاج سياسية). البروفيسورة كارين ناهون، رئيسة برنامج ادارة البيانات والديمقراطية في جامعة رايخنر، قالت للصحيفة بأنه اذا كانت الشرطة قد تعقبت متظاهرين، لا يهم ما هي الوسائل التي استخدمتها، فان علم اسود من اللاقانونية يرفرف فوق مجرد التعقب. الكشف الاخير لغانون امس، أن الشرطة اخترقت بواسطة بيغاسوس الهاتف المحمول لاحد نشطاء الاحتجاج وجمعت معلومات عن حياته الجنسية، يعزز الشك بأنه يختفي هنا عفن عميق وواسع.

شركة NSO نفسها يمكنها الوصول في هذه السنة الى نهاية طريقها. تحت ضغط العقوبات الامريكية وترك عمال وظروف اقتصادية معقدة، من غير الواضح اذا كانت الشرطة ستبقى على قيد الحياة. حتى الآن الحكومة لم تمد يد المساعدة الحقيقية لها. ولكن المنشورات الاخيرة ليس بالضرورة تضر الشركة. بالعكس، هي تشير الى أن الشركة وعمالها ما زالوا يحتفظون بمعلومات كثيرة عن النشاطات التي تمت بمساعدة برنامجها. من المشكوك فيه اذا كان كل ما حدث كان قانوني وشرعي تماما، وهذه النشاطات تؤثر على الدولة، لأن جزء منها نفذ من قبل سلطاتها (مثل الشرطة) واخرى في اطار صفقات دولية صادقت عليها.

في مساء يوم الثلاثاء ارسل ممثلو الشرطة الى قنوات التلفاز في محاولة يائسة لاخماد الحريق. في “اخبار 12” شرح المفتش المضغوط والمتلعثم، ليونيت ليفي، بأنه “يبث هنا رسالة مهدئة للجمهور”. بعد ذلك صمت تماما. “أنت تحاول”، قالت المذيعة له “ولم تبدو اكثر اقتناعا من الجمهور في البيت”.

الجيش الاسرائيلي تحت قشرة جوز 

حادثة اطلاق النار القاتلة في لواء الكوماندو في الجيش الاسرائيلي، التي قتل فيها في الاسبوع الماضي قائدي فصيلين من وحدة ايغوز، ما زالت رهن التحقيق في الجيش في ثلاث قنوات مختلفة. لجنة خبراء برئاسة الجنرال احتياط نوعم كيفون تركز التحقيق العملياتي؛ وفي الوحدة نفسها يجري تحقيق داخلي، ومحققو الشرطة العسكرية يجرون تحقيق جنائي، الذي يمكن أن ينتهي ايضا باجراءات قضائية.

رئيس الاركان، افيف كوخافي، طلب من كيفون ان يقدم له الاستنتاجات خلال اسبوعين، ويمكن أن تمدد الفترة لاسبوع آخر. تحقيق الشرطة العسكرية سيستمر لفترة اطول، المعلومات التي تجمعت في هذه التحقيقات سترسم صورة غير سارة عن الوضع في الوحدات البرية للجيش الاسرائيلي، خاصة في جزء من وحدات النخبة. في الحادثة تجمع العديد من المشكلات التي يعاني منها الجيش تحت قشرة جوز واحدة. 

كوخافي زار في هذا الاسبوع الوحدة للمرة الثانية منذ حدوث الكارثة. وقد التقى بشكل منفرد مع ي، وهو قائد الفصيل الذي لم يصب (الذي كان الى جانب القتيلين، الرائد اوفيك اهارون والرائد ايتمار الحرار)، ومع ن، وهو قائد الطاقم الذي اطلق النار عليهم بالخطأ. رئيس الاركان وجد هناك حسب انطباعه وحدة مستقرة لم تخرج الرياح من اشرعتها. الاعضاء فيها، يعتقد، يعرفون جيدا ما حدث ويعترفون بأن الحادثة كانت بسبب تراكم اخطاء وعيوب. في حديثه مع الضباط والجنود حاول أن يرسم لهم توقعاته: مقاربة مبادرة، فعالة، لكنها لا تتنازل عن المهنية، وتطالب بمستوى عال من التخطيط والتنسيق ومنع الاخطار الامنية.

منذ الحادثة جرى نقاش عام واسع حول الثقافة العملياتية والتنظيمية في وحدات سلاح المشاة وفي لواء الكوماندو بشكل خاص. جنود وآباء تحدثوا للمراسلين عن حالات كثيرة كانت على وشك الحدوث وعن مطاردات غير مخططة وغير منسقة لمشبوهين بعمليات سرقة سلاح في مناطق التدريب. في هذه الحادثة يتبين شيئا فشيئا أن الضباط كان يهمهم القاء القبض على السارقين البدو، الذين حسب تقديرهم كانوا يقفون من وراء عملية السرقة السابقة، اكثر من سعيهم للحصول على وسائل الرؤية الليلية التي لم تكن لديهم. هذا جرى بدون تنسيق مسبق داخل الوحدة وبدون أن تأخذ القوات معها (قائد الطاقم ومقابله قادة الفصيلين) اجهزة اتصال وبدون الاستعداد لمشكلات محتملة. 

كوخافي يعرف ادعاء الآباء حول الالوية ويدرك التراكم الاستثنائي لاحداث ومشكلات في لواء الكوماندو، منها موت جندي من وحدة دفدفان اثناء اللعب بالسلاح واصابة بالغة لجندي من وحدة مغلان في حادثة زائدة اخرى. كيفون، الذي يستعين ايضا باشخاص من وحدة مراقب الجيش، طلب منه اجراء فحص مقارن للثقافة في الالوية من اجل معرفة هل توجد هنا ظاهرة خاصة بالكوماندو أو أنها مشكلة متفشية في كل منظومة سلاح المشاة. مع ذلك، في الجيش اشاروا الى أنه خلال العقد الاخير حدث انخفاض متواصل في حجم الاحداث في صفوفه من كل الانواع.

في هيئة الاركان يتحفظون من صيغة رسالة قائد مدرسة الضباط، العقيد يهودا باخ، للمتدربين بعد الحادثة. باخ أكد فيها على بطولة القتلى وقال إنهم سقطوا في اطار النضال من اجل سيادة شعب اسرائيل على ارضه. قادته تولد لديهم الانطباع بأنه في رسالته هناك عدم توازن: اقوال المديح للقتلى لم يكن يجب أن تشمل تأطير مطاردة غير مخططة للسارقين باعتبارها عملية بطولية وطنية. في الرسالة لم يتم قول أي شيء عن الحاجة الى التعلم من الاخطاء التي أدت الى النتيجة المأساوية والى تحسين اداء الجيش لاحقا. الامور قيلت لقائد في مدرسة التدريب 1 شفويا من قبل قادته، لكن لم تسجل له ملاحظة انضباطية.

في السنوات الاخيرة حدثت عدة احداث فيها عائلات ثكلى تواجهت مع الجيش لأنها غضبت من نتائج التحقيقات، التي حسب رأيها غطت على ضباط كبار ولم تصل الى الحقيقة. التحقيق الحالي يمكن أن ينتهي بنتيجة معاكسة: الاستنتاجات بخصوص المسؤولية عن الكارثة ستكون مؤلمة، والعائلات ستنظر الى الحادثة عبر نظارات العقيد باخ.

المياه الاستراتيجية

شراء الغواصات القادمة لسلاح البحرية طرح هذا الاسبوع مرة اخرى على جدول الاعمال بعد أن كشف نبأ لافي بار ايلي في “ذي ماركر” بأن ثمن الغواصات الثلاثة القادمة سيترفع 1.2 مليار شيكل. قبل التوقيع الرسمي على الاتفاق بين اسرائيل والمانيا أمس تبادل رئيس الحكومة نفتالي بينيت وسلفه بنيامين نتنياهو الاتهامات. وفي هذه الاثناء عشرات كبار الضباط في الاحتياط يواصلون الحملة الحثيثة التي هدفها اجبار حكومة التغيير على الوفاء بتعهدها وتشكيل لجنة تحقيق في قضية الغواصات والسفن. الفضاء البحري اعتبر رويدا رويدا فضاء استراتيجي بالنسبة لاسرائيل. مخزون الغاز في اعماق البحر، الاتفاق على نقل انبوب النفط من الامارات، تأمين خط التزويد البحري للبلاد، هجمات الطائرات المسيرة الايرانية ضد سفن بملكية اسرائيل في الخليج – كل ذلك قضايا رئيسية تتعلق بالامن القومي الاسرائيلي.

ما لا يوجد هنا تقريبا هو نقاش استراتيجي علني حول الفضاء البحري. سلاح البحرية ينشغل بذلك بشكل محدود، وهيئة الامن القومي يوجد لها كما يبدو سلم اولويات مختلف، من يملأ جزء من هذا الفراغ هو مركز ابحاث السياسة والاستراتيجية البحرية في جامعة حيفا. رئيس المركز، البروفيسور شاؤول حوريف، نشر في هذا الشهر تقدير الموقف السنوي بخصوص الفضاء البحري. حوريف الذي شغل في السابق عدة مناصب رفيعة في الجيش وفي جهاز الامن، يبث تفاؤل حذر في السياق الاقتصادي. حسب قوله، رغم ازمة الكورونا إلا أن الاسرائيليين لم يشهدوا صعوبات في التزويد عبر الموانيء، خلال سنتين، كتب، ستعمل في البلاد اربعة موانيء بحرية جديدة (اسدود، ايلات، واثنان في حيفا)، التي ستتنافس فيما بينها وستحسن مستوى الخدمة والسعر.

التقرير يشمل سلسلة توصيات في مجال السياسات للحكومة وسلاح البحرية. من بين امور اخرى، يوصي خبراء المركز ببلورة استراتيجية بحرية شاملة لاسرائيل، على خلفية التغييرات السياسية الكبيرة التي تجري في البحر المتوسط وفي البحر الاحمر. هذه التغييرات، يقولون، تقتضي اعادة تعريف المصالح الاستراتيجية في المنطقة.

هم يشيرون الى اخطار محتملة ستواجه اسرائيل، مثل زيادة التواجد الروسي وارتفاع محتمل في حالات الاحتكاك مع الاسطول التركي والحوادث مع ايران وفروعها في المنطقة. وحسب قولهم، استعداد اسرائيل لتأمين الملاحة الحيوية الى اسرائيل ومنها يجب أن تتركز على الدفاع عن سفن توجد تحت سيطرة اسرائيل وبقيادة طواقم اسرائيلية. الاحداث الاخيرة في الخليج، هناك تمت مهاجمة سفن بملكية جزئية اسرائيلية الى جانب ناقلات رست في موانيء الامارات والسعودية، تعكس تغيير عملياتي في التهديد من جانب ايران الذي يقتضي استعداد جديد في اسرائيل. ايضا احتمالية هجمات ستحدث قريبا منا.