شعب جدير بالاحترام

69db5a5b872bb7ce4f09d917d4df6665.jpg
حجم الخط

وكالة خبر

 

بالكاد تجد اليوم في اوساط الشعب الفلسطيني ، وربما العربي ، من يثني على القيادات الفلسطينية ، الموالية اوالمعارضة ، اليمينية اواليسارية او الوسط ، الضفاوية او الغزاوية او المهجرية ، وبالتأكيد فإن لهذا المنحى النقدي ما يبرره ، فالاخطاء اصبحت عديدة عدا عن انها عميقة ، وهي غير مقتصرة على الامر السياسي ، بل تتعداه لتطول معظم جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية والتعليمية والصحية والقضائية والاخلاقية ، نعقد اجتماعا مع وزير جيش الاحتلال في بيته كي نتحصل على بعض الاموال وبعض الامتيازات الفردية والذاتية ، ننتظر الموفد القطري بفارغ الصبر كل شهر كي يوزع علينا “المعونة” ، نكتشف ان المستشفى السرطاني الوحيد “خالد الحسن” قد تم وقفه بعد اربع سنوات من اطلاقه ، ويموت فتى على ابواب المستشفيات الخاصة لان السلطة لم تسدد التزاماتها ويقتل طالب جامعي داخل اسوار الجامعة التي يفترض ان تكون حرما لا يقل هيبة وقدسية عن المسجد والكنيسة ، ويستمر جلب عشرات النشطاء والمثقفين أمام القاضي للشهر السادس لمحاكمتهم لاحتجاجهم على مقتلة نزار بنات، وتعيين ابنة سفير خلفا لابيها الذي شغل السفارة 41 سنة ، ويتمادى الفساد ليطول اللقاح الطبي ، ويقتل شاب في “حادث” مطاردة الشرطة له بتهمة استقبال أسير محرر، و يزور رأس الفصيل نظاما ملكيا موغلا في العمالة على انه قبلة الجهاد ضد الاستعمار ، وتتقاسم “غرفة العمليات” مهمة توزيع التصاريح على العمال من ذوي “السلوك الحسن” وتعيد “الثورة” التي انتظرها شعبها بفارغ الصبر الحياة الى العشيرة والحل العشائري ، ويصل الامر بأمين عام فصيل ان يخرج ليعلن تأجيل عقد المجلس “المركزي” لاسباب تتعلق بسفر الرئيس .
في كل الامثلة التي سبقت، لم يكن هناك اي تحقيق يذكر، حتى لو انه في بعضها اعلن عن تشكيل لجنة تحقيق ، لكنها لجنة من النوع الذي ذكره الشهيد صلاح خلف : إذا اردت تمويت قضية فشكل لها لجنة تحقيق .
لكن “ابو اياد” لم يقل ان الاخطاء اذا ما استمرت في الوقوع بدون محاسبة وبدون تحقيق ، فإنها بالضرورة ستطول بقية جوانب الحياة ، ثم سرعان ما تنفجر ، بحيث لن يستطيع احد معالجتها لانها ستصبح غير قابلة للمعالجة .
ومع ذلك تجد البعض ممن يجد نفسه متحرجا من توجيه نقده للقيادة او متخوفا او متساوقا او متملقا او منتفعا ، سرعان ما يدير دفة اداناته نحو الشعب ، من على شاكلة هذا شعب خانع ، هذا الشعب لا يثور الا عندما يجوع ، هذا شعب اقرب الى قطيع البقر منه الى البشر . كأن هذا البعض لا يعرف ان هذا الشعب لم يكل ولم يستكن ولم يرفع الراية البيضاء ، بل انه يقاوم محتليه ليلا ونهارا ، صيفا وشتاء على مدار مئة سنة ، لادراكه ربما ان من يقوم بتخريب حياته الداخلية ، هو نفسه هذا المحتل العاتي بدعم لامتناهي من اميركا واوروبا و”الاخوة” الاعراب . شعب يتصدى لهذا العدو الاخطبوطي ذو الرأس الثلاثي جدير بالاحترام والحياة وقيادة اخرى .