الغاز الإسرائيلي سيضيء مقرّ قيادة نصر الله !

تسفي-برئيل.jpeg
حجم الخط

بقلم: تسفي برئيل

 

 



مثل من حصلوا على حقل غاز جديد سارعت وسائل إعلام إسرائيلية إلى الإبلاغ عن اتفاق وقع كما يبدو بين إسرائيل ولبنان لبيع الغاز من إسرائيل للجارة الشمالية.
نجح هذا التقرير في إشغال الإدارة الأميركية، التي نفت بصورة قاطعة وجود اتفاق بين إسرائيل ولبنان، لكن الزبد ما زال يطفو فوق الماء.
اتفاق لنقل الغاز من مصر، والكهرباء من الأردن، إلى سورية ومن هناك إلى لبنان وُقّع حقا في تشرين الأول الماضي.
حسب الاتفاق ستنقل مصر الغاز إلى لبنان عبر أنبوب الغاز العربي الذي يمر من سيناء، مروراً بالعقبة ومنها إلى حمص في سورية ومن هناك إلى لبنان.
في موازاة ذلك، مع استكمال ترميم خطوط الكهرباء بين الأردن وسورية ولبنان سيبيع الأردن الكهرباء للبنان.
خطة الاتفاق تمت مناقشتها بين مصر والأردن وسورية ولبنان والولايات المتحدة في تموز الماضي، وكان من الواضح لجميع الأطراف أن أميركا سيطلب منها منح إعفاء لهذه الدول من العقوبات التي فرضت على سورية.
إضافة إلى ذلك تم الاتفاق على أن تقتطع سورية حصة بنسبة 10 في المئة من كمية الغاز المصري و8 في المئة من الكهرباء التي ستمر في أراضيها.
أرسلت الولايات المتحدة رسالة مصادقة لمصر والأردن جاء فيها أنه يمكنهما تحويل الغاز والكهرباء دون الخوف من العقاب على خرقهما للعقوبات. وبقي فقط انتظار ترميم أنبوب الغاز في الجزء السوري واستكمال المقطع المؤدي من حمص إلى لبنان، الذي هو غير موصول بأنبوب الغاز العربي.
في كل هذه الأمور كان يتم إبلاغ إسرائيل ولكنها لم تكن طرفاً في الاتفاق.
منذ مرحلة النقاشات حول الاتفاق نشرت وسائل إعلام عربية أنباء "صاخبة"، بحسبها سيقوم الغاز الإسرائيلي بإضاءة شوارع لبنان.
مقال نشره في تشرين الأول خبير الطاقة، ماتيو زايس، في موقع "أتلانتيك" قال إن الغاز الإسرائيلي سيضيء مقر قيادة حسن نصر الله.
الغاز لا توجد له رائحة أو لون. والغاز الذي تبيعه إسرائيل للأردن يستخدمه لإنتاج الكهرباء، التي سينقل جزء منها أيضا إلى لبنان؛ لكن إسرائيل والأردن، وبالأحرى لبنان، لم توقعا على اتفاق ينص على أنه سيتم الفصل بين غاز وغاز، وأن الغاز الإسرائيلي لن يستخدم لإنتاج كهرباء أردنية سيتم تحويلها إلى لبنان. ببساطة، لأنه لا توجد طريقة عملية لتنفيذ هذا الفصل.
أيضا الدفع مقابل الغاز والكهرباء سيتم عن طريق صندوق النقد الدولي، الذي لم يعثر بعد على حل لمسألة تسديد القرض الذي سيعطى للبنان، حيث إن حكومة لبنان هي مفهوم مجرد، وهي لا تعمل، ومعدومة الثقة في كل ما يتعلق بتسديد الديون.
الأسلوب المقترح هو أن يتم الدفع للأردن ومصر مباشرة حسب احتساب كمية الكهرباء والغاز وليس عبر لبنان، وإجبار لبنان، عندما ستحدث معجزة وتبدأ بتنفيذ إصلاحات اقتصادية يكون من شأنها أن تفتح صنبور المساعدات الخارجية.
التقارير حول اتفاق الغاز بين إسرائيل ولبنان قالت أيضا إنه استهدف تقليص نفوذ إيران في لبنان وفي سورية، وإعادة سورية إلى الحضن العربي وتقليص نفوذ "حزب الله" في لبنان. فقط ينقص التقدير الذي بحسبه سيقود الاتفاق إلى سلام عالمي، أو على الأقل يخفف من الاحتباس الحراري في الكرة الأرضية.
إن تأثير إيران في لبنان لا يستند إلى صهاريج النفط المنفردة التي أرسلتها في أيلول إلى ميناء بانياس السوري، بناء على طلب من "حزب الله". حتى الولايات المتحدة هزت رأسها ولم تمنع إرساليات النفط. "لا أعتقد أن أحدا سينتحر من اجل منع وصول النفط المخصص للمستشفيات في لبنان"، قالت السفيرة الأميركية في لبنان، دوروتي شيا، في مقابلة مع قناة "العربية". في الوقت ذاته ابلغت عن اتفاق لتصدير الغاز والكهرباء من مصر والأردن.
سمع "حزب الله" ولم يعارض. وحافظ على الصمت أيضا عندما كتبت مواقع وصحف عربية بأن الكهرباء الأردنية المخصصة للبنان يتم إنتاجها بغاز إسرائيلي، بالضبط مثلما وافق على إجراء المفاوضات بين إسرائيل ولبنان حول ترسيم الحدود البحرية الاقتصادية. سبب ذلك هو أن استقرار لبنان واقتصاده هو مصلحة مشتركة لإسرائيل و"حزب الله" وإيران وسورية.
من هنا أيضا فإن الاقتراح الحثيث للمطالبة بمقابل سياسي أو عسكري مقابل موافقة إسرائيل على تحويل الغاز إلى لبنان، هو أمر لا أساس له.
ليس فقط أن إسرائيل لا تبيع الغاز للبنان، بل هي أيضا لا تستطيع أن تفرض الفيتو على بيعه من الأردن ومصر، بالأساس عندما تكون الولايات المتحدة هي التي بلورت هذا الاتفاق بينهم.
في حين أن من يحلمون يتخيلون شرقاً أوسط يغير فيه الغاز الإسرائيلي أنظمة وبنى تحالفات ويهز "حزب الله"، ويبعد إيران من سورية، يجدر الاستعداد بالتحديد لدخول إيران إلى سوق الغاز العالمية، لا سيما السوق الأوروبية. إن اكتشاف حقل غاز ضخم في المنطقة التي تعود لإيران في بحر قزوين، حقل تشالوس، يضع إيران على رأس قائمة الدول المنتجة للغاز في المنطقة. وحسب تقديرات خبراء في الغرب فإن حقل الغاز هذا يحتوي على كميات أكبر من الكميات في أي حقل آخر موجود في موقع فارس في الخليج الفارسي، المشترك بين إيران وقطر، والذي يعتبر حقل الغاز البحري الأكبر في العالم.
في وزارة الطاقة الإيرانية يتحدثون الآن عن أن إيران تستطيع توفير 20 في المئة من احتياجات أوروبا للغاز. على فرض أن الاتفاق النووي سيوقع وسيتم رفع العقوبات، فإن إيران يمكنها أن تشكل بالنسبة لأوروبا مزودة النفط البديلة عن روسيا، أو على الأقل تقليص اعتماد أوروبا على الغاز الروسي.
لكن بناء بديل إيراني يتوقع أن يواجه عدة عقبات من الصعب اجتيازها. إيران وقعت على اتفاق استراتيجي مع الصين لمدة 25 سنة، الذي في إطاره ستحظى الصين بأفضلية في التزود بالنفط والغاز الإيراني بأسعار مخفضة مقابل استثمارات صينية بمئات مليارات الدولارات.
الاتفاق الاستراتيجي، الذي اتفقت إيران وروسيا على تمديده، هذا الشهر، سيقيد أيضا قدرة منافسة إيران مع روسيا في السوق الأوروبية، حيث إن روسيا تعتبر أنبوب غازها إلى أوروبا ليس فقط ذخرا اقتصاديا، بل رافعة سياسية واستراتيجية حيوية، وهي لن تسمح لأي دولة بإبعادها عن هذه الساحة الربحية.
إضافة إلى ذلك، ينقص إيران مرافق ووسائل لإسالة الغاز بصورة ستعيق قدرتها على التنافس في سوق الغاز السائل.
طهران تحتاج إلى تنفيذ إصلاحات عميقة في صورة استخدام غازها الطبيعي، الذي يخدم الآن بالأساس احتياجاتها الداخلية، وفقط 7 في المئة منه يصدر إلى الدول المجاورة.
حتى لو تم تسويق الغاز الإيراني إلى أوروبا فإن هذا الآن هو نظري، بالأساس بسبب العقوبات الأميركية، فإن إيران تنوي أن تزيد بصورة كبيرة استخراج الغاز في 2022 وأن تصبح لاعبة مهمة في سوق الغاز في وسط آسيا.
الاتفاق الثلاثي لتزويد الغاز الذي وقع في تشرين الثاني بينها وبين تركمانستان وأذربيجان، واتفاق التزويد بينها وبين تركيا، تضمن بأن احتياطي الغاز الضخم المدفون في أراضيها وفي بحر قزوين سيجد أسواقاً جديدة.
عند رفع العقوبات تستطيع إيران أيضا أن تبيع أو تمنح بالمجان الغاز وبكميات كبيرة للبنان، وتضمن بذلك نفوذها السياسي – الاقتصادي في هذه الدولة، وحتى أنها تجعل من شراء الغاز والكهرباء من مصر والأردن أمرا غير ضروري.
بناء على ذلك نقترح عدم حبس الأنفاس قبل طرد إيران من سورية ولبنان بمساعدة أبخرة الغاز من إسرائيل.

عن "هآرتس"