هآرتس – ليس فقط حكروش هو الذي قفز عن الحدث،بل ايضا يوجد مهندسون لثقافة الطمس

تسفي-برئيل.jpeg
حجم الخط

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل 

 

المفتش جمال حكروش عمل، حسب قوله، حسب التعليمات. “أنا عملت كما يجب أن اعمل. الامر الاول الذي كان يجب القيام به في حادثة كهذه هو وقف استمرار الجريمة، والجريمة تم وقفها. اغلاق ساحة الحدث، قمنا باغلاقها. والاتصال واستدعاء قوات مهنية، سواء قوات شرطة أو نجمة داود الحمراء، نحن فعلنا ذلك”. هكذا القى حكروش خطابه في القناة 13، وقد تم انتقاد ادعاءاته. الفيلم القصير المخيف وشهادات رجال الشرطة والمشاركين في قضية القتل في كفر كنا قبل نحو سنة تثبت أن المفتش لم يقل كل الحقيقة. 

في افادته الاولى قفز حكروش ليس فقط عن المصاب الذي كان مستلقي على الدرج، بل ايضا عن الاشارة الى حقيقة أنه واصل طريقه ولم يفحص هل المصاب بحاجة الى مساعدة. وتبين ايضا أن قيادة الشرطة، وربما المفتش العام للشرطة السابق، موتي كوهين، والنيابة العامة، هم ايضا قفزوا عن الحدث. مصادر في الشرطة سارعت الى القول بأن المفتش العام الجديد، يعقوب شبتاي، لم يعرف تفاصيل الحدث. اذا كانت هذه المعلومة صحيحة فيبدو أن العفن في الشرطة عميق وكثيف جدا. واذا كانت غير صحيحة وأن شبتاي عرف ما حدث، فان الامر يتعلق بفضيحة. كالعادة، تم تشكيل لجنة فحص وعلى رأسها سيقف مفتش للشرطة متقاعد. الشرطة ستحقق وسترش القليل من العطر على العفن، ربما ستبعد حكروش من صفوفها والحياة ستتواصل كالمعتاد. في النهاية فان القتيل اصلا كان “معروف للشرطة”.

قبل اسبوعين تم طمس الطريقة التي قتل فيها عبد المجيد اسعد، الذي اخذ لقب “العربي ابن الثمانين”، على ايدي جندي من كتيبة “نتساح اسرائيل”. ومثلما في قضية حكروش، فقط كشف لمراسل “هآرتس” ينيف كوفوفيتش هز للحظة الجيش الاسرائيلي، وفقط بفضل “حب الاستطلاع” في وزارة الخارجية الامريكية، بدأ الجيش في التحقيق في الجريمة. المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي صاغ بشكل جيد بيان الطمس: “في تاريخ 12 كانون الثاني 2022 تم العثور على فلسطيني ميت قرب بلدة جلجولية التي تقع في مجال عمل اللواء القطري بنيامين. من الفحص الاولي تبين أن فلسطيني قد اعتقل اثناء نشاط لقوات الجيش الاسرائيلي بعد أن رفض الخضوع لفحص امني… بطبيعة الحال لا يمكن تقديم تفاصيل بخصوص التحقيق الذي ما يزال جار”. 

ما هذا الكنز من الكلمات. ما هذه الانشاء. “وجد ميت”، ظاهرة عادية جدا في اوساط المسنين ابناء الثمانين. “رفض الخضوع للفحص الامني”، هل يمكن أن يكون هناك سبب آخر؟. كل ذلك قبل أن ينتهي التحقيق. الآن لم يبق سوى العثور على دليل لتصريحات المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي.

ضابطان كبيران، اوفيك اهارون وايتمار الحرار، وهما قائدين لفصائل في وحدة ايغور، قتلا بنار قواتنا في حدث زائد. معظم التفاصيل اصبحت معروفة. ثلاثة تحقيقات تم فتحها في نفس الوقت والجمهور ينتظر النتائج. ايضا هذه القضية المأساوية، التي على الاقل يوجد فيها ما يمكن أن يدل على اجراءات معيبة، لاقت طمس ايديولوجي. قائد في مدرسة التدريب 1، العقيد يهودا باخ، سارع الى تغليف الخلل بغطاء وطني بارز. في رسالة للمتدربين قال إن “اوفيك وايتمار عملا بمبادرة وشجاعة من اجل قيمة هامة، سيادتنا في هذه البلاد. النتيجة مؤلمة وسيكون هناك ما سنتعلمه من هذا الحدث المؤسف. ولكن يجب أن نذكر بأنهما عملا بنية فعل الخير في  البلاد واجتثاث الجريمة التي تجري في معسكرات الجيش الاسرائيلي”. “سيادة” و”فعل الخير في البلاد”، هاكم مجال آخر سامي يغطي كل عيب واهمال وفشل. وهذا ما قاله اسحق شمير: “من اجل ارض اسرائيل مسموح الكذب”.

ما الذي نعرفه عن العيوب والاخفاقات والطمس والاكاذيب في الاجهزة السرية مثل الشباك والموساد، المخبأة عن اشعة الشمس المعقمة؟. كل جهاز من هذه الاجهزة، الشرطة والجيش والشباك والموساد، يوجد له قائد اعلى مسؤول. قائد يجب أن يتحمل المسؤولية عن طبقة الصدأ والعفن والفساد الذي نشأ في جهازه ويقوض ثقة الجمهور بهذا الجهاز. مفتش كذاب وضباط يطمسون ورجال شباك يخدعون القضاة، كل ذلك ليس اعشاب ضارة، بل علامة على ثقافة سيئة. مهندسو هذه الثقافة، الذين يترأسون هذه الاجهزة، لا يمكن أن يكونوا معفيين من تحمل المسؤولية.