هآرتس – ما هذا الهوس في عدّ اليهود

0A4A0983-323E-4040-98A0-60987A26316C-e1608481804606.jpeg
حجم الخط

هآرتس – بقلم  جدعون ليفي 

 

كم يهودي يوجد في العالم؟ من وكيف يقوم بعدهم؟ ولماذا في الاصل هذا مهم؟ اور كشتي كتب أن اسرائيل ستبدأ في حساب عدد اليهود في العالم بعد سنوات من اعتمادها على تقديرات البروفيسور سيرجيو ديلا برغولا (“هآرتس”، 25/1). الهوس اليهودي لاسرائيل يضرب مرة اخرى: احصاء لليهود، الذي معناه الخفي هو من مع الهنا، اليهود هم تابعون لنا. الآن بقي فقط أن نتلوى ونصطدم مع اسئلة مثل من هو “يهودي جزئي” وما هي “اليهودية الموسعة”.

اسرائيل على قناعة بأنه من المهم لها معرفة كم من سكان العالم هم يهود. الفرضية الصهيونية تقول إن هؤلاء هم احتياطي الهجرة لاسرائيل وامكانية الدعم الاعمى الكامنة لها. كلما كان هناك المزيد من اليهود فان هذا افضل لاسرائيل. وكلما كان هناك المزيد من المهاجرين الى اسرائيل فان هذا سيكون افضل اكثر لاسرائيل. لقد حان الوقت للتحرر من هذه الشعارات، فهي فقدت صلتها بالواقع.

اسرائيل يجب أن لا تحصي كم يهودي يوجد في العالم لأنها ليست هي “دولة الشعب اليهودي”. فقط اقل من نصف الشعب اختاروا الهجرة اليها، حتى عندما كانت بوابتها مفتوحة امام كل يهودي، وهي ليست دولة من ليسوا مواطنيها. اسرائيل هي دولة الاسرائيليين الذين هم يهود في معظمهم. احصاء مواطني دول اجنبية ليس من شأن اسرائيل. وسيعتبر تدخل فظ في الشؤون الداخلية لهذه الدول وفي حقوق الفرد فيها. في معظم الدول من غير المشروع تصنيف المواطنين حسب الدين والاصل، هذا يعتبر اختراق لمجال الخصوصية. هذا الامر صحيح اكثر عندما لا يكون هناك تعريف واضح لليهودية، وايضا هل هي قومية أو ديانة. 

كيف ستعتبرهم اسرائيل وكيف ستصنفهم؟ إن تدخلها ايضا سيثير بكامل القوة مسألة الولاء المزدوج. اذا كانت اسرائيل منشغلة في عد رؤوس اليهود فعندها هي تفترض أنهم سيؤيدونها، وربما حتى خلافا للمصالح القومية لدولهم. ولكن يهود كندا هم مواطنون كنديون، مواطنوها فقط، وهم كنديون تماما، ومثلهم يهود فرنسا. كل قول آخر سيضر بهم.

لا يوجد لدولة اسرائيل أي دور تؤديه في اوساط اليهود في العالم باستثناء ابقاء بابها مفتوح امامهم، حسب الدور الذي اخذته على نفسها عند اقامتها، حتى ملاذ آمن لم تعد تمثل، هي الآن المكان الاكثر خطرا في العالم امام اليهود للعيش فيه. ايضا تشجيع الهجرة اليها لم يعد ذو صلة. يا ليت أنه لن يأتي المزيد، لقد اصبح الوضع هنا مكتظ جدا.

معظم يهود امريكا، على سبيل المثال، فقدوا اهتمامهم باسرائيل. وهذا ليس سيء. ولماذا ستحصيهم اسرائيل؟ وبأي مبرر؟ الاحصاء هو قسري. بالضبط مثل احصاء الحاصلين على جائزة نوبل اليهود. جميعهم حصلوا عليها في المقام الاول بسبب الدول والمجتمعات التي تعلموا وتربوا فيها، وليس بسبب يهوديتهم. حقيقة أنهم جميعا جاءوا من دول جاء منها معظم الحاصلين على جائزة نوبل من امريكا واوروبا. 

لا يقل عن ذلك اثارة للشفقة هو النبش في ماضي كل المشاهير الدوليين، هل كانت له جدة يهودية؟ عمة؟ مطلقة؟ جارة؟ شيء ما؟. كطابع يدل على أنه خاص بنا، وهو بالتأكيد يحبنا. عندما كان اليهود اقلية مضطهدة كان يمكن فهم ذلك، لكن الآن حتى الانصهار لم يعد كارثة مثلما علمونا. وما السيء في ذلك؟ عندما جزء كبير من يهود العالم يختارون أن لا يعتبروا انفسهم يهود، بالضبط مثلما جزء آخذ في التصاعد من الاسرائيليين. هوية علمانية ومدنية في العالم العالمي تحل بالتدريج محل اليهودية، ومن المضحك عد رؤوس اليهود. من المضحك بدرجة لا تقل عن ذلك الحديث عن الاخلاق اليهودية. وما هي هذه الاخلاق؟ وكيف هي تختلف عن الاخلاق العالمية؟ هل هي اعلى؟ هل هي التي تشكل بوصلة لدولة الاخلاق المعروفة؟.

مع وجود حوالي سبعة ملايين يهودي في اسرائيل، جزء منهم يشعرون بأنهم يهود وجزء أقل يهودية، فان الدولة يجب أن تعترف بأنها دولة الاسرائيليين، بالضبط مثلما السويد هي دولة السويديين. انظروا الى السويد وسترون أن هذا نظام غير سيء تماما.