وقع علينا هذا، الاسبوع، خبران أمنيان يبدوان مفرحين. فقد قرر سلاح الجو الاسرائيلي أن يبيع نحو مئة طائرة قتالية من طراز سكاي هوك – الطائرات الاولى التي زودتنا بها الولايات المتحدة حين احتلت مكان فرنسا، والتي توقفت عن تزويدنا بالطائرات القتالية بعد أن قرر ديغول باننا لم نعد «صديقا وحليفا». مكان هذه الطائرات، التي أحبها الطيارون جدا، وستباع لدولة اخرى، ستحل بضعة اسراب من الطائرة «المتملصة»، ألا وهي «اف 35»، الطائرة الاكثر تقدما في العالم من انتاج شركة لوكهايد مارتن، وتتفوق الطائرة على تلك التي تنتجها روسيا والصين. أحد قادة سلاح الجو الأميركي، الذي سئل عن الثمن الخيالي للطائرة (نحو 150 مليون دولار الطائرة الواحدة)، قال انه يستحق كل إسناد. الـ 19 طائرة الاولى التي ستشتريها اسرائيل، بعضها ذات قدرة اقلاع وهبوط طولية، واسمها في اسرائيل سيكون «أدير» (هائل). غني عن القول إنه لا يوجد طيار في البلاد وفي العالم لا يحلم بالطيران في هذه الطائرة «العجيبة». الرجل الوحيد الذي يمكن له في اسرائيل على ما يبدو أن يشتري لنفسه هذه الطائرة هو اسحق شوفا، الذي قدرت مجلة «فورباس» ماله الشخصي بـ 3 – 4 مليارات دولار. السؤال هو ما الحاجة لهذا الإنفاق الكبير؟ هل كل الاحابيل التي ستوفرها لنا هذه الطائرة مخصصة ضد منظمات الارهاب في محيطنا، والتي تدير المعارك الواحدة ضد الاخرى والواحدة ضد الدول والاديان، وتذبح بعضها في حروب ليس لها عنوان حقا؟ التهديد النووي الايراني تعطل من خلال تسوية عالمية برعاية القيادة الأميركية، وكل مواطن اسرائيلي، مهما كان ليكوديا، فرح على أي حال لأننا لم ننفذ تهديدات بيبي ضد ايران. غير مرة أقمنا وحوشا ليوم الامر، وقلنا ان لدينا جوابا ضد التهديد الايراني، مثلا. ليس واضحا اذا كنا سنستخدمها، ولكن لا شك أن تهديدات بيبي ردعت ايران بقدر كبير. تهديدات الارهاب لا تعرض للخطر حقا وجود اسرائيل. من هنا فانها تلعب في اوبيراتين مختلفتين. ومثل الفرقة الموسيقية الرسمية تستعد لشراء أدوات موسيقية هي الاكثر حداثة، ولكنها تفقد جمهور المواسم التالي. مع ميزانية دفاع بمبلغ 60 مليار شيكل، أي أمن ستعطيه المتملصات بـ 12 مليار شيكل؟ وفي الجيش ايضا هناك من يدعون بانه عندما يدور الحديث عن عدو ليس واضحا من هو وما هو، فثمة هنا تبذير هائل. في الواقع الناشئ مطلوب شكل جديد من التفكير لا يقوم على اساس فكرة الدولة الارتجالية. فحرب «الجرف الصامد» كلفت اسرائيل 15 مليار شيكل في أيامها الستة الاولى، وكانت ستنتهي على نحو سيئ جدا لو احتلت «حماس» عبر الانفاق «نيريم» مثلا. وحتى الطائرات الاكثر حداثة والاكثر ثمنا، لا يمكن للدولة من خلالها ان تهزم الانتفاضة الشعبية التي تشهدها اليوم. لقد وقعت حرب «الايام الستة» قبل نحو خمسين سنة. وفلسطينيون دون سن الستين لا يذكرون الوضع السابق، ولا يعرفون سوى الحاضر. وزير الخارجية الأميركي، باسمه شخصيا وباسم رئيسه، يحذرنا من أنه اذا استمرت الامور هكذا، سرعان ما سيقوم هنا كيان فلسطيني غير قابل للإدارة. ورجال أمن السلطة سيتفرقون في كل صوب، ما سيؤدي الى الفوضى والمواجهات الدموية التي لا يمكن لإسرائيل أن تنتصر فيها. ولا حتى بالطائرة العجيبة التي تقف على رأسها. ان وضع اولئك الذين ينفذون عمليات السكاكين، البلطات، والمقصات، لن يتغير. فدور الزعيم في هذا الوقت ليس أن يقول «هذا هو الموجود»، بل ما يجب أن يقول. اسحق رابين هدد بـ»كسر عظامهم»، ولكن من الواضح اليوم ان هذا لم يجدِ نفعا، وفي الجيل القادم ايضا سنأكل الحراب. سكين المطبخ، البلطة، المقص، الاطفال الذين يقتلون ويجرحون سيكبرون ويزدادون. محق الرئيس حين يحذر القيادة الحالية. الطائرات العجيبة التي لا ترى لن تنتصر على السكين.
عن «هآرتس»