أيام مضت على إصدار منظمة العفو الدولية تقريرها الذي هز دولة الكيان الإسرائيلي، بعدما تمكن من تعرية حقيقتها كـ "دولة فصل عنصري" تجسد بكامل التعريف لنظام "الأبرتهايد"، الى جانب ارتكابها جرائم حرب وتطهير عرقي، تقرير أجبر أمريكا إدارة ومسؤولين، ان يزيلوا "مكياج" النفاق السياسي، ليعلنوا بكل صفاقة أن إسرائيل هي "دولة اليهود"، تكريسا لما جاء في التقرير بأنها فعليا دولة عنصرية.
التقرير التاريخي، لازال جزءا حيويا من النقاش داخل دولة "الفصل العنصري"، لم ينته بانتهاء المؤتمر الصحفي للسيدة كالامار، بل عمليا بدأ النقاش بعدها، استعدادا لكيفية مواجهة ما سيكون من مفاعيل التقرير، مساءلة أو مطاردة سياسية وقانونية.
رغم ما يبدو، ان دولة "الأبارتهايد اليهودي" تحقق بعضا من الاختراق في المنظومة الرسمية العربية، وتعزز وجودها الأمني – الاقتصادي، لكن ذلك أبدا لم يدفع قيادتها السياسية ان تغض الطرف عن التقرير الأول الذي يحدد تفصيلا معالمها كدولة جرائم حرب وتطهير عرقي، في كل فلسطين التاريخية وليست في الأرض المحتلة، وهذا ما يمكن اعتباره التطور الأبرز فيما وراء تقرير "العفو الدولية"، بأن العنصرية ليست سلوكا وممارسة مرتبطة بجيش الاحتلال وسلطاته، كي تجد أمريكا "تبريرا ما" لبعض منه، بل أنه بعد فكري وثقافي في الحركة الصهيونية الحاكمة، كما كانت جنوب أفريقيا، عنصرية ضد العربي وضد غير اليهودي.
الحملات التشويهية المنظمة المشتركة، بين دولة "الفصل العنصري" والولايات المتحدة، تتصاعد وبسرعة لكبح جماح أي انتقال عملي نحو مؤسسات تفعيل التقرير، خاصة المحكمة الجنائية الدولية، التي تعتبر جهة اختصاص لمساءلة مجرمي الحرب والعنصريين، وتنتظر رؤية شاملة من الدولة التي يفترض أن التقرير يتعلق بها.
ولكن، وحتى ساعته، لم تظهر "الرسمية الفلسطينية"، بصفتها التمثيلية أي تفاعل حقيقي مع التقرير الأممي، وما هي السبل الكفيلة بمتابعته كي لا ينتهي كجزء من أرشيف قرارات دولية وتقارير كشفت حقيقة دولة الأبرتهايد، أو يتم حصاره ويتوقف عند كونه خبرا صحفيا، يمكن استخدامه في حركة "التأريخ" لما كان من قرارات.
لم تقرأ خبرا، ان "تنفيذية المنظمة" عقدت لقاءا خاصا طارئا لدراسة ما سيكون، حتى الدائرة المختصة "نظريا" بها، والتي لم يلمس لها دورا أو حضورا المعروفة باسم دائرة حقوق الانسان، وكل ما أنتجته بيانا سجل التقدير كأي فلسطيني مرحب بالتقرير، ولم تعلن الحكومة، التي أشادت بحرارة عالية بالتقرير، عن تشكيل "لجنة خاصة" لبحث سبل متابعة التنفيذ.
المسألة لم تكن أن تتباهي سلطة "الحكم الذاتي المشوه" بالتقرير، أو أن تصدر كمية من التصريحات التي ذهبت ريحها بعد صدورها، بل هل حقا تريد هذه السلطة ومؤسساتها، وقبلها "اللجنة التنفيذية" متابعة ما بعد صدور التقرير، وهل لديها تصور ورؤية شاملة لما سيكون من آليات وأساليب عمل يتم دراستها والعمل وفقها.
أن تغرق تلك المؤسسات والمسميات في التحضير لعقد "المركزي"، بعيدا عما له وعليه، وتتجاهل كليا أي نقاش للتقرير التاريخي فتلك نقيصة وطنية كاملة الأركان، وتنذر "شؤما سياسيا"، بأن القادم مزيدا من "التيه والظلامية السياسية – الفكرية"، والتي لن تبقى حكرا على طرف دون غيره.
كان التقدير بالحد الأدنى، أن يكلف الرئيس عباس "تنفيذية المنظمة" والحكومة بتشكيل لجنة خاصة "سياسية – قانونية" تبدأ بوضع الإطار العام لمتابعة تنفيذ التقرير، وتجد قناة اتصال مع ممثلي الجماهير الفلسطينية داخل دولة الفصل العنصري، من خلال لجنة المتابعة ورئيسها المناضل الكبير محمد بركة، لبحث التعاون والتنسيق بينهما، كون العنصرية تشمل الفلسطيني كفلسطيني (اليس لهم لجنة تواصل مع فلسطيني 48 أم فقط مع اليهود).
تجاهل ذلك يمثل رسالة بأن "الجدية الوطنية" ليست جزءا من المنظومة السياسية القائمة في بقايا أرض الوطن...!
ملاحظة: حركة تعاطف إنساني ووحدة مشاعر شملت كل بلاد العرب من أجل انقاذ الطفل المغربي "ريان"...وفي بقايا الوطن ولدت حركة سبهللية اسمها "ريان يا فجل"!
تنويه خاص: وأخيرا بعد صراخ أمريكي..أعلن رئيس أركان جيش دولة الفصل العنصري "أسفه" عن مقتل الفلسطيني عمر أسعد... يا خوفي ما يطلع واحد من "مقاطعة رام الله" ويعتبرها إنجاز تم بفضل موقف الرئيس..بدها "دقة زار".