خلصت منظمة العفو الدولية إلى أن السلطات الإسرائيلية تطبق نظام الفصل العنصري ضد جميع الفلسطينيين الذين يعيشون تحت سيطرتها، سواء كانوا يعيشون في إسرائيل أو الأراضي الفلسطينية المحتلة أو في بلدان أخرى كلاجئين. منظمة العفو الدولية ليست أول من يوسم اسرائيل بالابارتهايد، لقد وجدت هيومن رايتس ووتش سابقاً أن الحكومة الإسرائيلية أظهرت نيتها في الحفاظ على هيمنة الإسرائيليين اليهود على الفلسطينيين في جميع أنحاء إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة. وتوصلت منظمة “يش دين” إلى هذا الاستنتاج في الضفة الغربية على وجه التحديد. ووجدت “بتسيلم” أن إسرائيل تحافظ على نظام فصل عنصري على الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة وكذلك الفلسطينيين الذين يعيشون داخل حدودها.
حقيقة أن إسرائيل دولة فصل عنصري (أبارتهايد) ليست من اختراع منظمة العفو الدولية Amnesty أو غيرها من منظمات حقوق الانسان الدولية التي سبقتها، هذا ليس اتهام وإنما توثيق لحقيقة موثقة في سياسات الاحتلال وممارساته اليومية ونصوص الكنيست الإسرائيلي.
إذا أرادت إسرائيل الحفاظ على شعار “الديمقراطية” بدلاً من “العنصرية” فعليهم البدء من قانون الدولة القومية اليهودية لعام 2018 ، الذي حدد بوضوح أن دولة إسرائيل لليهود، متغاضياً عن حقوق ٢ مليون نسمة من المسلمين والمسيحيين وغير اليهود.
ترد اسرائيل أما بتجريم او اتهام بالإرهاب او معاداة السامية للمنظمات التي توثق الجرائم الإسرائيلية ضد الانسانية المتمثلة في الاضطهاد والتمييز العنصري ضد الفلسطينيين، كما فعلت يوم 19 تشرين أول بأن أصدرت دولة الإرهاب والفصل العنصري في إسرائيل “أوامر عسكرية” تصنف ٦ من منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية الرئيسية ومنظمات المجتمع المدني كـ “منظمات إرهابية”
1- الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال / فلسطين #DCI
2- مؤسسة الحق
3- جمعية الضمير لدعم الأسير وحقوق الإنسان
4- مركز بيسان للبحوث والتنمية. مركز بيسان للبحوث والانماء
5- اتحاد العمل الزراعي (UAWC)
6- اتحاد لجان المرأة الفلسطينية.
تُعرِّف اتفاقية الفصل العنصري ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الفصل العنصري بأنه جريمة ضد الإنسانية، تُرتكب عندما يُرتكب أي فعل غير إنساني في سياق “نظام مؤسسي” من “القمع” الممنهج و”الهيمنة” من قبل مجموعة عرقية ضد أخرى مع نية الحفاظ على هذا النظام. في نظام الفصل العنصري يتعامل مرتكب الجريمة مع المجموعة العرقية المسيطرة على أنها مختلفة ودنيا بسبب سمات جسدية أو ثقافية معينة. الفصل العنصري هو خطأ دولي وجريمة ضد الإنسانية في نفس الوقت. وعندما تُرتكب جريمة ضد الإنسانية فإن المجتمع الدولي ملزم بمحاسبة مرتكبيها.
بالنسبة لهذا التقرير، فحصت منظمة العفو الدولية: أفعال النقل والتهجير القسري؛ الاعتقال الإداري والتعذيب؛ القتل غير المشروع والإصابات الخطيرة؛ الحرمان من الحقوق والحريات الأساسية؛ أو الاضطهاد المرتكب ضد السكان الفلسطينيين في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة المرتبط بنظام القوانين والسياسات والممارسات التمييزية.
من الجدير ذكره أن منظمة العفو الدولية توثق انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الحكومات في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك السلطة الفلسطينية، وتطبق نفس المعايير والسياسات عند تقييم سجلات حقوق الإنسان لجميع الدول.
جاء تقرير منظمة العفو الدولية بعد بحث عميق بين تموز 2017 وتشرين الثاني 2021. قامت المنظمة بتحليل للتشريعات الإسرائيلية واللوائح والأوامر العسكرية والتوجيهات الحكومية والتصريحات الصادرة عن المسؤولين الحكوميين والعسكريين. اضافة لمراجعة الوثائق الرسمية والمتاحة للجمهور مثل الأرشيفات البرلمانية الإسرائيلية، ووثائق التخطيط وتقسيم المناطق والخطط والميزانيات الحكومية وأحكام المحاكم الإسرائيلية. إضافة لتوثيق منظمة العفو الدولية لانتهاكات حقوق الإنسان في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذلك تقارير وكالات الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان ضد إطار الفصل العنصري.
تبرر السلطات الإسرائيلية العديد من السياسات الواردة في التقرير لأسباب أمنية، بما في ذلك مصادرة الأراضي والحرمان من تصاريح البناء والتخطيط وإلغاء الإقامة والقيود على التنقل والقوانين التمييزية المتعلقة بلم شمل الأسرة. إن هذه المبررات تستخدم كذريعة لأعمال تنبع في الواقع من نية السيطرة على الشعب الفلسطيني واستغلال موارده.
تفضل العديد من الدول عدم الكشف عن انتهاكاتها لحقوق الإنسان. من الطبيعي أن تحاول الدول تحويل الانتباه بعيدًا عن النتائج من خلال الاتهامات التي توجه بالتحيز ومعاداة السامية وغير ذلك، خاصةً إذا لم يكن لديها استجابة موضوعية لأدلة الانتهاكات.
نشهد أن اسرائيل تضرب القوانين بعرض الحائط، ولكنها صادقت على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري التي تحظر الفصل العنصري. كما يشكل حظر الفصل العنصري جزءًا من القانون الدولي العرفي، والذي يتكون من الالتزامات الدولية الناشئة عن الممارسة العامة للدول المقبولة كقانون. صرحت محكمة العدل الدولية (ICJ) أن الفصل العنصري هو “انتهاك صارخ لمقاصد ومبادئ ميثاق (الأمم المتحدة)”.
للمحكمة الجنائية الدولية ولاية قضائية على الجرائم المرتكبة في دولة فلسطين منذ 2014. وفي آذار 2021، أعلن مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أنه بدأ تحقيقًا في الوضع في فلسطين. يغطي النطاق الإقليمي لولايتها قطاع غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.
تدعو منظمة العفو مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى فرض عقوبات محددة الهدف مثل حظر السفر وتجميد الأصول ضد المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في جريمة الفصل العنصري وفرض حظر شامل على الأسلحة على إسرائيل. كما وتستطيع منظمة العفو الدولية الضغط من خلال اكثر من 70 منظمة دولية وذلك لمنع إسرائيل من ارتكاب جرائم حرب وانتهاكات جسيمة أخرى ضد حقوق الانسان الفلسطيني.
– دلال عريقات: أستاذة الدبلوماسية والتخطيط الاستراتيجي، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الأمريكية.