كتب رئيس التحرير: صالح النزلي
الإمارات والقضية الفلسطينية
منذ تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1971، وتحظى القضية الفلسطينية بدعمٍ لا محدود من القيادة الإماراتية ممثلةً بالشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيَّب الله ثراه، والذي جسّد دعمه لقضيتنا بالكثير من المواقف السياسية واعتبارها بشكلٍ مُعلن ضمن أولويات سياسة الإمارات الخارجية، وتجسيداً لموقف الراحل لا تزال دولة الإمارات حتى يومنا هذا تضع ضمن أولوياتها دعم مقومات صمود الشعب الفلسطيني ليتمكن من إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو للعام 1967 وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.
إنَّ الموقف الثابت لدولة الإمارات العربية المتحدة والذي يُساند القضية الفلسطينية بالمواقف السياسية وكل أشكال ومقومات الصمود والثبات والتشبث بالحقوق، واعتبارها قضية الفلسطينيين ضمن أولويات سياساتها الخارجية، يتطلب من شعبنا الفلسطيني التحلي بالوعي السياسي والعروبي، برفض محاولات التشويه التي لا تخدم إلا أطراف تعمل على طمس قضيتنا وإنهاء وجودها وتزوير الحقائق.
منذ سنوات طويلة كانت دولة الإمارات ولا زالت عوناً للشعب الفلسطيني، ليس في المواقف السياسية الرافضة للتعدي على الحقوق الفلسطينية وسياسة الضم والتنكر لحل الدولتين وحق شعبنا في تقرير مصيره فحسب، بل أيضاً في جوانبٍ إنسانية تمتد على مدار عقودٍ بدأئها الشيخ زايد وأكملها من بعده الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وحين نتحدث عن الدعم الإماراتي للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني فلا بد من المرور على مواقف سياسية وإنسانية كان لها الأثر الأكبر في نفوس أبناء شعبنا، بدءًا من مواقف الراحل الشيخ زايد والتي أعنلها بشكلٍ واضح في مقولته الشهيرة "إنَّ قضية فلسطين هي قضية العرب أجمعين، وهي أمانة مقدسة في أعناقهم، وإن إيماننا بقضية فلسطين بعض من إيماننا بعروبتنا تاريخاً ونشأةً وكياناً"، فكانت هذه الكلمات بمثابة الطريق الذي يُنير لخلفه سُبل التعامل مع قضيتنا العادلة من الجوانب السياسية والإنسانية والاجتماعية.
ومن المواقف السياسية الحديثة التي أكّدت الدعم الإماراتي للحق الفلسطيني، رفض محاولة الاحتلال "الإسرائيلي" ضم أراضي الضفة الغربية، إضافةً إلى التصويت لصالح فلسطين في الأمم المتحدة، لتُجسد بهذه المواقف دعمها لحق شعبنا في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على الحدود الرابع من يونيو 1967.
عموماً وفي ظل ما يتعرض له شعبنا من إجراءاتٍ "إسرائيلية" وممارسات دمّرت سُبل العيش الكريم، ويُضاف إليها الانقسام الفلسطيني والظلال الكارثية التي ألقاها على الأوضاع الاقتصادية خاصةً في قطاع غزّة المحاصر، فإنّ قضيتنا تحتاج إلى شتى أنواع الدعم ليس من الإمارات فقط بل كافة الدول العربية وأحرار العالم، ليتمكن شعبنا من الصمود فوق أرضه في وجه آلة الحرب الإسرائيلية التي تسعى للقضاء على تمسكه بأرضه وحقه، ولن يتأتى هذا الدعم بالتخوين والقذف والتدخل في الشؤون العربية.
عايشنا على مدار السنوات الأخيرة عشرات المشاريع التي قدّمتها دولة الإمارات لأبناء شعبنا الفلسطيني، خاصةً في قطاع غزّة المحاصر منذ حوالي 15 عاماً وما يزيد، والتي تجسدت في مساعدات إنسانية منها مشاريع صحية وأجهزة طبية وأخرى لتحرير شهادات الطلبة وتسديد الرسوم الجماعية، عدا عن مشروع المصالحة المجتمعية الذي حظي بدعمٍ كامل من دولة الإمارات لرأب الصدع الداخلي وإنهاء الانقسام ودفع الفلسطينيين نحو التعالي عن الجراح والالتفات للأهداف الأساسية، ويُضاف إلى كل ذلك ما يزيد عن مليوني جرعة من اللقاح المضاد لفيروس كورونا، وآخرها مشروع المستشفى الإماراتي الميداني الذي يتم إعداده وفق أحدث الأنظمة لمساعدة قطاع الصحة الحكومي على تقديم الخدمات الطبية لجميع الفلسطينيين، وغيرها من مشاريع التنمية والبناء في مخيم جنين وفي مدينة القدس المحتلة.
كل تلك المشاريع لا يُمكن تفسير أهدافها إلا بشكلٍ واحد وهو الدعم والإسناد لشعبنا الفلسطيني وتعزيز مقومات صموده فوق أرضه، وشحذ هممه لمواصلة تمسكه بحقه في دولة مستقلة، فمن المتعارف عليه بل الأمر الذي لا لُبس فيه أنَّ تقديم الدعم لأيّ شخصٍ أو جماعة لا يكون إلا من باب الإسناد والمساعدة على هدفٍ ما، وتقوم دولة الإمارات بهذا الدور إلى جانب الكثير من الدول العربية وأحرار العالم المُساندين لحقوق شعبنا بإقامة دولته المستقلة وفق قرارات الشرعية الدولية.
إنَّ القضية الفلسطينية في ظل ما تُعانيه من تراجعٍ عن أولويات العالم يجعلها بحاجة إلى الدعم والإسناد والحماية من الاندثار والشطب، ولن يتأتى ذلك إلا ببقاء قضية شعبنا العادلة حاضرةً بحضور أبنائها عبر تقديم كل أشكال الدعم الحقيقي له، وليس بالانسياق نحو جهاتٍ مشبوهة لا تسعى إلا لتحقيق أطماعها في المنطقة، فكم تُحزننا محاولات حرف نضالات شعبنا وأهداف قضيته العادلة عن مسارها وهدفها الرئيس المتمثل في الدفاع عن الأرض والتمسك بها حتى تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
مآثر مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد آل نهيان تجاه شعبنا الفلسطيني وقضيته كثيرة ولا يُمكن حصرها، وتجسدت في إعلانات صريحة ودعمٍ لا محدود للأماني الفلسطينية في التحرر والانعتاق من الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة، وعلى عهده نشهد من خلفه استمرار الدعم والإسناد لشعبنا عبر مشاريعٍ أسلفنا ذكرها والتي امتدت على سنواتٍ طويلة قبل وبعد رحيل الشيخ زايد، وآخرها انتظار افتتاح المستشفى الميداني الإماراتي في قطاعٍ غزّة بعد أيامٍ قليلة، وفق أحدث الأنظمة الطبية والذي من المتوقع وفق وزارة الصحة بغزّة أنّ يكون نقلةً نوعيةً في إسناد قطاع الصحة الحكومي في مواجهة الوباء العالمي.
ختاماً وهو الأمر الذي لا لبس فيه أنَّ القضية الفلسطينية في ظل ما تُعانيه من محاولات شطبٍ وتغييب عن المحافل الدولية، بحاجة إلى الدعم والإسناد والمواقف السياسية الجادة لضمان بقائها واستمرارها حتى تحقيق أماني شعبنا بالاستقلال وتقرير المصير، وتبقى الإمارات وكافة الدول الداعمة لعدالة قضيتنا مصدر قوة وثبات على الحقوق، ولا يُمكن من أيّ عاقلٍ نُكران المواقف الإماراتية التي تتجسد يوماً بعد يوم تجاه شعبنا وقضيته وحقوقه، ومهما حاول البعض التشكيك أو حرف البوصلة سيبقى عمق العلاقات الفلسطينية الإماراتية والعربية حاضراً وتُجسده المواقف الجادة على الأرض.