المجلس المركزي هو مؤسسة فلسطينية هامة وهو في المرتبة الثانية بعد المجلس الوطني، واجتماعاته نظرياً، يجب ان تكون حاسمة ويتخذ قرارات مفصلية في التحرك السياسي لمواجهة التحديات التي تعصف بنا وبقضيتنا، لكن الواقع يختلف كثيراً كما رأينا بعد الاجتماع الاخير للمجلس.
لقد أصدرت حركات الجبهة الشعبية والجهاد االاسلامي وحماس، بياناً مشتركاً انتقدت فيه قرارات المجلس المركزي الاخيرة وبالمقدمة «التعيينات القيادية» في عدة مواقع ولأشخاص معروفين بدورهم بالسلطة .. وجاء هذا الرد ليزيد الانقسام حدة ويزيد الخلافات عمقاً، ولكنه في النهاية دعا الى أمر مهم وضروري، وتمثل ذلك بضرورة قيام حوار وطني شامل لمواجهة ما يعصف بنا من خطوات الاحتلال التي تتمثل بإقامة نحو 380 وحدة استيطانية بالقدس وهدم منازل كثيرة والاعتداء على متضامنين مع قضيتنا وعصابات من المستوطنين تقتحم منازل فلسطينية تحت جنح الظلام واقتلاع أشجار بالمئات في أكثر من منطقة وبالاضافة الى كل هذا حظر بناء مساكن للفلسطينيين بذرائع مختلفة، بالاضافة طبعاً للممارسات التي لا تتوقف في كل انحاء الضفة وبالقدس والاغوار بصورة خاصة.
ووسط هذه الحالة الخطيرة لا يستمر الانقسام فقط، ولكن تتم ايضاً خطوات ومهاترات سياسية كثيرة وتبادل للاتهامات بين الاطراف المنقسمة مما يزيد الطين بلة والوضع العام تردياً، ويقف المواطنون في حالة استغراب وفقدان الثقة بكل القيادات المنقسمة هذه، والتساؤل الأساسي هو لماذا لا يتم حوار وطني حقيقي ومخلص بين كل الفئات المنقسمة هذه، ولا بد من التأكيد ان الاختلاف في وجهات النظر هو أمر طبيعي ومقبول ويجري في كل دول العالم، ولكن هذا الاختلاف يجب الا يتحول الى ما يشبه الصراع الداخلي وشرذمة المواقف بطريقة لا تخدم الا الاحتلال ومخططاته.
إن الدعوة الى حوار وطني جاد يجب الا تظل مجرد كلام بالهواء وبدون اي تنفيذ، والمطلوب القليل من الحياء السياسي والمسؤولية الوطنية والبحث عن اطار يجمع الكل الفلسطيني ليقف صفاً واحداً في مواجهة المصاعب الكبيرة والكثيرة التي تعصف بنا بكل الجدية والخطورة، وكفى انقساماً ومهاترات وركضاً وراء المصالح الفئوية والشخصية، لأن الكل بالنهاية هو الخاسر ولأن الذي يدفع الثمن هو الوطن الجريح والمستقبل الذي يبدو مظلماً … مع التأكيد على ان الصمود الوطني والتمسك بالأرض والمستقبل ستظل اموراً ثابتة وراسخة وسيدفع المتقاعسون الثمن ولن يرحمهم التاريخ ولا الشعب..!!