قادة يحفرون من صخر وقادة يغرفون من بحر

-اللحام-e1576531282602.jpg
حجم الخط

بقلم د. ناصر اللحام

 

 

 لم يعجب الغرب أبدا بالزعماء والقادة العرب . وإنما يفضلّ الغرب المسؤولين الذين يتم تعيينهم كموظفين كبار ينفذون المهام على أكمل وجه، تنفيذا حرفيا دون نقاش .
حارب الغرب محمد علي باشا (أصله من ألبانيا) صاحب فكرة الدولة العربية في 1820. وكانت نهايته نزيلا في مستشفى للأمراض العقلية . ثم حارب الغرب جمال عبد الناصر حتى مات " على ما يبدو مسموما بزيت المساج" ثم تلى ذلك تخلصهم من جميع الزعماء والقادة العرب واحدا تلو الاخر.. قتلا أو غدرا أو شنقا أو غرقا او تفجيرا. حتى وصل بالاستعمار التخلص من ياسر عرفات بالسم النووي.
الغرب لا يحب الزعماء . الغرب يبحث عن مدير تنفيذي يدير الازمات ولا يبادر الى حلّها .
يستحضرني اليوم السجال الشديد في بداية العصر الاموي بين الشاعر جرير والشاعر الفرزدق . ومن هو الأقوى بينهما .

وحين أراد الاخضل ان يعرف الإجابة ، أرسل ولده مالك ليشهد مبارزة شعرية بين جرير وبين الفرزدق. فعاد مالك لأبيه الاخضل وقال : الفرزدق يحفر من صخر ، أما جرير فيغرف من يم .

وهي كناية على سهولة نظم الشعر عند جرير وانه لا يبذل مجهودا كبيرا في القاء أعظم القصائد دون عناء وكأنا يغرف الماء من بحر واسع لديه . بينما الفرزدق يجهد كثيرا في نظم قصيدته حتى يبدو كانه يحفر في صخر .
فقال لأبيه عبارته الشهيرة :
“وجدت جريرًا يغرِف من بحر، ووجدت الفرزدق ينحت من صخر”.

وعلى ذلك قس .
في جميع المدن ، والبلديات ، وفي جميع الملفات . القادة والزعماء والسياسيين والقضائيين والمدراء والوزراء والمسؤولين ورجال الدين ، وقادة المعارضة ، ومدراء المؤسسات وقادة اللجان يجهدون كثيرا دون نتيجة ..
لماذا تبدو القرارات صعبة؟ ومن يدفع الحال الى الوراء؟ واحوالنا تزداد سوءا كل يوم؟

جميعنا نحفر من صخر !!
أين القادة الذين كنا نراهم يغرفون من يم !!!