كي لا تبقى الذاكرة الإنسانية رهنا بالإصدار الأمريكي، من المفيد العودة الى الوراء قليلا، والعالم يعيش على نغمة حرب يراها البعض الأوروبي الأخطر منذ عام 1945، أي انها تقارب حربا عالمية ثالثة، مع أسلحة تفوق كثيرا ما كانت في حينه.
وبعيدا عن "ثقافة الانحياز الأعمى"، وكي لا يقال ان البعض مع حرب روسية لكسر ظهر شوكة نظام يمثل أداة معادية وضارة للدولة الروسية، أو مع موقف أمريكي – غربي يبحث بكل السبل فرض سياج أمني عبر حلف الناتو لمنع روسيا من نهوض بدأ يطل مع وجود بوتين، خاصة وأن غورباتشوف ويلتسين منحا "هدايا تاريخية" للغرب بحل المنظومة الاشتراكية، وكذا حلف واسو، مع وعود شكلية لم تلتزم بها الدول الغربية.
الدول النافخة بمسألة الحديث عن خطر "الغزو الروسي" تتجاهل بشكل مثير الاتفاقية التي تم توقيعها عام 2014 وجددت عام 2015، وتعرف باسم "اتفاق مينسك"، حيث تراها أوكرانيا الآن خطر على وحدتها، لأنها منحت إقليمي لوغانسك ودونيتسك في منطقة دونباس حكما ذاتيا على طريق حق تقرير المصير.
وكعادتها تتجاهل أمريكا الحقيقة لتلوي عنقها، فلم تر الهروب الأوكراني برفض اتفاق موقع، وذهبت لاختلاق أوهام بطرق أخرى،
ومن أجل تنشيط "الذاكرة الإنسانية" من المفيد إعادة تنوير ما حدث في بلادنا، عندما قررت أمريكا تدمير العراق كمقدمة لنشر الفوضى والطائفية والتقسيم في البلاد العربية، وبدأت حربها رسميا في 20 مارس/آذار 2003، ونشر التحالف بقيادة الولايات المتحدة قوات قوامها 200 ألف جندي، على الرغم من عدم وجود تفويض من الأمم المتحدة وفي ظل احتجاج مئات الآلاف من الأشخاص في شتى أرجاء العالم، وبل رفض بعض دول أوربية منها فرنسا وإيطاليا.
وقبل عام من غزو العراق قام التحالف بقيادة الولايات المتحدة بحملة ترويج موسعة لتبرير التدخل، ففي يناير/كانون الثاني 2002، ذكر الرئيس الأمريكي في حينه جورج دبليو بوش، خلال كلمته في خطاب حالة الاتحاد السنوي، العراق بالاسم كجزء من "محور الشر" الذي يضم أيضا إيران وكوريا الشمالية.
فيما سارع "الذيل الأمريكي" رئيس حكومة بريطانيا في حينه طوني بلير، بتوجيه انتقادات شديدة لصدام حسين في أبريل/نيسان 2002 خلال كلمة أمام البرلمان.
ورغم أن الأمم المتحدة وغالبية أوروبية، رفضت مبررات أمريكا وهوس بريطانيا، وخاصة فرنسا ورئيسها شيراك الذي كان ضد التدخل العسكري بقوة، ما أدى الى "حالة غضب أمريكية"، وهو ما دعا إلى توجيه أوامر إلى ثلاثة مطاعم في مجلس النواب الأمريكي من أجل تغيير اسم البطاطس المقلية "الفرنسية" على قوائم الأطعمة، واستخدام اسم جديدة هو بطاطس "الحرية".
وبدأ "غزو العراق" ولا زالت بقايا خلال 20 عاما تقريبا، دون أن تكتشف أمريكا أي من آثار لأسلحة الدمار الشامل التي استخدمتها "ذريعة" للتدخل العسكري، وبدلا من "تدمير أسلحة دمار" نجحت وبالتعاون، وهنا المفارقة الكبرى، مع إيران، بتدمير العراق، وكان نتاج ذلك تصاعد العنف الطائفي في البلاد، وتشكلت ميليشيات مسلحة وفقا للطائفة، التي لا تزال تمثل عناصر تخريب النسيج الوطني.
ومن نتاج غزو أمريكا للعراق، دخول البلد فيما يشبه الحرب الأهلية مع قوات "داعش" في عام 2014.
وترك الغزو ما يقارب مقتل 500 ألف مدني عراقي خلال الفترة من 2003 إلى 2013، الى جانب الخسائر الاقتصادية والسياسية.
التذكير بغزو العراق للبعض، الذي يعتقد أن أمريكا وتحالفها تبحث عن حماية "حرية بلاد" وصيانة استقلالها، دون الغرق في تفاصيل مضافة، ليس في فلسطين القضية والأرض والشعب، بل في غالبية المنطقة العربية.
قبل الذهاب للحديث عن "غزو روسي" تذكروا الغزو الأمريكي للعراق وما أنتج، وتجاهلوا معه ما كان مخططا لاحقا في 2011 لغالبية المنطقة، لولا صحوة شعب مصر في 30 يونيو لكان المشهد سواد داكن، مع أن سوريا لا تزال تدفع ثمنا.
الحدث الأوكراني فرصة لتنشيط الذاكرة السياسية العربية، قبل الشطط السياسي نكون وقوده لصالح اكمال ما لم يكمل في 2011.
ملاحظة: "حماس وتحالفها الجديد" يرقصون فرحا بعد فوز "كاسح" بنقابة المهندسين بغزة ..فرح زفته من السلك الى السلك..مع ان المشاركين الفين واحد لا غير..طيب ما دام فرحتكم مع شلتكم كبيرة كملوا جميلكم وافتحوا باب البلديات لصندوق الانتخاب..أو هاي "حرام" لأن فيها جباية مصاري!
تنويه خاص: قاضي قضاة "بقايا السلطة" في الضفة ومستشار الرئيس عباس للفتاوي، قال انه حماس لا تمثل شيء..صراحة لولا انه كان بصوته لاعتبر هذا أكبر عمل مزور، لان الزلمة كان مسؤول منهم لسه قبل كم سنة..يعني حماس كريهة آه بس لا تمثل شيء كبيرة يا مو..؟!