يستعدّ سلاح الجوّي الإسرائيلي حالياً لتحصين إسرائيل من الصواريخ المختلفة التي تملكها المنظمات والدول التي في حالة حرب معها، شأن إيران وحركة "حماس" وحزب الله اللبناني، وذلك عبر إحاطة دولة الاحتلال بغلاف دفاعي مكون حالياً من ثلاث طبقات، تشكّل فيها منظومة القبة الحديدية الطبقة الدنيا، باعتبارها مخصصة لاعتراض الصواريخ والقذائف قصيرة المدى.
وتحتل منظومة "حيتس 3" الطبقة العليا باعتبارها قادرة، وفق الزعم الإسرائيلي، على اعتراض الصواريخ الباليستية الموجّهة من مسافات آلاف الكيلومترات، وهي لا تزال خارج الغلاف الجوي وقبل اختراقه. وتتوقع إسرائيل البدء بتفعيل هذه المنظومة بصورة عملياتية بعد خمس سنوات. فيما تعمل منظومة "حيتس 2" على اعتراض الصواريخ الموجهة داخل الغلاف الجوي ضمن الطبقة العليا.
أما الطبقة الوسطى في حماية الغلاف الجوي الإسرائيلي فهي تعتمد حالياً على منظومة "العصا السحرية". وتتوقع إسرائيل البدء بتفعيل الأخيرة بشكل عملياتي في الربع الأول من عام 2016. وبحسب قائد الدفاعات الجوية في جيش الاحتلال الإسرائيلي الجنرال تسفيكا حيموفيتش، فإن هذه المنظومة هي القادرة على اعتراض الصواريخ متوسطة المدى التي تراوح ما بين 40-250 كيلومتراً، المتوفرة اليوم لدى سورية وحزب الله و"حماس".
وتولي إسرائيل أهمية كبرى لبدء تفعيل هذه المنظومة، نسبة إلى توقعاتها التي تشير إلى أن العمق الإسرائيلي (أو الجبهة الداخلية بحسب التسمية الإسرائيلية) يشكّل محور المواجهة المقبلة، وخصوصاً إذا كانت مع حزب الله.
وبحسب دراسة أجراها حيموفيتش، فإن إدراج ودمج منظومة "العصا السحرية" "هو الحل الوحيد لمواجهة التهديدات الصاروخية التي يمثلها حزب الله، وأيضاً الصواريخ بعيدة المدى العابرة للقارات".
ونقل موقع "والاه" الإسرائيلي أنّ الدراسة المذكورة تعتمد بداية على تحليل نمط الحرب المقبلة، استناداً إلى أول صواريخ "سكود" أطلقها العراق في حرب الخليج باتجاه تل أبيب، واستهدفت العمق الإسرائيلي، ثم تحول إسرائيل كلها إلى منطقة جغرافية واحدة في وقت لاحق، وهو ما أثبتته حركة "حماس" في العدوان الأخير على غزة عندما وصلت صواريخها إلى القدس وتل أبيب ورعنانا وبئر السبع.
ويرى حيموفيتش أن حزب الله كان أول من استخلص العبر من استخدام إسرائيل منظومة "القبة الحديدية" لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى، وأدرك أنه بحاجة إلى استراتيجية جديدة، تعتمد على قدراته التي طورها في البناء والتزود بصواريخ بعيدة المدى، واعتبار إسرائيل رقعة واحدة يمكنه ضربها. وفي هذا الإطار، تكون إسرائيل في مرمى حزب الله في ظل قدراته الجديدة، ابتداءً من بئر السبع، وتنتهي في حيفا.
وبناء عليه، فإن الاستراتيجية الجديدة لحزب الله أو إيران في حالة مواجهة مقبلة مع إسرائيل، ستعتمد على توسيع مدى الضربات الصاروخية، وزيادة حجم الدمار الذي يمكن لها أن تخلفه في العمق الإسرائيلي وزيادة حجم الإصابات في صفوف الإسرائيليين والمنشآت المدنية بما فيها تلك ذات الأهمية الاستراتيجية. ولتحقيق ذلك، يقول حيموفيتش في دراسته التي نشرها في مجلة أبحاث الجيش "معرخوت"، يلجأ حزب الله وإيران، ليس فقط إلى زيادة عدد وحجم ترسانته الصاروخية وإنما أيضاً إلى إخفاء مواقع الإطلاق ونشرها في الأحياء السكنية المدنية كي يصعب تعقبها واستهدافها.
تفرض هذه التطورات، بحسب حيموفيتش، على إسرائيل تغييراً في أهداف مهام "الدفاعات الجوية" لتصبح أولاً الدفاع عن الجيش نفسه (بمعنى قواعده العسكرية وثكناته المختلفة) ثم الانتقال إلى عنصر الدفاع الثلاثي الذي تقوم عليه عقيدة الدفاع الإسرائيلية وهي (الردع التحذير والحسم).
وفي هذا السياق، ينقل الموقع عن ضابط رفيع المستوى في سلاح الجو الإسرائيلي قوله إن عنصر الدفاع بات اليوم يختلف في طبيعته ومهامه المطلوبة منه، إذ إن تقليص عدد الإصابات في العمق الإسرائيلي بات شرطاً أساسياً لتمكين القدرة على الهجوم والردّ.
وعلى الرغم من "الامتيازات" التي تنسبها إسرائيل لمنظومة "العصا السحرية"، غير أن الضابط رفيع المستوى في سلاح الجو، يؤكد لموقع "والاه"، أنه في حال "توفرت للطرف الآخر كمية كبيرة من الصواريخ، تفوق قدرتنا على اعتراضها وإسقاطها، عندها لن نتمكن من إسقاطها جميعاً، ولن نسعى لذلك، لأن المهم في المرحلة المقبلة عند المواجهة هو ترشيد عمليات واستراتيجيات اعتراض الصواريخ".
وفي هذا السياق، يلفت حيموفيتش إلى أن الوضع الجديد سيحتم بناء وتأسيس منظومة قيادة موحدة لاعتراض الصواريخ، على اختلاف أنواعها وحجمها ومداها، وعدم ترك الأسلوب الذي كان متبعاً لغاية الآن، والذي يقوم على تمتع قيادة كل منظومة اعتراض صواريخ، باستقلالية في الرصد والعمل لمواجهة الصواريخ المطلقة باتجاه إسرائيل. ويقترح بدلاً من ذلك قيادة موحدة ترصد وترسم صورة كاملة لمجمل الهجمات الصاروخية، والرد عليها وفق قرار موحد، مما يوفر وقتاً ثميناً مطلوباً لاعتراض الصواريخ، وتفعيل الطبقات الدفاعية الثلاث بشكل أكثر فاعلية وبدرجة نجاح أكبر.