وظفت هيلاري كلينتون وغيرها من المرشحين الديمقراطيين الطامحين لخوض سباق الانتخابات الرئاسية دونالد ترامب "كبعبع سياسي"، أول من أمس، لتسليط الضوء على دعواتهم إلى هزيمة الجهاديين المتطرفين من دون استخدام لغة التعصب والتهديد التي انتهجها منافسهم الجمهوري. وشددت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كلينتون، والسناتور بيرني ساندرز وحاكم ولاية مريلاند السابق مارتن أومالي خلال مناظرة في نيوهامشر على الحاجة إلى تعزيز الأمن القومي، ورفع الحد الأدنى للأجور وحماية حقوق المرأة والأقليات والمحرومين.
لكن جرت مناقشات حادة حول الاقتصاد والسلاح ومواجهة التهديد الإرهابي، وحيال دور الولايات المتحدة في الخارج. وقبل ستة أسابيع فقط من بدء الانتخابات التمهيدية في السباق الرئاسي في 1 شباط في ولاية أيوا، بدأ الوقت ينفد من ساندرز وأومالي للحاق بوزيرة الخارجية السابقة التي تسبق ساندرز بـ25 نقطة وفقاً لاستطلاع على الصعيد الوطني أجراه موقع «رييل كلير بوليتيكس» الإلكتروني. أما أومالي، فما زال بعيدا بشكل كبير. وهذه المناظرة هي الثالثة للديمقراطيين في إطار الانتخابات التمهيدية، والأخيرة للعام 2015، كما أنها الأولى بعد الاعتداء الذي نفذه زوجان متطرفان في سان برناردينو في كاليفورنيا وأسفر عن مقتل 14 شخصاً. لكن المرشحين ركزوا أيضاً على استهداف ترامب الطامح للفوز بترشيح الحزب الجمهوري، إذ صبوا غضبهم على عملية إشاعة الخوف جراء التعليقات الأخيرة المثيرة للجدل التي أطلقها ترامب حيال المهاجرين، وخصوصا دعوته لمنع دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة. وقالت كلينتون: إن الأميركيين «في حاجة إلى التأكد من أن لا تلاقي الرسائل التي يبعثها ترامب إلى جميع العالم آذانا صاغية». وأضافت: «لقد أصبح أفضل مجند لدى تنظيم الدولة الإسلامية»، مشيرة إلى أن الجهاديين «يبثون مقاطع فيديو لدونالد ترامب وهو يهين الإسلام والمسلمين، بهدف تجنيد عدد أكبر من الجهاديين المتطرفين». بدوره، حذر أومالي بشدة من «الخطر السياسي» الذي يمارسه ترامب وغيره من «القادة عديمي الضمير الذين يحاولون جعلنا نتواجه في ما بيننا». وأضاف: إن البلاد سترقى إلى مستوى مواجهة متطرفي تنظيم الدولة الإسلامية، ولكن فقط إذا لم يتخل الأميركيون أبدا عن قيمهم أمام «الدعوات الفاشية لأصحاب المليارات من ذوي الأفواه الكبيرة. نحن بلد أفضل من ذلك». وتزايدت شعبية ترامب في الأسابيع الأخيرة في أعقاب تصريحاته الأكثر إثارة للجدل ويتصدر استطلاعات الرأي الوطنية بين المرشحين الجمهوريين، واضعاً جيب بوش في مأزق.
وفيما توحد الديمقراطيون ضد ترامب، تواجه ساندرز مع كلينتون حول كيفية مواجهة التطرف، رافضا دعوتها إلى فرض منطقة حظر جوي فوق سورية والتركيز على إطاحة الرئيس بشار الأسد. ولكن ساندرز، الذي يرتاح أكثر في الحديث عن التمييز الاقتصادي وسوء الإدارة المالية، وهي المواضيع الأساسية في حملته الانتخابية، بدا متشككا. وقال: إنه «لا يمكن للولايات المتحدة أن تنجح في الوقت نفسه بمحاربة الأسد وتنظيم الدولة الإسلامية»، معتبرا أن التنظيم «هو الأولوية الرئيسية في الوقت الحالي. دعونا نخلص من الأسد في وقت لاحق». أومالي من جهته أعاد التذكير بكيفية نشوء الفوضى بعد سقوط أنظمة بدعم من الولايات المتحدة، وأشار إلى ليبيا في العام 2011، عندما كانت كلينتون وزيرة للخارجية ودعمت إطاحة معمر القذافي، فقط لترى البلاد تنزلق إلى الفوضى، حيث هناك مساحات واسعة من الأراضي الآن قابلة لأن تصبح ملاذات آمنة للجهاديين. وأضاف: «ربما نحن نترك شهوة إسقاط النظام تتفوق على الاعتبارات العملية بتحقيق الاستقرار في تلك المنطقة».
وأعاد ساندرز إلى الأذهان عملية تصويت كلينتون في مجلس الشيوخ العام 2002 لتفويض الرئيس الأميركي حينها جورج بوش باستخدام القوة العسكرية في العراق. لكن كلينتون أصرت أنها لم تكن مستعدة لإرسال قوات برية أميركية إلى سورية والعراق، قائلة إنها كانت تملك استراتيجية «لمحارية وهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية من دون أن نتورط في حرب برية أخرى». وكشف هذا النقاش عن فضيحة بين حملتي كلينتون وساندرز في إطار خرق واضح للبيانات، إذ يبدو أن أحد موظفي ساندرز استفاد من خلل في الكمبيوتر لإلقاء نظرة خاطفة على معلومات عن عملية تصويت كلينتون. لكن ساندرز اعتذر لكلينتون السبت خلال المناظرة، قائلاً: إن «ليس هذا نوع الحملة التي نديرها»، وتم حل المسألة سريعاً.