طالب نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، فهد سليمان، بإبقاء باب الحوار الوطني الشامل مفتوحًا، باعتباره الوسيلة الوحيدة للوصول إلى التوافقات الوطنية التي من شأنها أن تنهي الانقسام، وأن تستعيد الوحدة الداخلية على أسس كفاحية توفر العناصر الضرورية لإطلاق أوسع مقاومة شعبية شاملة على طريق العصيان الوطني، ودحر الاحتلال وطرد المستوطنين وعصاباتهم الفاشية.
وقال سليمان، خلال في المهرجان المركزي الذي أقامته الجبهة الديمقراطية في دمشق في الذكرى الـ 53 لانطلاقتها: إنّ "المشهد الفلسطيني اليوم يضج بالحيوية والإبداع والحياة، لكنه مشهد متناقض المعالم، مشهد يفتقد إلى الاتساق".
وأضاف: إنّ "وحدة الشعب في الميدان، يتعاكس معها انقسام القوى الفاعلة في السياسة، وتسجيل نقاط على العدو في المواجهة، كما في معركة القدس قبل شهور، يبدد مكاسبها ضعف في القدرة على الترصيد السياسي لهذه المكاسب".
وتابع: إنّ "التوافق على أهداف النضال بين مختلف مكونات الحالة الوطنية، يقابله خلاف على السبل المفضية إلى تحقيق هذه الأهداف".
وأوضح سليمان، أنّ السبب في كل هذا، يعود إلى إنقسام مؤسسي، يستقوي بالجغرافيا ويتغطى بالسياسة، خلاف لم تشهده الحركة الوطنية المعاصرة بهذا العمق، في أي من محطاتها الخلافية السابقة، التي لم تكن قليلة على أية حال.
ولاحظ، أنّ الإعتبارات التي ينحكم لها هذا الإنقسام فهي ناجمة عن تلاقي عامل الإصطفاف على محاور التجاذب الإقليمي، مع مصالح وامتيازات مادية واعتبارية نمت على ضفاف سلطتين للحكم الذاتي، الأولى تحت الإحتلال المباشر، والثانية تحت الإحتلال، إنما بأسلوب الحصار والعدوان الدوري المتجدد.
وأشار إلى أنّ الجبهة الديمقراطية، حاولت من خلال المبادرة السياسية التي أطلقتها مؤخرًا أن تجسر الخلاف القائم بين طرفي السلطة باعتماد آلية تقوم على التزامن بين إنعقاد مجلس مركزي يضم الكل الفلسطيني تنبثق عن أعماله لجنة تنفيذية جامعة، وبين تشكيل حكومة وحدة وطنية تنجز توحيد وزارات وإدارات السلطة في كل من الضفة والقطاع.
غير أن هذه المبادرة التي لقيت ترحيبًا من أوساط واسعة، لم تشق طريقها في الواقع العملي لافتقادها لقوى منظمة حاملة لها، تتمتع بالقدر المطلوب من الزخم اللازم لاختراق خطوط الإنقسام، واقعاً وثقافة.
ومع ذلك، فإنّ الجبهة الديمقراطية مازالت تعتبر أن هذه المبادرة تشكل قاعدة صالحة لإطلاق آليات مجدية لإعادة بناء الوحدة الداخلية، لأنها تشكل – وحتى إشعار آخر - الطريق الأقصر لإدراك التوافق على استحقاق الانتخابات العامة.
وأكّد سليمان، أنّه إذا كان تجاوز الإنقسام هو الاستحقاق الأول الذي تواجهه الحركة الفلسطينية، فإن الاستحقاق الثاني يتمثل بتوفير شرط الانتقال من المقاومة المشتتة التي لا يَنْظُمها خط عمل واحد ومرجعية موحدة، إلى مقاومة متواصلة، منهجية ومنظمة، أي مقاومة شاملة بمثال ما شهدناه إبَّان معركة القدس بمختلف فصولها، والتي غطت بأعمالها الوطن بجناحيه في الـ 48 والـ 67، فضلاً عن الشتات، واعتمدت أشكالاً متعددة من المواجهة راعت خصوصية الظرف السائد في كل مكان، فتكاملت فيها بينها في مجرى النضال الموحد.
وبيّن أنّ الاستجابة لاستحقاق المقاومة الشاملة، تتطلب إستعادة ما تم التوافق عليه في اجتماع الأمناء العامين في 3/9/2020 الذي قرر إقامة قيادة وطنية موحدة تؤطر ببرنامجها ومحطاتها الوسيطة المقاومة الشعبية الشاملة على طريق العصيان الوطني العام في مواجهة الاحتلال.
وتناول سليمان، قرارات الدورة الأخيرة للمجلس المركزي، بقوله: إنّ "قرارات الدورة الأخيرة للمجلس المركزي، باستعادتها لقرارات المجلسين الوطني والمركزي المكررة منذ العام 2015، فيما يتعلق بالقطع مع أوسلو وغيرها من الأمور، سوف تنال من سمعة ومصداقية مركز القرار الرسمي، وستوسع فجوة تدني الثقة الذي تعزله عن المزاج الشعبي العام، إذا ما لقيت نفس مصير قرارات الدورات السابقة، التي بدلاً من أن تجد طريقها إلى التنفيذ، جرى توظيفها فيما لا يجدي نفعاً من خلال التلويح بها – دونما نتيجة – في محاولة لمقايضتها ببعض ما تصور مركز القرار الرسمي أنها تشكل مكاسب سياسية".
وأردف: إنّ "الإدارة الأمريكية، ومعها الحكومة الإسرائيلية، ليست بوارد إطلاق أي عملية سياسية ذات مغزى. إن العرض الوحيد المتاح للتسوية السياسية هو الحل الإقتصادي بتنويعاته. هكذا كان الحال قبل الأزمة الأوكرانية، وهذا ما سوف يتأكد أكثر فأكثر بعد انفجارها حربًا داخلية تُنذر بما بعدها من تداعيات، من بينها – وفيما يخصنا – المزيد من تراجع إهتمام واشنطن بملف التسوية السياسية، ناهيك عن إستمرار غياب دور الرباعية الدولية، التي طالما سعت القيادة الفلسطينية الرسمية ومازالت تسعى لإعادة تفعيل دورها".
ولفت سليمان، إلى أنّ الجبهة الديمقراطية، من موقعها المشارك في مؤسسات م.ت.ف وهيئاتها من أعلاها إلى أدناها، فإنًها تجد موقعها أيضًا وبالأساس وسط حركة المقاومة الشاملة للإحتلال والاستيطان، كما وفي صفوف الحركة الجماهيرية الواسعة الضاغطة من أجل تنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي التي تساوي الطلاق مع أوسلو.
وحضر المهرجان حشد واسع من قادة العمل الوطني الفلسطيني، وممثلي الأحزاب السورية والعربية في دمشق، والسلك الدبلوماسي والإتحادات والفعاليات الشعبية والإجتماعية.