هل اقتربت نهاية رئيس دولة إسرائيل؟

9999460072
حجم الخط

   

بعد أن تمكَّن سياسيو اليمين في إسرائيل من هزيمة اليساريين الإسرائيليين قبل أكثر من عقد من الزمن، فُتِح البابُ أمامهم لتطهير ما بقي من آثار اليسار!

بالفعل جرى تشييع جثمان اليسار الإسرائيلي، بعد أن لبست إسرائيل الزي الحاخامي الحريدي المتطرف، وخلعتْ الياقات الزرقاء للكادحين اليساريين!

قال الكاتب، دانئيل بن سيمون في صحيفة هارتس قبل أكثر من ثماني سنوات 13/7/2007م:

 "إن هذا العام هو عامٌ سيء لليسار، فقد تلاشى حزبُ العمل، وأصبح خادما لكاديما، وتبخّرتْ حركة ميرتس، وتحولت إسرائيل في عقدها السادس إلى دولة رأسمالية، وأصبح من العسير على المتابعين التمييزُ بين الليكود وحزب العمل !!"

هل كان اليسارُ في إسرائيل ديكورا تجميليا للأصولية اليهودية، أم أنه كان عربة النقل للحريدية الأرثوذكسية؟!

وهل كان اليسار الإسرائيلي جزءا من حركة اليسار العالمية، والتي تشهد هي الأخرى ضائقة، بفعل تغلغل التطرف في معظم المجتمعات العالمية، وضمور الأيدلوجيات الفكرية النهضوية؟

أم أن كل حركات اليسار في العالم صارت عقبة في وجه النظام العولمي الجديد، لأن تيارات اليسار كانتْ تعتمدُ التثقيفَ والفعلَ الثوري المناصر للكادحين، والمظلومين، والفقراء، وهذا يعارض توجُّهَ العولمة، التي لا ترى في البشرية سوى قطيعٍ، تُسوِّقُ له الغذاءَ والدواء؟

                                 عندما ظهر تيارُ المؤرخين الجُدد في إسرائيل، في بداية ألفيتنا الثالثة، قام مفكرو هذا التيار بنقض كل المبادئ الزائفة لإسرائيل، من واقع أرشيفاتها، وهذا أضاء اللون الأحمر، لأنه يعرض أركان إسرائيل للخطر، ويكشف زيف دعواها؛ أنها واحة الديمقراطية، في صحراء الديكتاتورية العربية!

وأبرز كتاب تيار المؤرخين الجدد، ممن طالتهم مؤامرة التجريح، والتشويه، والإقصاء:

توم سيغف، آفي شلايم، إيلان بابيه، سمحا فلابان، إبراهام بورغ، زئيف هرتسوغ، ويوري أفنيري، وغيرهم من الأساتذة اليهود في الجامعات الأوروبية والأمريكية، وعلى رأسهم، نوعام تشومسكي وآخرون.

 لم تمضِ سوى سنواتٍ قليلة على ظهور هذا التيار، حتى شرع سياسيو اليمين المكارثيون، ومأجورو الكتابة، على شاكلة، بني موريس؛ بمطاردة تيار المؤرخين الجدد، وإقصائهم عن جامعاتهم، وإجبارهم على الهجرة من إسرائيل، وحوَّلهم رجالُ الأمن في إسرائيل إلى ( خونة ينطقون اللغة العبرية)!!

لم يبق في إسرائيل اليوم سوى بعض ظلال اليسار، ممثلا في بعض منظمات حقوق الإنسان، والجمعيات التي تهدف إلى إبراز الوجه الآخر لإسرائيل، الوجه الاحتلالي، مثل حركة السلام الآن، وجمعية بيت سيلم، وبعض جمعيات الحقوق، كزوخروت، ونيوبروفايل وغيرها، مع بقايا أشلاء كتلة ميرتس، التي توشك على الانقراض!!

منذ أيام اشتعل الصراعُ في إسرائيل على جمعيةٍ، تُنسبُ إلى بقايا اليسار، وهي جمعية (جنود يكسرون الصمت)، وهي من مخلفات تيار المؤرخين الجدد، نشأت على أنقاضهم في أوائل ألفيتنا الراهنة، وهذه المنظمة مكونةٌ من جنود وضباط الجيش الإسرائيلي، ممن قرروا أن يخرجوا من حالة الصمت، ليكشفوا الحقيقة. حقيقة التضليل، لينقضوا نظرية (جيش إسرائيل، من أكثر جيوش العالم أخلاقا) فهو طاهر السلاح!!!

إليكم مبادئ هذه الحركة من أرشيفها:

"(جنود يكسرون الصمت) ترصد انتهاكات الجنود الإسرائيليين، في حق المواطنين الفلسطينيين، وتكشف طريقة تعذيبهم، وسرقتهم، وتكسير ممتلكاتهم، وهذه الممارسات أصبحت شائعة خلال السنوات الماضية، وحكومة إسرائيل تغضُّ الطرف عن هذه الممارسات، وتنكر حدوثها.

وعندما يعود المجندون إلى حياتهم المدنية، فإنهم يُضطرون إلى تجاهل ما رأوه، وما فعلوه، وجمعيتنا، تهدف لإسماع صوتهم المكتوم، فنحن نجمع الشهادات، من الجنود الذين عملوا في الضفة، وغزة، والقدس، من شهر سبتمبر 2000، وننظم المحاضرات، والاجتماعات لتوضيح الحقائق للمجتمع الإسرائيلي.

وقد أسسنا في مارس 2004 مجموعة من الجنود العاملين في الخليل، وجمعنا شهادات من أكثر من ألف جندي، يعملون في مختلف قطاعات الجيش الإسرائيلي، ومعظمهم فضلوا عدم ذكر أسمائهم" انتهى الاقتباس.

إكمالا للقصة، فإن صحيفة هارتس عقدت في نيويورك مؤتمرا لمناقشة قضايا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، يوم 10/12/2015 وكان ضمن البرنامج مُداخلة لمنظمة(جنود يكسرون الصمت) وحضر اللقاءَ نفسه، رئيس دولة إسرائيل، المتواجد في نيويورك، رؤوفين رفلين.

 كيف يحضر، رئيس إسرائيل مؤتمرا يساريا لصحيفة هارتس المتهمة بالعداء لإسرائيل، ومعها جمعية( جنود يكسرون الصمت) الجمعية المُطاردة من قبل أنصار اليمين في إسرائيل؟!!

اعتبر سياسيو إسرائيل المتطرفون، حضور رئيس الدولة خروجا عن قطيع السياسة الرسمية اليمينية، فانبرتْ له ألسنةُ التحريض المكارثية، وكان شعارها الرئيس:

كيف يسمح لنفسه أن يتواجد من منظمة(جنود يكسرون الصمت) وهو في منصب رئيس الدولة، كان ينبغي عليه أن يعتذر، فهو يسيء إلى الجيش الإسرائيلي، باعتباره الهيكل الثالث؟!!

وكان للتحريض مقدماتٌ سابقة، منها، أنه شارك أهالي كفر قاسم، وهم يخلدون ذكرى المجزرة الإسرائيلية ضد أهلهم، مجزرة عام 1956 ، قبل ثلاث سنوات، يومها ألقى رؤوفين رفلين خطابا، اعتذر فيه للفلسطينيين باسم إسرائيل عن جريمة المجزرة، فقام المتطرفون الإسرائيليون بإلباس صورته في مواقع التواصل الاجتماعي العقالّ الفلسطيني، ثم ألبسوه ملابس هتلر، وكذلك فعلوا، عندما التقى الرئيس أوباما في أول ديسمبر 2015 لأنه نشر مقالا قال فيه:" إن هناك تمييزا وظلما وإهمالا واقعا على الفلسطينيين في القدس"

وشرع المحرضون في كتابة التعليقات التالية، كما نشرتها صحيفة يديعوت أحرونوت، 18/12/2015:

-         يجب حرق كل اليساريين حتى الموت.

-         رؤوفين رفلين أحد كبار الخونة من منظمة جنود يكسرون الصمت.

-         لأنه يهودي، يحرم قتله شرعا، ولكن ليُمحّ اسمُه عن وجه البسيطة.

-         هذا الرئيس العاهر من أخطر النكبات على الدولة اليهودية.

-         يجب التفكير في آليات طرده من منصبه.

سؤال أخير: هل استفاد الفلسطينيون من ملفات جمعية(جنود يكسرون الصمت)؟

وهل استفادوا، قبل ذلك من تيار المؤرخين الجدد، غير عقد الندوات، وإلقاء الخطابات والمداخلات، وتوزيع المطبوعات بلغتنا على أهلنا؟!!

كلي أمل أن يكون الرسميون والمتابعون الفلسطينيون، يعرفون هذه الجمعية، مطَّلعين على أنشطتها!!!