السؤال الكبير الذي أشغل بال اسرائيل، أول من أمس، بعد تصفية سمير قنطار وبضعة نشطاء آخرين في تنظيم «ارهابي» هو هل “حزب الله” سيرد، واذا كان نعم، فكيف وفي أية جبهة؟
الجواب عن هذا السؤال ليس منوطا فقط بالمنظمة الشيعية اللبنانية بل أساسا بأسيادها في طهران.
مساء أول من أمس أعطى “حزب الله” الجواب باطلاق ثلاثة صواريخ من لبنان الى الجليل، وقد سقطت في اراض مفتوحه، ولم تسفر عن اضرار.
مطلقو الصواريخ من المنظمة يعرفون كيف يصوبون بشكل أفضل. ما يدل على أنه لعل “حزب الله” لم يرغب في ايقاع اصابات.
أما الجيش الاسرائيلي من جهته فرد بنار مدفعية، وقضى بأن الجيش اللبناني مسؤول عن السيادة في دولته.
وكانت نار الجيش الاسرائيلي مدروسة، وهي تشير الى أنه لا توجد في اسرائيل رغبة في تصعيد الازمة. ومع ذلك، فان الوضع لا يزال سائلا ويمكن أن يخرج عن السيطرة.
وكان الامين العام لـ”حزب الله”، حسن نصرالله، أوضح في الماضي بأنه سيرد على كل محاولة من اسرائيل للمس بمنظمته أو برجاله.
هكذا كان بعد تصفية جهاد مغنية، هكذا كان في الهجوم المنسوب لسلاح الجو في هضبة الجولان في كانون الثاني من هذا العام، عندما نصب “حزب الله” ردا على ذلك كمينا في منطقة هار دوف، واصاب مركبات للجيش الاسرائيلي، وقتل اثنين من جنوده – وهكذا كان أول من أمس.
كان “حزب الله” يميل ايضا للرد عندما كانت تتعرض للهجوم، بهجمات تنسب لسلاح الجو، ارساليات سلاح معدة له. ولكن المنظمة عرفت ايضا كيف تتجلد غير مرة على اعمال نفذتها اسرائيل، أو اتهم “حزب الله” اسرائيل بتنفيذها.
هذه المرة أعلن “حزب الله” بأن اسرائيل مسؤولة عن اغتيال قنطار رغم أن اسرائيل تواصل سكوتها الصاخب مثلما تفعل منذ بدأت الحرب الاهلية في سورية.
التقدير هو أنه حتى اذا قرر نصرالله وقائد قوة القدس الايراني، الجنرال قاسم سليماني (المسؤول عن تفعيل “حزب الله”) بأنهم لا يمكنهم أن يمروا مرور الكرام على التصفية، فليس لهم مصلحة في الرد بعملية عسكرية واسعة على حدود اسرائيل – لبنان، وذلك لأن الواضح هو أن في هذه الحالة سترد اسرائيل بقوة.
قتل في الهجوم، اضافة الى قنطار، فرحان شعلان ايضا، شريكه في التنظيم «الارهابي» وقادة ميدانيون آخرون. وقد أقام الرجلان في السنتين الاخيرتين تنظيما جبهويا يدعى «المقاومة الوطنية السورية في الجولان» باسناد “حزب الله”، قوة القدس، ومخابرات الرئيس الاسد، وجندوا اليه، أو حاولوا أن يجندوا، في الغالب بلا نجاح، دروزاً من الجولان، فلسطينيين يعيشون في سورية، وسوريين موالين للنظام، اذا كانت صحيحة المنشورات الاجنبية.
وكان الهدف من اقامة البنى التحتية «الارهابية» في الجولان السوري أن تشكل ذراع الردع والثأر على الهجمات المنسوبة لسلاح الجو الاسرائيلي ضد نقل السلاح من سورية إلى “حزب الله”. بهذه الطريقة سعى “حزب الله” وإيران إلى العمل بشكل مشابه لعمل اسرائيل – على الارض السورية ودون خرق الهدوء في لبنان.
كما أن هذه البنية التحتية «الارهابية» تستهدف السماح بفتح جبهة ثانية ضد اسرائيل في حالة اشتعال الحدود في لبنان ومساعدة “حزب الله” على تفعيل «الارهاب» ضد اسرائيل دون ترك بصمات.
اذا كانت صحيحة المنشورات الاجنبية فالاغتيال ليل السبت يشير إلى إنجاز استخباري لاسرائيل. فليس سهلا تلقي معلومات في زمن حقيقي عن اجتماع نشطاء «إرهاب» يعرفون بأنهم مطلوبون ويشكلون لاسرائيل هدفا للاغتيال، في شقة اختباء.
لا تقل تشويقا مسألة تنشأ عن تقارير في وسائل اعلام عربية فيما اذا كانت الصواريخ اطلقت من طائرات حامت على مقربة من الحدود، داخل الاراضي الاسرائيلية، أم أنها تسللت الى المجال الجوي السوري.
اذا كان هذا جرى من داخل اراضي اسرائيل، فالامر يدل على أنهم في القدس قرروا الا يخاطروا في مواجهة مع روسيا، أو الامتناع عن الخطر الذي تشكله منظومة الدفاع الجوية والاستخباراتية خاصتها، والمنتشرة في سورية، عند اكتشافها للعملية.
بالمقابل، اذا كانت طائرات سلاح الجو تسللت إلى سورية، فان الامر يشهد على أن التعاون مع الروس أوسع بكثير وأعمق بكثير مما يبدي الطرفان الاستعداد للاعتراف به.
يجدر التشديد على انه رغم ماضي قنطار «الارهابي» وضلوعه في قتل داني هرن وابنته عينات وقتل الشرطي يورام شاحر على شاطئ نهاريا في العام 1979، فان الاعتبارات التي كانت امام من نفذ العملية هي أساسا دوره وتواجده في السنة الاخيرة، في محاولات تنظيم أعمال «الارهاب». بكلمات اخرى، أغلب الظن سبب تصفيته ليس اعماله الماضية النكراء، بل خطره في الحاضر واحتمالاته المستقبلية الكامنة لمواصلة محاولات تنفيذ عمليات «إرهابية» ضد اسرائيل.
عن «معاريف»