هارتس : زيارة موسكو: بينيت يقامر بالعلاقات الإسرائيلية - الأميركية

عاموس-هرئيل.jpg
حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل

 

 


استلّ رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، أول من أمس، حيلة من النوع الذي كان محبباً لدى سلفه، وفاجأ الجميع بالسفر الخاطف، السبت الماضي، الى موسكو. بعد بضعة أيام من انضمام إسرائيل في الأمم المتحدة إلى قرار إدانة الحرب الروسية في اوكرانيا أصبح بينيت الزعيم الغربي الأول الذي يتم استقباله لاجراء محادثة مع الرئيس الروسي، فلادمير بوتين، في الكرملن منذ الغزو. على فرض أن مكتب بينيت دقيق في تصريحاته، وأن هذه الخطوة تم تنسيقها مسبقاً مع الادارة الأميركية، فإن رئيس الحكومة يكون قد راكم لنفسه نقاطاً معينة في الساحة الدولية، وتسبب بضائقة نفسية شديدة في أحد المنازل في قيصاريا. في المقابل، إذا تبين فيما بعد أنه توجد للأميركيين تحفظات (إسرائيل فسرت الضوء الأصفر المؤدب من قبلهم بأنه ضوء اخضر قوي) فستتضرر حقا علاقاتنا معهم.
بثّ بينيت خلال الاسبوع الماضي رغبة شديدة في التدخل في الأزمة والتوسط بين الدولتين المتحاربتين. المكالمات الهاتفية المنفصلة التي اجراها مع بوتين ومع رئيس اوكرانيا، زلنسكي، قوبلت بانتقاد من جانب المعارضة بذريعة أن بينيت زج نفسه في نزاع ليس له.
ما الذي يمكن لإسرائيل أن تحققه في المكان الذي فشلت فيه فرنسا والمانيا والولايات المتحدة؟ مع ذلك صمّم بينيت وتلقى دعوة للذهاب الى موسكو.
تعكس هذه الزيارة رهاناً غير بسيط. ولكنه ليس غير نموذجي لروح الريادة لدى بينيت. في نهاية المطاف فإن اوروبا تدهورت في الأيام العشرة الاخيرة إلى الواقع الأقسى منذ انتهاء الحرب الباردة. نجاح الوساطة، مهما كان صغيراً، سيسجل لصالحه. أيضا يوجد لإسرائيل مصالح كثيرة تتأثر بشكل مباشر أو غير مباشر بالحرب، مثل انقاذ يهود من اوكرانيا ومساعدة يهود في روسيا، ربما يريدون الهجرة الى البلاد، وموقف روسيا من المفاوضات النووية مع إيران، ورغبة إسرائيل في مواصلة التمتع بحرية المهاجمة في سورية، التي ترتبط ايضا بمقاربة بوتين.
جميع هذه الاعتبارات مهمة، لكن لا يوجد فيها ما من شأنه أن يبرر حدوث توتر محتمل مع الأميركيين. في واشنطن تراكم في الأسبوع الماضي عدم رضى معين من الرد البطيء والمتعرج لإسرائيل على العدوان الروسي في أوكرانيا. بينيت يجب عليه تنسيق جميع خطواته مع الرئيس الأميركي؛ لأن الاعتماد الاستراتيجي والأمني لإسرائيل على أميركا مطلق، وطوال الوقت هو أهم من أي مبادرة حسن نية أو تنازل يمكن انتزاعه من الروس. من الجدير انتظار رد رسمي ومفصل من البيت الابيض والانتباه إذا لم تكن هناك تحفظات بسيطة من خطوة إسرائيل هذه.
بعد موسكو سافر بينيت الى برلين من أجل الالتقاء مع المستشار الألماني، أولف شولتس، الذي كان ضيفه في القدس فقط الأسبوع الماضي. السفر الى المانيا يمكن أن يدل على ما يشغل بوتين حتى في ذروة الحرب، وهو استئناف مشروع أنبوب الغاز من روسيا الى ألمانيا، نورد ستريم 2، الذي جمدته المانيا عقاباً فورياً ضده في أعقاب غزو اوكرانيا. تحتاج اوروبا جداً الى غاز روسيا، ويعتمد الاقتصاد الروسي على استمرار تصدير الغاز. في الخلفية تقف التطورات على الأرض. ففي وسائل الاعلام الغربية يعولون على شجاعة الاوكرانيين، ويحصون بحماس العقبات الكثيرة التي يواجهها الروس. وحتى الآن يميل معظم الخبراء العسكريين في إسرائيل وفي الخارج الى التقدير بأن الفرق في القوة بين الطرفين كبير جدا. بدون أي مساعدة عسكرية مباشرة من الغرب، واذا فشلت جميع الجهود الدبلوماسية، فمن المرجح أن نهاية المقاومة ستكون كما يبدو انهياراً تحت الضغط العسكري الروسي.
في إسرائيل يضعون عيناً على الحرب والعين الأخرى على تطور دراماتيكي آخر في فيينا، التي يمكن فيها أن يوقع في هذا الاسبوع الاتفاق النووي الجديد بين إيران والدول العظمى. مؤخراً حدث تقدم في الاتصالات التي لن يكون إجمالها المحتمل مرضياً لإسرائيل. ولكن هنا ايضا توجد علاقة معينة بما يحدث في اوكرانيا. فالعلاقات بين موسكو وواشنطن لم تكن بهذا القدر من التوتر منذ تفكك الاتحاد السوفييتي في بداية التسعينيات. فهل الولايات المتحدة والصين وروسيا يمكنها بشكل عام تنسيق موقف مشترك أمام إيران في هذه الظروف؟
وقال وزير الخارجية الروسي، سرجيه لافروف، أول من أمس، إن بلاده تريد ضمانات من الولايات المتحدة بأن لا تمس العقوبات التي تم فرضها عليها بسبب قضية اوكرانيا علاقاتها الاقتصادية مع إيران. موسكو، مثل طهران، تعول على الأموال الكثيرة التي ستأتي اليها بعد رفع العقوبات عن إيران عند التوقيع على الاتفاق النووي الجديد. ولكن اذا دخلت العقوبات الجديدة الى حذاء العقوبات القديمة وتم منع التجارة الإيرانية مع روسيا (هذه المرة بالاتجاه المعاكس) فان روسيا لن تربح أي شيء. هذا الموقف يعقد وضع المفاوضات في فيينا في اللحظة الأخيرة. مع ذلك، من غير المؤكد أنه طُرح رغم استياء بينيت.

عن "هآرتس"